في ظل غياب الرعاية الصحية... معاناة مريضات السكري تتضاعف
يزداد عدد النساء المصابات بمرض السكري، في ظل عجزهن عن الحصول على الرعاية والدعم المستمرين لتحسين حالتهن الصحية وتجنب مضاعفات المرض الخطيرة.
هديل العمر
إدلب ـ تعتبر مريضات السكري في الشمال السوري من بين الفئات التي تعاني للحصول على الرعاية، لا سيما أنهن تعشن وسط ظروف صعبة، أبرزها النزوح والفقر وعدم القدرة على توفير الأدوية والعلاج.
يعرف مرض السكري بحسب منظمة الصحة الدولية على أنه مرضاً مزمناً يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج الإنسولين بكميات كافية، أو عندما يعجز الجسم عن الاستخدام الفعّال للإنسولين الذي ينتجه.
والانسولين هو هرمون يضبط مستوى الغلوكوز في الدم، وهو يمدّ الخلايا التي تتكوّن منها الدماغ والعضلات والأنسجة بالطاقة، وفرط السكر في الدم، الذي يُعرَف كذلك بارتفاع مستوى الغلوكوز في الدم، من النتائج الشائعة الدالة على خلل في ضبط مستوى السكر في الدم، ويؤدّي مع مرور الوقت إلى أضرار خطرة على مختلف أعضاء الجسم وأجهزته، لا سيّما الأعصاب والأوعية الدموية.
وقالت نعمة الحسون (46) عاماً، أنها تخوض معركة طاحنة منذ تشخيص إصابتها بمرض السكري، فهي لا طاقة لها على العلاج المستمر وحتى الحمية الغذائية لا يمكنها اتباعها بسبب محدودية الوجبات التي تتناولها بشكل مستمر، واعتمادها على الخبز الغني بالسكريات بشكل أساسي.
وأضافت أن حالتها تسير من سيء إلى أسوأ، وخاصة وأنها نازحة تعيش في المخيمات العشوائية التي تخلو من أي دعم أو مراكز علاجية، بينما تعجز عن الوصول المستمر لسبل العلاج وتأمين الدواء، ما أسفر عن مضاعفات مرضية راحت تشكو معها من ضعف شديد في البصر.
أما المريضة فريال عرابي (50) عاماً وهي نازحة أيضاً في تجمّع مخيّمات قاح شمال إدلب، مصابة أيضاً بداء السكري، الذي تعاني منه منذ قرابة العشر سنوات، ولم تتوقف مصاعب المرض على السكري بل ما جلبه معه من أمراض القلب وضعف المناعة، على حد قولها.
وتقول "الخيارات محدودة هنا للمرضى في مخيمات النزوح، حيث نشكو قلة سبل العلاج والخدمات العلاجية، نحن نعيش هنا على هامش الحياة، وخاصة وأننا نعاني الفقر ولا سبيل لشراء الطعام فكيف سيكون الحال مع توفير الأدوية باهظة الثمن".
تحاول فريال عرابي تجاهل مرضها والتمرد عليه في كثير من الأحيان غير أنّ ذلك يفاقم وضعها مع مضاعفات خطرة راحت تعصف بأعضاء أخرى من جسدها.
وقالت الطبيبة المختصة في الأمراض الداخلية سعاد العثمان أن 200 ألف شخص في المنطقة مصابون بأمراض مزمنة عموماً بينها السكري، وهناك حالات جديدة تشخص يومياً، في الوقت الذي تشهد فيه المراكز الطبية ضغطاً كبيراً في تأمين العلاج اللازم لضبط السكر في الدم، ويضطر المريض في كثير من الأحيان لشراء الدواء المتمثل بالانسولين المرتفع الثمن.
وأشارت إلى أن مرض السكري سواءً أكان من النوع الأوّل أو الثاني، يتعدّى كونه مجرد حالة صحية تستلزم علاجاً يضمن شفاء المريض منها، فهو يحتم على المرضى نمط حياة مغايراً من الصعب التقيد به في ظل أوضاعهم الصعبة.
وأكدت أن الإصابة بالسكري من النوع الثاني يزداد لدى النساء في إدلب وربما لدى أولادهم في المستقبل، لأن العامل الوراثي يلعب دوراً رئيسياً بهذا النوع من المرض.
وأضافت "من غير الممكن تفادي الإصابة بداء السكري من النوع الأوّل غير أن اختيار أنماط حياة صحية تساعد على الوقاية من داء السكري من النوع الثاني وكذلك سكري الحمل الذي يصيب النساء خلال حملهن".
فيما تعبر عن قلقها الشديد إزاء المضاعفات التي قد تحصل، في حال عدم حصول المرضى على علاجاتهم اللازمة، وخاصة وأن أدوية السكري غير متوفرة بشكل دائم في المنطقة ويضطر المرضى للتوصية عليه من خارج البلاد بأسعار مرتفعة.
ولأنّ ما يواجهه مرضى السكري الذين يُقدَّر عدد البالغين منهم بأكثر من نصف مليار شخص حول العالم ليس أمراً بديهياً ولا سهلاً، فقد حدّدت الأمم المتحدة الرابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر من كلّ عام يوماً عالمياً لمرضى السكري، ومن خلال هذا اليوم تسعى المنظمة الأممية إلى دعم هؤلاء في معركتهم المزمنة، وإلى الاعتراف بالحاجة العاجلة إلى جهود متعدّدة الأطراف لتحسين الصحة وإلى التوعية بالداء ومخاطره.