في ظل ظروف اللجوء تحافظ النساء على إحياء ثقافة التنور

في ظل ظروف اللجوء، تحاول نساء مخيم مخمور بإقليم كردستان المحافظة على ثقافة صناعة التنانير التي تناقلنها من جيل لآخر كونها تُعتبر نقطة مشتركة لكافة الثقافات.

برجين كارا

مخمور ـ يحتفظ التنور بأهميته منذ اليوم الأول سواء بتاريخه أو بطعم ورائحة خبزه، ففي إقليم كردستان، لا يزال أفراد الأسرة والجيران يجتمعون ويواصلون هذا التقليد، خاصةً النساء تتجمعن حول التنور وتصنعن الخبز وتتحدثن وتشربن الشاي فتُعتبرن أيضاً جزءاً من هذا التقليد الذي انتقل من جيل لآخر.

التنور المصنوع من الطين إما يوضع تحت الأرض أو يصل ارتفاعه إلى ارتفاع الشخص، ويُصنع من تربة خاصة تتم غربلتها ويضاف إليها التبن وشعر الماعز أو القطن ويصنع الطبن، ثم يتم تجفيفه في الشمس، بعد ذلك يوضع تحت الأرض أو على مستوى الأرض ويُغلف بطبقة من الطين ليأخذ شكلاً معيناً.

لقد تم استخدام التنور في الجغرافيا الكردية منذ آلاف السنين، والعامل الرئيسي الذي يجعله شائعاً ومشهوراً جداً طبيعته وعمليته، وحتى اليوم، يعد التنور الأداة الرئيسية لإعداد الخبز في القرى.

صناعة التنور في ظروف اللجوء

وفي مخيم الشهيد رستم جودي للاجئين في مخمور تحافظ النساء على هذه الثقافة، ويجعل التنور رحلته إلى مخيم مخمور للاجئين مثيرة للاهتمام، حيث تلتقي الثقافات المختلفة في مكان مشترك، كولي جلي (80 عاماً)، هي إحدى النساء اللواتي تصنعن التنور في المخيم منذ سنوات، وتقوم بتعليم أبنائها وزوجاتهم كيفية صناعته من أجل الحفاظ على هذا التقليد ومواصلة سبل عيش أسرتها.

وأوضحت كولي جلي أنها تعلمت كيفية صناعة التنور في القرية "كنا نصنع التنور في القرية بمساعدة النساء لبعضهن البعض، فكل منا كانت تصنع تنوراً أمام منزلها وتذهب نساء القرية لمساعدتها، فبعد أن هُجرنا جئنا إلى المخيم ولم يكن لدينا أي شيء، لا خبز ولا صاج، لذلك كان ينبغي أن نوفر احتياجاتنا بأنفسنا".

خبز التنور تحت الأرض

وذكرت كولي جلي أنهم بدأوا في صناعة التنور من أجل تأمين قوت يومهم "في البداية، عندما أتينا إلى مخيم مخمور، قمنا بصناعة العديد من التنانير. صنعنا واحداً لأنفسنا والبقية لجيراننا، وبعد ذلك، ولتغطية نفقاتنا، صنعنا تنانير للبيع، وفي القرية، يضع بعضهم تنورهم تحت الأرض، والبعض الآخر على الأرض ويغلفون محيطه بالطين. خبز التنور الموجود تحت الأرض ألذ لأنه ينضج على مهل".

وعن صناعة التنور قالت "عندما أتينا لأول مرة إلى مخيم مخمور ولأنه لم تتح لنا الفرصة لجلب التربة من الخارج، قمنا بحفر الأرض وغربلة التربة، وبعد أن أتيحت الفرصة تدريجياً، تم بناء المنازل وطلبنا التربة من الخارج وأحضرناها، حيث نضيف الماء والتبن إليها، وبعد أن يتكون الطين نضيف إليه شعر الماعز، ثم نشكلها مثل العجينة على شكل كرات ونبني صفاً وننتظر حتى يتماسك، ثم نستمر على هذا المنوال حتى يأخذ شكل التنور".