غلاء وسائل التدفئة... يرهق نازحات في إدلب ويدفعهن لبدائل ضارة

تهدد الأضرار الناجمة عن الأبخرة والغازات المتصاعدة من احتراق المواد البديلة للتدفئة على صحة النازحات وأطفالهن وخاصة صحة الجهاز التنفسي.

هديل العمر

إدلب ـ مع اشتداد الصقيع وموجات البرد هذا العام، تعجز الكثير من النازحات عن تأمين وقود التدفئة جراء الفقر وضعف إمكانياتهن المادية، ما يدفعهن للبحث عن بدائل تمثلت بجمع مخلفات الكرتون والبلاستيك والنايلون.

قالت حياة الجدوع (35) عاماً، إن أسعار المحروقات مرتفعة جداً هذا العام مقارنة مع الأعوام السابقة، لذلك لجأت لإشعال مواد ضارة مثل الكرتون والبلاستيك، والنايلون وبقايا النفايات في ظل الفقر الذي بات يلازمهم باستمرار وسط قلة فرص العمل.

وبينت أنها قضت في المخيم 5 سنوات، منذ نزوحها الأخير عن قريتها حاس جنوب إدلب، وكل عام يمر عليها الشتاء أسوأ من سابقه، فلا تطورات إيجابية تطرأ على حياتهم البائسة سوى زيادة الفقر والغلاء والحاجة وسط ضعف استجابة الجهات المانحة في دعم حتى مواد التدفئة.

أما النازحة رنا البكور (37) عاماً أبنائها الأربعة مصابين بأمراض الربو المزمن لأنها تضطر "لإحراق مواد ضارة للتدفئة في الشتاء، كالبلاستيك وبقايا الإطارات القديمة التي تجمعها من مكبات النفايات ما يعرض الأطفال لمخاطر كبيرة وتلجأ في كل مرة لإسعافهم للمشافي لتلقي العلاج.

وقالت أنها تدرك أضرار تلك المواد على صحتها وصحة أبنائها غير أنها لا تجد سبيلاً آخر لبعث بعض الدفء في خيمتها القماشية الباردة والواقعة في جبال كللي في الشمال السوري.

وأضافت "تدفعني موجات الصقيع التي تضرب المنطقة مع تدني درجات الحرارة لما دون الصفر المئوية خلال ساعات الليل، لحرق ما يمكنني جمعه من الحاويات ومكبات النفايات بعد رحلة يائسة للبحث عنها طوال اليوم، وليس هو حالي فقط وإنما حال الغالبية العظمى في المخيم، وهو ما يؤدي لتشكل جو من الأدخنة والروائح الكريهة التي تعم المخيم كل مساء".

لا تجد رنا البكور أن إسعاف أطفالها للمشافي يمكن أن يفيد طالما أسباب المشكلة قائمة وهي صعوبة توفير مواد التدفئة وسط الفقر وقلة الدعم، إذ لم تتلقى دعماً لتأمين التدفئة منذ نزوحها الذي قارب عامه السادس، في الوقت الذي ضاقت الحياة بالنازحين وباتوا غير قادرين على تحمل نفقات مواد التدفئة والغذاء وحتى الخبز.

وحذرت الطبيبة الأخصائية بأمراض الأطفال هنادي الطعمة من استخدام مواد تدفئة غير صحية ينتج عنها غازات سامة وأدخنة على صحة الجهاز التنفسي، وخاصة بالنسبة للأطفال المصابين بالأمراض التنفسية المصاحبة لحلول فصل الشتاء، ومنها نزلات البرد والزكام، والانتانات والاختناق والتهاب القصبات والشعب الهوائية.

وتزامنت أزمة حلول الشتاء مع ارتفاع ملحوظ في أسعار المواد الغذائية والتموينية في مناطق إدلب وريفها، ما يزيد من الأعباء على كاهل النازحات بشكل كبير، لا سيما مع تراجع قيمة صرف الليرة التركية المعتمدة في الشمال السوري، مقابل الدولار الأميركي.

وقال فريق "منسقو استجابة سورية "إنهم يخشون من تسجيل حالات وفيات بين الأطفال وكبار السن في ظل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة، وخاصةً مع تسجيل عدد من الوفيات بين الأطفال خلال العام الماضي نتيجة الحرارة المتدنية".

وحذّر الفريق من زيادة الأمراض التنفسية بين النازحين، وخاصةً بين الأطفال وكبار السن، نتيجة الاعتماد على مواد للتدفئة غير صالحة، مثل المواد البلاستيكية والأقمشة.