نغم كراجة

غزة ـ يتعرض سكان شمال غزة لموجة من الضغوط النفسية والترهيب جراء الإخلاءات المكثفة التي تقوم بها القوات الإسرائيلية منذ قرابة أسبوع، حيث تشهد المناطق السكنية في شمال القطاع عمليات إلقاء مناشير ورقية والاتصالات الهاتفية المتواصلة التي تطالب السكان بالنزوح الفوري جنوباً، مما يزيد من توترهم ويفاقم الأزمة الإنسانية وخاصة بين النساء والأطفال فهم الأكثر تأثراً بهذه الأوضاع، ويواجهون رعباً يومياً لا يعرفون معه طعماً للأمان.

هروب إلى مصير مجهول

رغدة حجازي، أم لسبعة أطفال، تروي قصة معاناتها التي بدأت منذ حرب السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ولكنها اشتدت خلال الأسبوع الماضي "نحن نعيش في مركز إيواء منذ أن بدأت القوات الإسرائيلية في إخلاء منطقتنا، ولكن حتى هنا لم نكن في مأمن، وقبل أيام، داهمت القوات المنطقة برياً مما استدعى خروجنا مرة أخرى تحت وابل من النار، لم يكن لدينا الوقت للتفكير أو لجمع أشيائنا، أخذت أطفالي السبعة وركضنا دون أن نعرف وجهتنا، كانت التجربة مرعبة للغاية".

وعن شعورها باليأس والحزن قالت "لقد ذقت الويلات من كثرة النزوح وشدة القصف، لا أستطيع النوم ليلاً خوفاً من مداهمة القوات أو قصف المكان الذي نزحنا إليه، أحياناً أشعر بأنني لا أتمكن من التنفس لشدة الخوف والقلق، ولا يمكننا النزوح جنوباً، فالممرات ليست آمنة والمنطقة الجنوبية مكتظة للغاية، إذا نزحنا هناك، سنفترش الطرقات أنا وأطفالي".

وأضافت "الأطفال في حالة نفسية سيئة، حيث أنهم يقضون ليلهم بالبكاء والشعور بالخوف، والنساء تعشن كابوساً مستمراً، نحاول حماية أطفالنا في ظل ظروف قاسية لا ترحم، لا يمكنني توفير الأمان لهم ولا حتى الاحتياجات الأساسية، نحن نعيش في حالة من العجز والإحباط المستمر".

وأكدت أن النساء في غزة تتحملن العبء الأكبر من النزاع، وتواجهن تحديات نفسية وجسدية هائلة في سعيهن لحماية أسرهن وضمان بقائهن على قيد الحياة.

 

 

 صمود في وجه الموت

تروي سماهر البلبيسي تجربتها القاسية بعد نزوحها من حي الشجاعية، وتقول "لقد نزحنا من حي الشجاعية بعد مداهمته أكثر من مرة، وقررت عدم الانصياع لأوامر القوات بعد إرهاقي من النزوح المتكرر، لم يعد هناك مكان نذهب إليه، فاضطررت أن أواجه الموت برفقة عائلتي رغماً عنا؛ لأن الظروف كانت أقسى من الواقع المرئي للعالم، شمال غزة يواجه حرب إبادة، المجاعة والمداهمات البرية والجوية المكثفة تجعل الحياة هنا لا تطاق".

وأشارت إلى معاناة النساء في غزة "النساء هنا تعانين بشدة، نحن نعيش في خوف دائم لا يمكننا توفير الأمان لأطفالنا ولا نعرف ماذا سيحدث من لحظة إلى أخرى، نشعر بالعجز واليأس، ولا نرى نهاية لهذا الكابوس، الأطفال يحتاجون إلى مكان آمن يمارسون فيه أدنى حقوقهم، ولكن كل شيء حولنا مدمر".

وأضافت "في كل مرة نسمع فيها صوت القذائف أو نرى الطائرات تحلق في السماء، يتجمد الدم في عروقنا، والأطفال يختبئون تحت الطاولات وفي الزوايا، يبكون ويصرخون، الوضع لا يحتمل، نحن هنا نعيش كل يوم وكأنه الأخير".

ولفتت إلى أن النساء في غزة تتحملن عبء العائلة بشكل كبير "نحن نحاول الحفاظ على تماسك الأسرة وتوفير الرعاية للأطفال في ظل ظروف مستحيلة، الكثير منا فقد أزواجهن أو أفراداً من العائلة، ونحن الآن نتحمل المسؤولية، وبحاجة إلى الأمان والاستقرار، ولكن هذا يبدو حلماً بعيد المنال".

في ظل هذه الظروف القاسية، يعيش سكان شمال قطاع غزة حالة من الرعب والضغط النفسي المستمر، خاصة النساء والأطفال الذين يجدون أنفسهم في مواجهة واقع مرير وظروف إنسانية صعبة، وتشهد المنطقة حرب إبادة ومجاعة ومداهمات برية وجوية مكثفة، مما يستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً للتخفيف من معاناتهم وضمان سلامتهم، وهذه الشهادات الحية تكشف عن معاناة النساء في غزة وتوضح الحاجة الملحة إلى تدخل دولي لإيقاف هذه الأوضاع الإنسانية الكارثية.