غزة... الأوضاع الإنسانية والصحية بلغت حد الكارثة

تفاقمت المعاناة الإنسانية والأوضاع الصحية للنساء والفتيات في قطاع غزة، في ظل استمرار الحرب بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس التي أسفرت عن قطع الإمدادات الحياتية والأساسية وتدمير البنى التحتية للمنظومة الطبية.

نغم كراجة

غزة ـ مع استمرار الحرب بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس في غزة لشهرها الخامس، الأوضاع الإنسانية والصحية للسكان تتفاقم خاصة النساء والفتيات حيث تواجهن تحديات هائلة نتيجة الاشتباكات المستمرة التي تسببت بنقص الإمدادات الحياتية والمستلزمات الطبية وانهيار البنية التحتية للمنظومة الطبية.

في ظل استمرار الحرب والحصار الخانق على قطاع غزة أكدت الطبيبة عايدة روقة أن النساء والفتيات تعشن تحت وطأة أزمة صحية خانقة تتمثل في صعوبة الوصول إلى العلاجات وسبل الرعاية والمتابعة الطبية، لتضعهن في مواجهة الخطر الحقيقي لحياتهن وتزيد أوجاعهن وتتفاقم معاناتهن "في ظل الحصار خرجت المستشفيات والعيادات عن الخدمة لتواجه النساء والفتيات عراقيل وتحديات في الحصول على الرعاية الطبية الضرورية وكذلك ارتفاع ثمن العلاج، فقد فارقت ما يزيد عن 2000 امرأة وفتاة الحياة نتيجة الإهمال الطبي".

وأوضحت أنه "مع انعدام الأمان وانهيار البنية التحتية لقطاع الصحة، تضطر النساء والفتيات في غزة إلى مواجهة تحديات للوصول إلى العلاج، كما تواجهن نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يجبرهن ذلك على البحث عن بدائل مكلفة وغير مضمونة واللجوء لسوق السوداء لشرائها بأثمان خيالية، حيث ارتفعت أسعار الأدوية إلى مستويات لا تُطاق".

ولفتت إلى أن "النساء والفتيات في قطاع غزة تتعرضن لمخاطر صحية جسيمة، حيث استقبلنا أعداد كبيرة لإصابات بالغة وحروق من درجات مختلفة وصلت للخطيرة نتيجة القصف الجوي والمدفعي المتواصل، هذه الإصابات ستؤدي إلى تشوهات دائمة وهي بحاجة ماسة للعلاج والتأهيل، كما تتزايد حالات الإصابة بالأمراض المزمنة نتيجة للتوتر النفسي الناجم عن الظروف القاسية مثل الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم، من المؤسف أن أدنى المقومات الطبية الضرورية غير متوفرة في المستشفيات، وتجرى العمليات الجراحية للنساء والأطفال بدون تخدير وهذه أبشع ما يمكن أن يذكر في تاريخ الطب البشري".

وأضافت أن "غالبية النساء والفتيات اللواتي أصبن جراء القصف المدفعي والجوي لم تتمكن الكوادر الطبية من إخراج الرصاص أو شظايا القذائف من أجسادهن ليتم تأجيل هذه العمليات برغم خطورة وضعهن إلى حين انتهاء الحرب نظراً لكثرة الإصابات وقلة الإمدادات الطبية"، مشيرةً إلى أن قسم الجراحات في جميع المستشفيات داخل قطاع غزة لا يعمل بحسب البروتوكولات الدولية المعروفة.

وأكدت أن "سلسلة الانتهاكات وصلت إلى حصار المستشفيات بالكامل بالإضافة لإعاقة حركة الكوادر الطبية والنازحين، الأمر الذي تسبب في تردي الأوضاع الإنسانية والصحية بشكلٍ غير مسبوق، إلى جانب ذلك منع الجرحى من السفر لتلقي العلاج خارج القطاع دون ذكر أسباب منطقية، مضيفةً أن "وزارة الصحة الفلسطينية أبلغت عن انتشار التهاب الكبد الوبائي فصيلة (A)".

وأكدت أن النساء والأطفال هم الفئات الأكثر عرضة للأمراض المعدية والأوبئة في مراكز الإيواء وأماكن النزوح على وجه الخصوص "بعد الإحصائيات الطبية تبين أن نسبة الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي تتجاوز 70% وجلهم من النساء والأطفال، والمدنيين سيعانون كارثة صحية جسيمة للغاية ليس من السهل حلها".

وعن وضع النساء الحوامل قالت "تواجهن صعوبات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة كما تعشن حالة من التوتر والخوف على صحتهن وسلامة أجنتهن، حيث تفتقر المستشفيات والعيادات للتجهيزات والكوادر الطبية المطلوبة، مما يضع صحة الأم وجنينها في خطر محدق، ويتعرض الأطفال والمواليد الجدد لخطر شديد مثل ضعف المناعة وخلل في عملية النمو نتيجة نقص الغذاء الضروري وسوء التغذية".

وخلال عملها أكدت عايدة روقة أن أغلب الضحايا هم من النساء والفتيات "حينما كنت أجهز الأكفان تفاجئت بأن نسبة كبيرة من القتلى هم نساء وكأن الحرب تقصدت بجرائمها إعدام المرأة الفلسطينية وقطع أواصرها، وهذا يؤكد أن المرأة تدفع الجزء الأكبر من فاتورة النزاعات والحروب".

وشددت على ضرورة تسليط الضوء على صرخات الفلسطينيات في غزة ووضع حد لمعاناتهن "بالرغم من كل المحاولات التي قمنا بها للفت انتباه العالم لأوجاع ومعاناة النساء وتعرضهن لكل أشكال العنف طيلة الحرب، لكن ذلك كان دون جدوى لم نرى أي تحرك عاجل لهذه الحالات الإنسانية، ومع ذلك نعمل بكل جهد للتخفيف من حدة الأوضاع الراهنة ومواصلة نقل الواقع المؤلم الذي تعيشه الفلسطينية إلى العالم".

وأكدت "تبقى حاجة النساء والفتيات في قطاع غزة إلى الرعاية الصحية الطارئة والعلاج الضروري واستمرار الدعم الدولي ضرورة ملحة، يجب على المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب المدنيين المحاصرين والمتضررين  من هذه الحرب، وإطلاق هدنة طويلة الأمد بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب".

وفي ختام حديثها قالت عايدة روقة إن "الأوضاع الصحية المأساوية في غزة تتطلب تحركاً فورياً من المجتمع الدولي لتقديم الدعم الطبي والإنساني اللازم، وضمان وصول الأدوية والعلاجات إلى المرضى والمصابين دون عراقيل أو تأخير، وعليه أيضاً أن يتحمل مسؤولياته الإنسانية ويضع حداً لمعاناة المدنيين التي فاقت التوقعات".