هاجر بورقيبة: على المرأة التونسية أن تناضل من أجل الحفاظ على مكتسباتها

قالت هاجر بورقيبة أن ضرب حقوق المرأة التونسية محاولات فاشلة لأن لديها من القوة والمعرفة ما يجعلها مدافعة شرسة عن حقوقها ومكتسباتها التي ناضلت لأجلها منذ أكثر من 60 سنة.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ دعت هاجر بورقيبة التونسيات إلى اليقظة للتصدي لجميع المحاولات التي تستهدف مكاسبهن وحقوقهن ومحاولات تغيير النمط المجتمعي عبر العديد من الآليات منها منع الاختلاط وإدراج الزواج العرفي.

وتحدثت هاجر بورقيبة في حوار مع وكالتنا عن وضع المرأة التونسية، وما يجب عمله للوصول بها إلى مراكز صنع القرار في ظل العقلية المسيطرة.

 

أثارت موجة التهديدات التي تستهدف حقوق المرأة في السنوات الأخيرة استياء الناشطات في مجال حقوق المرأة وتعالت أصوات متشائمة من تردي وضعها... فما رأيك بذلك؟

على العكس أنا متفائلة بوضع المرأة التونسية لأنها محمية بالقانون وهو واضح ويشمل كل ما يتعلق بالحفاظ على كرامتها والتصدي للعنف المسلط ضدها أو حقها في الأجر اللائق، وما هو جيد أيضاً أن المجتمع التونسي ككل يدرك أنه لا مجال للتلاعب به تحت أي ظرف من الظروف.

وأعتبر أن جميع محاولات ضرب حقوق المرأة ومكاسبها يمكن وصفه بمجرد تجارب فاشلة لا يمكن إعارتها أي أهمية، لقد احتلت المرأة العديد من مراكز صنع القرار وأصبحت ركيزة أساسية لأسرتها.

 

تجمع التونسيات على أن القانون التونسي في واد والذهنية في واد آخر... فما رأيك؟

يجب ألا نتغافل عن الحفاظ على حقوق المرأة لأن الذهنية الذكورية لا زالت موجودة ومتغلغلة في المجتمع التونسي ولابد من التصدي لدعاة العودة بالمرأة إلى الوراء لأن البعض يستبطنون دونية المرأة وإنها أقل من الرجل، ولكن أثبتت المرأة اليوم عكس ذلك فهي تعمل مثلها مثله وتساهم في ميزانية العائلة وبالتالي يجب إيقاف العنف المسلط ضدها من قبله والعمل على الحد منه ببعث خلايا انصات للنساء والتكثيف من التوعية.

ورغم أن البعض يعتقد أنه يجب العمل على تغيير العقليات ثم سن القوانين إلا أن تونس اختارت العكس، لأنه لو لم يتم على سبيل المثال سن قانون منع تعدد الزوجات لما كانت كرامة المرأة محفوظة ولا كرامة الأبناء أيضاً، ولو لم يتم إلزام تعليم الفتيات في تونس ومعاقبة الأب الذي يحرم ابنته من التعليم لما كانت المرأة التونسية متعلمة وصاحبة شهادة وتقود الطائرة وتترأس الحكومة وتدلي بدلوها في الداخل والخارج والجميع يحترم رأيها ويبارك عملها.

ولكن في بعض المسائل الأخرى على غرار العنف المسلط ضدها وعدم المساواة في بلوغ مواقع القرار لا زالت المرأة تعاني وتحتاج لتغيير العقليات لتتماشى مع القوانين، وتغييرها برأيي يأتي باللقاءات المباشرة مع المرأة والرجل في آن واحد والتفسير وتبسيط المعلومة لأنه من الصعب تغيير رواسب سنوات من العادات والمعتقدات بسهولة والتغيير في اعتقادي يحدث جيلاً بعد جيل فتتغير تبعاً لتلك العقليات.

 

كيف تقيمين وضع المرأة في المشهد السياسي؟

وضع المرأة التونسية في المشهد السياسي ليس بسيء فهي رئيسة حكومة وهي أيضاً رئيسة حزب وهي رئيسة منظمة في انتظار تحقيق مبدأ التناصف في البرلمان ويمكن أن يتطور تواجدها أكثر لو تم تطبيق مبدأ تقاسم الأدوار داخل الأسرة فيصبح الزوج مسؤولاً أيضا على المنزل وعلى تربية الأبناء طالما أنها تعمل وتساعده على الإنفاق، كما يجب أن تتوفر الإرادة السياسية التي تفرض تطبيق القانون وسن قوانين تمهد الطريق لممارسة المرأة للسياسة.

 

تشاركين في اللقاءات النسائية والاحتجاجات والاعتصامات... فلماذا تغيبين عن المشهد السياسي؟

لقد شاركت في العديد من الاجتماعات الحزبية والتقيت العديد الأشخاص ولكني لم أجد الحزب الذي يهتم فعلاً بمصلحة البلاد، فجميع الأحزاب مبنية على خدمة أشخاص، وبناءً عليه اخترت الانخراط في العمل الخيري عن طريق منظمات وجمعيات تحمل نفس الأهداف ومساعدة بعض الفئات الاجتماعية المحتاجة في المناسبات التي تتطلب تضامنا من المجتمع المدني على غرار التنقل إلى الجهات المهمشة والمحرومة لمساعدتهم على تجاوز بعض الصعوبات والعناية بأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وأقوم بلقاءات تحسيسية تثقيفية لتغيير العقليات  وأدعو المنظمات والجمعيات إلى التركيز على المرأة بالمناطق النائية ومساعدتها على تجاوز الصعوبات التي تواجهها على غرار الفقر والقيام بالأعمال الشاقة.

 

بماذا تنصحين المرأة التونسية في مثل هذه الظروف؟

عندما تمر البلدان بأزمة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية على غرار تونس بعد 2011 تضعف المجتمعات وتسود الفوضى ويصبح التفكير في المعيش اليومي المهدد أكثر أهمية من مسائل أخرى على غرار الحقوق والحريات وتصبح المرأة منشغلة أكثر بالحفاظ على عائلتها وتوفير القوت وتلبية الحاجيات ويتولد الشك في المكتسبات والمعتقدات وهذا يحدث حتى في المجتمعات المتقدمة ولكن كل شيء سوف يزول بزوال أسبابه ولن تتحقق أحلام النفوس المريضة مع عودة البلاد إلى المسار الصحيح ومع عودة إنعاش الاقتصاد وتجاوز الأزمة الخانقة التي يعيشها.

وعلى المرأة التونسية أن تناضل من أجل الحفاظ على مكتسباتها وأيضاً المطالبة بحقوقها شأنها شأن النساء في جميع بقاع العالم وأن تعمل على تحسين وضعها الاقتصادي والتمسك بالارتقاء في سلم التعليم ونيل الشهادات العليا لأنه كلما كانت مستقلة مادياً كلما كانت أقوى، وعليها رفض العنف المسلط ضدها وجميع أشكال التمييز وتطالب بالمساواة التامة على غرار المساواة في الإرث لأنه من غير المعقول أن تنفق المرأة على الأسرة مثلها مثل الرجل وأحيانا أكثر ولا تحصل على الميراث مناصفة وعموماً يجب أن تكون المرأة دائماً يقظة للتصدي لمشاريع النيل الممنهج لمكتسباتها.