غلاء الأدوية يهدد حياة مريضات في إدلب
يشكل الارتفاع الكبير لأسعار الأدوية خطراً كبيراً على صحة المريضات في إدلب، حيث لا تملكن ثمنه في ظل الفقر والوضع المعيشي المتردي الذي تعشنه.
لينا الخطيب
إدلب ـ يثير ارتفاع أسعار الأدوية في إدلب بنسب كبيرة، مخاوف الكثير من النساء حول الآثار التي ستترتب على المريضات في منطقة يعاني معظم سكانها من الفقر والنزوح وقلة الأجور وانخفاض المستوى المعيشي.
كريمة زكور (49) عاماً نازحة في مخيم حربنوش شمالي إدلب تعاني من مرض الربو التحسسي، وتعجز في الآونة الأخيرة عن شراء أدويتها، وعن سبب ذلك قالت "تعد أسعار الأدوية مرتفعة مقارنة بالواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي في المنطقة، إذ يتراوح راتب زوجي بالمياومة بين 2-3 دولارات أمريكية يومياً، حسب المهنة وعدد ساعات العمل".
وأوضحت أنه "منذ مطلع العام الجاري ارتفعت أسعار أدويتي بما يقارب النصف، حيث كنت أشتري الدواء بحوالي 9 دولارات أمريكية، بينما ارتفع سعره اليوم إلى 15دولاراً".
الستينية فاطمة الحبوش نازحة من بلدة جرجناز إلى مخيم كللي شمالي إدلب، تعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، أما ابنتها وليدة السعيد البالغة من العمر 32 عاماً، فهي تعاني من مرض الصرع، وتحتاجان معاً لأكثر من 30 دولار أمريكي شهرياً لشراء الأدوية فقط، وعن معاناتها تقول "زوجي مسن وعاطل عن العمل، وبالكاد نتمكن من تأمين قوت يومنا وثمن الدواء من تبرعات الأقارب والجيران"، مؤكدة أنها لا تلتزم مع ابنتها في كثير من الأحيان بتناول الأدوية التي وصفها الأطباء بسبب عدم توفر ثمنها.
الشابة عبير الحسين (26) عاماً من مدينة إدلب، فقدت والدتها بسبب العجز عن شراء أدويتها، وعن ذلك تقول "كانت والدتي مريضة قلب، وتحتاج إلى الدواء باستمرار، ولكن الزيادات المتسارعة في سعر الدواء، جعلتها عاجزة عن الحصول عليه في الكثير من الأحيان، كما حاولنا اللجوء إلى المراكز الصحية والصيدليات المجانية دون جدوى، وقبل بضعة أشهر فقدت أمي الوعي نتيجة مرضها، وبقيت في المشفى لمدة يومين قبل أن تفارق الحياة"، مؤكدة أن غلاء الأدوية هو بمثابة حكم إعدام بطيء على أصحاب الأمراض المزمنة الذين يعيشون على الأدوية.
وأشارت إلى أن سوق الدواء في إدلب يشهد فوضى كبيرة واختلاف في أسعار البيع، بسبب عدم وجود آليات صارمة من قبل "حكومة الإنقاذ" التابعة لما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام" لمراقبة وضبط الأسعار سواء لدى البائع المباشر أو في مستودعات الأدوية المنتشرة في المنطقة "لا يلتزم بائعو الأدوية بالتسعيرة المسجلة على علبة الدواء، إذ يعملون على شطب الأسعار ويسجلون أسعاراً تحقق لهم أرباحاً إضافية".
من جهتها أوضحت الصيدلانية نور المعمار (43) عاماً من مدينة حزانو شمالي إدلب أسباب غلاء الأدوية "بعض الأدوية أرتفع سعرها منذ مطلع العام الحالي في منطقة إدلب ما بين 30 و40 بالمئة، لأسباب غير معروفة، ولكن بعضها تأثر بعدم استقرار قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأميركي، وخاصّة أن الأدوية التي يتم إنتاجها محلياً أو المستوردة من مناطق حكومة دمشق، يتم تسعيرها بالدولار الأميركي".
ولفتت إلى أن انقطاع بعض الأصناف الدوائية يعود إلى احتكار التجار المتحكمين بنقل الدواء، وامتناعهم عن بيع الكميات المتوفرة لديهم لأصحاب المستودعات، التي أوقفت بدورها بيع أصناف من الدواء للصيادلة، وذلك لبيعها لاحقاً بأسعار مضاعفة.
وأضافت "هناك عائلات كثيرة اليوم عاجزة عن شراء حتى أبسط أنواع الأدوية، وتلجأ لجمعيات خيرية للحصول على أدوية تركية قليلة الفعالية، أو منتهية الصلاحية، ناهيك عن أدوية الأمراض المزمنة، كأدوية القلب والكلى وغيرها"، مؤكدة أن عدم توفر الأدوية لهؤلاء المرضى سيؤدي إلى مضاعفات كبيرة على صحتهم.