في الذكرى السادسة لاحتلالها... عفرين عنوان الصمود والمقاومة
6 سنوات من الخذلان الدولي والإقليمي لم تترك لأهالي عفرين وإقليم شمال وشرق سوريا إلا أنفسهم ليكونوا الداعم الوحيد للمقاومة ومطالب التحرير.
فيدان عبد الله
الشهباء ـ بمؤامرة دولية شنت الدولة التركية في 20 كانون الثاني/يناير 2018 عدد من الغارات الجوية على مقاطعة عفرين بإقليم شمال وشرق سوريا، وتحولت المدينة إلى ساحة حرب بين ليلة وضحاها بعد أن كانت تنعم بالأمن والسلام.
قدم أهالي مدينة عفرين مقاومة كبيرة في سبيل التصدي لهجمات الاحتلال التركي على مدينتهم عام 2018، وأظهروا الصورة الحقيقية للشعب الثوري والمناضل، بعد أن تخلت عنهم كل الدول التي تدعي أنها مدافعة عن حقوق الإنسان وتسعى لتحقيق الأمن والاستقرار في العالم.
حشدت الدولة التركية الآلاف من مرتزقتها بهدف التحضير للهجوم على عفرين، وجهزت الأسلحة بكافة أنواعها حتى المحرمة دولياً وكذلك استخدمت الطائرات الحربية، وكانت على يقين تام أنها ستتمكن من احتلال المدينة بفترة لا تتجاوز الثلاثة أيام.
إلا أن المقاومة التي أبداها أهالي عفرين خلال الـ 58 يوم التي سبقت إعلان تركيا سيطرتها التامة على المدينة، كسرت شوكة ثاني أقوى جيش في التحالف الدولي ليتلقى أقوى الضربات من نواحي عفرين الـ 7 (راجو وشيه وجندريسه وشرا وموباتا لشيراوا وبلبلة) إضافة لمركز المدينة، واستمرت المقاومة ليلاً ونهاراً دون أي مساعدات أو تدخلات دولية لوقف الهجمات على المدينة وإنقاذ المدنيين من بطش الدولة التركية ومرتزقتها.
في الذكرى السادسة لاحتلال عفرين استذكرت فاطمة محمد المهجرة من ناحية بلبلة رعب تلك الأيام "لم يسلم من تلك الهجمات لا البشر ولا الحجر فالطائرات الحربية استهدفت كل مكانٍ وألحقت أضرار مادية جسيمة بالبنى التحتية".
وأكدت أن الدولة التركية بهجماتها لم تكن تهتم بالمدنيين العزل "تحولت جثث المدنيين الذين استهدفتهم الغارات الجوية إلى قطع من الفحم"، مضيفةً أن جرائم القتل والدمار التي حدثت أمام عينيها لا يمكن نسيانها، وأن المقاومة التي أبداها أهالي عفرين تستحق أن تسطر في تاريخ النضال والمقاومة لشعوب المنطقة.
وكانت راجو من أكثر النواحي التي تلقت العديد من الضربات الجوية والهجمات بالأسلحة الثقيلة، وعن ذلك تقول المهجرة هاجر محو "قبل يوم من الهجوم حشدت الدولة التركية قواتها العسكرية ونصبت الخيام بالقرب من الحدود تجهيزاً للهجوم".
وأضافت "الهجمات الأولى استهدفت قرية عدامو في ناحية راجو ثم توسع القصف ليطال بقية القرى، الاحتلال التركي ومرتزقته ارتكب أبشع الانتهاكات بحقنا حتى اليوم يعتصرني الألم عندما استذكر المشاهد اللاإنسانية ولا يمكنني أن أعبر عن فظاعة ما شهدناه خلال تلك الأيام العصيبة".
وذكرت هاجر محو أن الدولة التركية تمكنت من احتلال عفرين بسبب استخدامها للطائرات الحربية "لولا الطيران لما تمكنت الدولة التركية من إحراز أي تقدم خاصة بوجود قوات سوريا الديمقراطية ومقاومة الأهالي".
وعن المقاومة التي أبداها أهالي ناحيتي شيه وموباتا أكدت المهجرة هيفين بكر أنه "هجمات الدولة التركية على عفرين وحشية لأبعد الحدود إلا أن الأهالي بفكرهم النضالي والثوري استطاعوا تسطير أروع قصص المقاومة بوجه دولة عدوة للديمقراطية".
وبينت أنه "بدءاً من الطفل بعمر الـ 7 سنوات حتى السبعين عاماً اتخذوا الصمود والمقاومة طريقاً لهم، وتصدوا للهجمات ولم يتخلوا عن عفرين، حتى النساء حملن السلاح والتحقن بصفوف الحماية الجوهرية في أحياءهن وقراهن ومنهن من قمن بإعداد الطعام للمقاتلين، حتى المسنين الذين لم يتمكنوا من حمل السلاح قدموا ممتلكاتهم وأموالهم في سبيل مساندة المقاومة واستمرارها".
ومن ناحية شرا قالت ليلى رشيد إن "أقسى الهجمات قامت بها تركيا كانت على شرا فقد وصل الأمر بالاحتلال التركي الذي عاش أكبر انكساراته بهجومه على عفرين أن يلاحق بالطائرات الحربية شخصاً واحداً لاستهدافه، كما استخدم المواد الكيماوية في الهجوم على الناحية".
وأكدت أن موقف أهالي عفرين من الهجمات والقصف التركي كان واضحاً منذ اليوم الأول وحتى اللحظة الأخيرة، فقد انتشروا في كل مكان وعلى مدار الساعة خلال الـ 58 يوماً لحماية أرضهم والدفاع عنها ولم تخطر في بالهم فكرة التخلي عنها واتخاذ موقف المتفرج في هذه المعركة.
وذكرت أن "مقاطعة عفرين تشتهر بالكثير من الأماكن والمعالم الأثرية التي لم تسلم من بطش الدولة التركية، حيث تعرضت قلعة النبي هوري الواقعة بناحية شرا للعديد من الهجمات، واليوم ونظراً لعدم وجود من يحاسب تركيا على أفعالها العدائية قامت بتدمير المعالم الأثرية".
في حين تحدثت دلال شيخو عن مقاومة ناحية جندريسه "الحياة الطبيعية خلال الـ 58 يوماً توقفت تماماً وأصبح كل مدني مقاتل ومقاوم بوجه الاحتلال التركي، شوارع ناحية جندريسه تزينت بشعارات المقاومة والنضال، وبالرغم من تحليق الطائرات الحربية المكثف والقصف المتواصل استمر المدنيين بالتظاهر لإيصال صوتهم للعالم الأصم".
وذكرت أن "الواقعة الأكثر تميزاً سطرتها ابنة مدينة عفرين آفيستا خابور في قرية حمام الحدودية، وكانت نقطة تحول في تاريخ المقاومة ومصدر قوة واعتزاز لأهالي عفرين وهلعٍ وخوف وانكسار للاحتلال التركي في آنٍ واحد".
وعن مقاومة أهالي ناحية شيراوا المستمرة في الكثير من قراها حتى هذه اللحظة قالت خديجة مصطفى إن "الأمهات قدمن الغالي والنفيس في سبيل استمرار المقاومة والتصدي لبطش الدولة التركية، فهجماتها على ناحية شيراوا مستمرة منذ بدايات الأزمة السورية حتى يومنا"، مضيفة "لن يتمكن الاحتلال التركي بهجماته وطائراته وأسلحته من كسر إرادتنا، ومطالبنا لتحرير عفرين ستبقى عنوان لكل احتجاجاتنا ومؤتمراتنا وندواتنا".
كما قالت شادية نجار إن "الفعاليات والتظاهرات التي كانت تنظم في مركز مدينة عفرين أثناء الهجمات هي لرفع معنويات الأهالي في باقي النواحي وحثهم على الصمود، هذه الفعاليات استقدمت وفود داعمة للمقاومة من معظم مناطق ونواحي إقليم شمال وشرق سوريا ومن جميع المكونات والشرائح"، مؤكدة أن الداعم الوحيد لأهالي عفرين ومقاومتهم هو أنفسهم وشعوب إقليم شمال شرق سوريا الذين قدموا للنازحين بيوتهم وتقاسموا معهم طعامهم وشرابهم وآلامهم.