غزة... رغم أنف الحرب النساء تتحدين الصعوبات لتأمين احتياجاتهن
تواجه النساء الفلسطينيات صعوبات عديدة تثقل العبء على كاهلهن تحت وطأة الحرب المستمرة على القطاع ولا سيما تأمين الخبز والغذاء اليومي وسط انقطاع إمدادات الكهرباء والمياه النظيفة والرعاية الصحية.
نغم كراجة
غزة ـ تتعرض الفلسطينيات في أعقاب الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ ما يقارب خمسة أشهر على غزة لمعاناة مضاعفة، فاقمتها الحاجة الملحة لتأمين الغذاء، وتوفير لقمة العيش، وسط تحديات الحياة اليومية وتصاعد وتيرة الفقر والمجاعة وانقطاع سبل الحياة، ذلك جعلهن تتكيفن قسراً مع الوضع المأساوي ووطأة المسؤوليات المتراكمة عليهن.
بينت الفلسطينية سماهر شويخ أن جميع النساء في قطاع غزة تواجهن أوضاعاً كارثية للغاية منذ بداية السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي، وتقمن بتلبية احتياجاتهن وتأدية مهامهن في ظروف قاسية لا تتلاءم مع قدراتهن الجسمية والنفسية تحت القصف المتواصل ومعاناة النزوح؛ لمجابهة سياسة التجويع التي شنتها إسرائيل "نواجه انتهاكات الاحتلال المستمرة بكل ما أوتينا من قوة وصمود، حيث لا خيار آخر لدينا في ظل غياب العدالة والقوانين الدولية والصمت العالمي".
وقالت "أدنى المقومات المعيشية والحياتية غير متوفرة في القطاع حتى رغيف الخبز أصبح الحصول عليه مستحيلاً بسبب استهداف المخابز ومنع دخول الدقيق عبر المعابر منذ شهرين تقريباً، لذلك اضطرت النساء للبحث عن بديل آخر وهو طحن أعلاف الحيوانات والدواب ومن ثم عجنه وخبزه؛ لسد جوع أطفالنا"، متسائلةً "من يقبل على نفسه أن يطعم أطفاله خبز مصنوع من دقيق الدواب؟"، مؤكدة أن الصمت العربي زاد من مأساة الأوضاع القاسية والمتردية "إن لم نمت من هجمات وغارات الاحتلال الإسرائيلي سنموت من الفقر من الجوع".
وأكدت أن النساء غير قادرات على تأمين الطعام الصحي لأطفالهن، حيث تشهدن انقطاعاً مستمراً للمساعدات وشح المواد الغذائية الأساسية، فتجدن أنفسهن مضطرات للاعتماد على موارد محلية محدودة من بينها اللجوء إلى طحن الأعلاف المخصصة للحيوانات واستخدامها في صنع الخبز "هذا الخيار يعكس الواقع المؤلم الذي نعيشه ونأمل بدعم شامل وفوري؛ لتحسين حياة النساء والأطفال في قطاع غزة".
وأوضحت أنها تقوم يومياً من فجر الصباح تبحث عن الحطب في المناطق المجاورة؛ لتسد جوع أطفالها "جمع الأخشاب وتقطيعه مهمة شاقة ومرهقة لأي امرأة، حيث تتطلب قوة جسدية وجهود فائقة علاوة على ذلك أصبح من الصعب إيجاد الخشب بسبب كثرة استعماله، نظراً لأن النساء تأدين جميع مهامهن على النيران في ظل انعدام الغاز بشكل كلي".
وأكدت أنها مضطرة للطهي على النار من أجل تأمين متطلبات أسرتها بالرغم من خطورة الأدخنة السامة التي تستنشقها، مما يحدث تلوث بيئي يهدد صحة الأسرة "أقوم بحرق النايلون والبلاستيك لإشعال الحطب بسرعة وأحاول إبعاد الأطفال عن هذه المنطقة بسبب تكاثف الغازات الضارة، كما يتوجب الوقوف بجانب النار فترات طويلة؛ لمراقبتها".
وأشارت إلى أنها تعاني من مشاكل صدرية ورئوية بسبب استنشاقها الأدخنة السامة لساعات خلال فترة إشعال الحطب، كذلك تعرضت لحروق عدة أثناء إعدادها الطعام والخبز على النار "هذه الأوضاع القاسية تركت آثاراً نفسية وجسدية واضحة في حياتي، تدهورت أحوالي بشكل كبير لمجرد محاولتي تأمين الغذاء الكافي لأسرتي".
وقالت أن النساء الفلسطينيات تعشن تحت ضغط مستمر وضغوطات نفسية شديدة حيث يتعذر عليهن تأمين الخبز والطعام يومياً؛ بسبب غلاء أسعار المواد التموينية، وانعدام الإمكانيات، والإمدادات الحياتية، وذلك يفاقم معاناتهن ويبرز مدى حاجتهن الملحة إلى الدعم الإنساني والإغاثي لهن ولعائلاتهن "قصتي جزء من واقع مأساوي تعيشه جميع النساء في القطاع، وبرغم كل المشاكل والصعوبات التي نواجهها في تأمين الاحتياجات اليومية الأساسية إلا أن هذه التحديات تعكس صمودنا وقدراتنا على مواجهة سياسات وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة، بكافة الوسائل الممكنة لدينا من أجل الحفاظ على كرامتنا وتوفير قوت عوائلنا".
وناشدت سماهر شويخ "أناشد باسم كل امرأة في قطاع غزة المجتمع الدولي بالتدخل العاجل والنظر في الأزمة الإنسانية الصعبة التي تعيشها النساء؛ للتخفيف من حدة المعاناة وتوفير المساعدات اللازمة، والحماية الخاصة لهن كحقوق أساسية وشرعية كفلتها حقوق الإنسان والمرأة"، مشددةً على أهمية الاستجابة لمطالب النساء واحتياجاتهن واعتبارها ضمن الأولويات الإنسانية.