غزة... المخيم النسوي الشتوي يساند النساء ويمكنهن اقتصادياً

تعيش المرأة في المناطق الفقيرة أعلى درجات الظلم والعنف والحرمان من أغلب الحقوق الأساسية لكن منهاج بعض الأسر المتشددة هو طمس آراء النساء ووضعها في دائرة محدودة ممنوع تعديها وتخطيها.

نغم كراجة

غزة ـ يسعى المخيم النسوي الشتوي إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية والنفسية للنساء والفتيات في ظل الظروف التي تعشن فيها، وخلق مساحات آمنة لهن تسهم في تخفيف وطأة الضغوطات النفسية والأزمات الاقتصادية.

يهدف المخيم النسوي الشتوي الذي انطلق من قبل مركز تمكين المرأة والمجتمع، لتمكين النساء الفلسطينيات اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً، وإمدادهن بالبرامج التوعوية والخدمات التنموية التي ترسخ مبدأ الاعتماد على الذات، وخدماتها تستهدف النساء ذوات الدخل المحدود واللواتي تعشن في بيئة فقيرة، من أجل النهوض بمستواهن في المجتمعات.

ووضع المركز خطة سنوية تتضمن تدريبات فنية ومهنية وتوعوية، وعلى رأس هذه الأنشطة المخيمات النسوية الشتوية التي تحتضن النساء لتمكينهن كونهن تقطنّ في بيئة مليئة بالضغوطات النفسية والمشاكل الاقتصادية الصعبة، ولإكسابهن مهارات وخبرات حياتية والتخفيف من وطأة الضغوط.

قالت نائبة مركز تمكين المرأة والمجتمع صباح ياسين إن "المخيمات النسوية تعد من أساسيات أنشطة المركز، والتي بدأت في كانون الثاني 2023، حيث يهدف المخيم النسوي إلى تلبية احتياجات ومتطلبات النساء خاصة في المناطق المهمشة والتي تفتقر إلى الخدمات"، موضحةً أن النساء الفلسطينيات لا زلن تعشن تحت ضغوطات حادة وبيئة معنفة وغالبيتهن لا تستطعن البوح بما تعشنه.

وأضافت "نعمل جاهدين إلى تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً من خلال فتح دورات تدريبية ومهنية في المخيم، كذلك دعمها نفسياً لتقوية شخصيتها وزيادة ثقتها بذاتها، ونسعى إلى التشبيك مع المؤسسات النسوية والخارجية بحيث يتم توسيع البرنامج وتطويره من أجل خدمة النساء والوصول لأكبر شريحة ممكنة".

 

 

ومن جانبها أوضحت منسقة الإعلام فتحية صباح إن نجاح فكرة المخيم الشتوي ومدى حاجة النساء والفتيات إلى تنفيذه، دفعهم إلى وضع خطة لتنظيم مخيم نسوي آخر في موسم الصيف "نقدم برامج المخيم بما يتلاءم مع الفئة العمرية للنساء والفتيات، كما نحاول تقديم أهم الدورات التدريبية والجلسات التوعوية التي تحتاجها كل فئة منها الخياطة، والتطريز، وصناعة المخمريات".

وأوضحت أن المخيم أسهم في تغيير بعض المفاهيم الخاطئة التي يترتب عليها مخاطر جسيمة كالزواج المبكر والحرمان من التعليم حيث أن الكثير من الأسر تعتقد أن الفتاة لها سن معين لتزويجها وفي حال تخطت سن الثامنة عشر تعتبر في نظرهم عالة عليهم، كذلك يعمل المخيم على تشجيع النساء على العمل والإنتاج والخروج من القوقعة المجتمعية المقيدة التي تفرض عليهن البقاء في المنزل للخدمة والرعاية فقط "استقطبنا أكثر المناطق المهمشة والتي تغزوها العادات والتقاليد البالية بهدف تغيير الأفكار النمطية التي يتأثر فيها الأجيال القادمة".

 

 

وقالت إحدى المشاركات في المخيم النسوي رضا محمود البالغة من العمر 30 عاماً "لقد كانت فكرة المخيم نوعية وجديدة على مسامعنا في المنطقة التي نقطن فيها كونه مخصص للنساء فقط مما جعلني أبادر فوراً بالتسجيل والانضمام إلا أنني سمعت أحد الجيران ينتقد الفكرة ذاتها من باب الاستهزاء والسخرية وهذا يعود إلى عقيدة البيئة المجحفة التي ترى أن المرأة مكانها الرئيسي هو المنزل".

وأوضحت أن المخيم منحها الفرصة أن تتعلم الخطوات الأولى في مجال الخياطة، ليصبح في المستقبل القريب مصدر دخل لها لذلك قامت بالتسجيل في الدورة التدريبية لامتهان الخياطة في المركز التي تستغرق ثلاث أشهر "لابد أن تكون المرأة ملهمة ومنتجة في ذات الوقت حيث أتاح المخيم فكرة استكمال تعلم الخياطة باحتراف من أجل خلق مصدر دخل يلبي متطلباتي واحتياجاتي، ويعيل أسرتي في ظل الظروف الصعبة".

وعبرت رضا محمود عن ارتياحها التام في المخيم النسوي حيث اكتسبت طاقة إيجابية ومهارات جديدة، وصقلت شخصيتها للأفضل، إضافة إلى توعيتها وتثقيفها حول الظواهر الشائكة مثل الزواج المبكر وحرمان الفتيات من التعليم وحرية التعبير عن الرأي وتعديل المفاهيم البالية والتي تمكنت من تجاوزها كحقها في العمل وتطوير ذاتها من خلال التدريب والتعليم "الآن لدي رؤية جديدة حول بعض المواضيع التي تتواجد في أغلب الأسر تبعاً لما ورثناه من العادات البالية والتي تظلم الفتيات وتنتزع حقوقهن".