في القرى الواقعة على خط النار تحولت المنازل إلى مدارس

نتيجة لهجمات الاحتلال التركي على شمال وشرق سوريا، تم ارتكاب مئات الانتهاكات اللاإنسانية والمعنوية بحق المدنيين والبنية التحتية للمنطقة والمؤسسات التي تخدم الأهالي

تقول المعلمة أمينة محمد من قرية باب الفرج التابعة لناحية تل تمر والواقعة على خط النار والتي تواصل تعليم طلاب المرحلة الابتدائية، أن المدارس دُمرت بسبب القصف، مما اضطرهم إلى تحويل المنازل لمدارس ومواصلة تعليم الأطفال.

سوركول شيخو

الحسكة ـ نتيجة لهجمات الاحتلال التركي على شمال وشرق سوريا، تم ارتكاب مئات الانتهاكات اللاإنسانية والمعنوية بحق المدنيين والبنية التحتية للمنطقة والمؤسسات التي تخدم الأهالي. لقد وصلت إلى درجة قصف المدارس التي يُمنع استهدافها في الحروب، وحرمت آلاف الطلاب من التعليم. في شمال وشرق سوريا، الناس ينظمون أنفسهم وفقاً للحرب الحالية. في الوقت نفسه، لا يبتعدون عن التعليم، مهما كانت الطرق والوسائل فإنهم يواصلون التعليم إلى جانب مواصلة المقاومة، فالمقاومة أيضاً تتطلب العلم. إلى جانب الأهالي، يتأثر الأطفال أيضاً بالحرب الدائرة. الطلاب الذين اضطروا لترك الدراسة قبل عامين عادوا إلى مقاعد الدراسة لإعادة تحديد مصيرهم. ويرسمون بأقلامهم آمالهم وأحلامهم المستقبلية.

 

"القرى الواقعة على طول خط تل تمر حولت منازلها إلى مدارس لأبنائها"

بحسب لجنة إدارة المدارس، هناك 18 مدرسة في القرى الواقعة على خط النار في تل تمر، 6 منها تعرضت للقصف. وكبديل للمدارس، افتتحت لجنة إدارة المدارس في منطقة تل تمر بالتعاون مع لجنة التعليم والتدريب في مقاطعة الحسكة بشمال وشرق سوريا، بمساعدة السكان، 7 منازل في 7 قرى كمدارس ويدرس فيها الطلاب. والجدير بالذكر أن عدد الطلاب في 7 مدارس على خط النار بلغ 173 طالباً وطالبة من المرحلتين الابتدائية والإعدادية. ولمعرفة المزيد عن وضع المدرسة في قرية باب الفرج الواقعة شمال ناحية تل تمر، كانت لوكالتنا لقاء مع المعلمة أمينة محمد.

 

"تم تعليق التعليم لحماية الأطفال من القصف"

بدأت أمينة محمد بالحديث عن انتهاكات الدولة التركية المحتلة وقالت "لأن قريتنا على خط الجبهة وتعرضت مدرسة القرية للقصف من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، اضطررنا إلى وقف تعليم الطلاب. تم مواصلة تعليم الطلاب لمدة تصل إلى 3 أشهر بعد الهجوم على سري كانيه، ولكن بسبب قصف المدرسة مرة أخرى، اضطررنا هذه المرة إلى التوقف عن الدراسة تماماً لحماية الطلاب من الأذى. الدولة التركية انتهكت جميع القوانين الدولية من خلال قصف المدارس، لأن المدارس هي أماكن لتعليم الأطفال وليست مواقع عسكرية ليتم استهدافها".

 

"في خضم الحرب تمكنا من إيجاد البديل"

وأوضحت أمينة محمد أنهم قاموا بإيجاد البدائل من أجل مواصلة تعليم الطلاب، "الحرب لم تنته والطلاب الذين كانوا يقيمون في المنزل أيضاً اشتاقوا إلى مدارسهم وأرادوا مواصلة تعليمهم في الصفوف مع أصدقائهم. ونحن أيضاً لم نتوقف خلال هذه الفترة، ورغم القصف كنا نبحث عن بدائل لتعليم التلاميذ، وفي قرية باب الفرج قامت إحدى العائلات بمنح منزلها لاستخدامه كمدرسة. المنزل مبني من اللبن والطين وعمره أكثر من 15 عاماً، حيث تضرر اللبن، لذلك وفقاً للإمكانيات المتاحة قمنا بإصلاح المنزل وقد قامت لجنة إدارة المدارس بتوفير الكتب المدرسية، المقاعد واللوحات وباقي المستلزمات الأخرى. وهكذا بدأنا بالتعليم في العام الدراسي 2021-2022 والآن نستخدم المنزل كمدرسة".

 

"بحسب حالة الحرب تستمر العملية التعليمية"

وأوضحت أمينة محمد كيفية سير العملية التعليمية في القرى الواقعة على خط النار، "بحسب أوضاع الحرب تستمر العملية التربوية. في اليوم الذي يكون هناك قصف لا نسمح للأطفال بالذهاب إلى المدرسة، وإذا لم يكن هناك قصف نمضي يومنا في التعليم المكثف. لقد طال أمد الحرب، ومن المؤسف أن الأطفال لا يستطيعون الدراسة منذ عامين. ولا يستطيعون كتابة أسمائهم وكتابة الأحرف، لذلك كان علينا ألا نتوقف وأن نواصل العملية التربوية. التعلم شيء مهم أينما كان، العلم هو أساس جميع المجتمعات، لأنه لا يقل أهمية عن الخبز والماء. في مواجهة كل المحن والهجمات، سنواصل تعليم الطلاب".

 

"يتم انتهاك القانون الدولي والاتفاقيات الدولية"

ونوهت أمينة محمد إلى أن الاحتلال التركي ينتهك القانون الدولي "هناك انتهاك للقانون والاتفاقيات الدولية، وانتهاك لحق الطفل في الذهاب إلى المدرسة والحصول على التعليم. لكن عندما تحرمه الدولة التركية من هذا الحق وتقصف مدرستهم، فهذا يعني أنها تنتهك القانون الدولي علانية أمام أعين العالم. هناك خطر على حياة الأطفال ويجب عدم التسامح مع هذا".

 

"فتح المدرسة ساهم في تحسن نفسية الأطفال"

وحول حماية الأطفال للتعلم والذهاب إلى المدرسة أوضحت "هناك رغبة في أن يتعلم الأطفال وتلقي الدروس. كل يوم يأتون إلى المدرسة، لم يتخلفوا عن أي يوم دراسي أبداً. ورغم الهجمات إلا أن آمال وحماسة ورغبة الأطفال في الدراسة لم تتراجع، رغم أنه من غير المعروف متى سوف يتم قصف القرية. يحب الطلاب التعلم وقد اعتادوا على الوضع وتأقلموا معه، ويدركون أنهم رغم الحرب يجب أن يتابعوا التعليم. من ناحية أخرى فقد كان للحرب تأثير كبير على نفسية الأطفال. وقد ساعدهم افتتاح المدرسة إلى حد ما على الابتعاد عن التأثيرات النفسية للحرب، كما كان له تأثير على ألعاب الأطفال، معظم ألعابهم كانت عبارة عن مدافع وطائرات وأسلحة. في يومنا هذا تعكس ألعاب الأطفال حقيقة الأوضاع التي يعيشونها".

 

"نحن والطلاب نناضل من أجل بناء جيل متعلم ومستقبل مشرق"

وأشارت أمينة محمد إلى أنهم يدرسون الطلاب فقط المهمة والضرورية منها وقالت "مدرستنا تتكون من 4 غرف و6 صفوف في المرحلة الابتدائية فقط. والمواد التي ندرسها هي اللغة العربية والعلوم والمجتمع والحياة والرياضيات والرياضة، لأننا بدأنا الدراسة هذا العام لا يمكننا إعطاء جميع الدروس لأن الطلاب كانوا خارج المدرسة لمدة عام ونصف تقريباً. وفي نفس الوقت فإن أهالي الطلاب قدموا لنا مساعدات كبيرة. خلال فصل الشتاء تتسرب المياه من سقف المدرسة، لأن عمر هذا المنزل أكثر من 15 عاماً. ولكن رغم كل المصاعب والمشاكل، فإننا والطلاب نناضل من أجل بناء جيل متعلم ومستقبل مشرق".