فتيات ضحايا الابتزاز الإلكتروني ودار المرأة تتخذ الإجراءات اللازمة
يعد الابتزاز الإلكتروني ظاهرة حديثة تلاحق النساء على مواقع التواصل الاجتماعي، وينجم عنها مشكلات وأزمات اجتماعية، تهدد حياتهن وتنال من حريتهن وتنتهك حقوقهن، وهو الأمر الذي يحتاج لتدخلات للحد منه.
سيلفا الإبراهيم
منبج ـ تواجه النساء على مواقع التواصل الاجتماعي تهديدات أو تعليقات تهاجم جنسهن وتشكل خطراً على سلامتهن بشكل مباشر، بهدف التشهير بسمعتهن في حال عدم الخضوع لرغباتهم، وتؤكد دار المرأة بأن التوعية الحل الأمثل للقضاء على ظاهرة الابتزاز الإلكتروني.
تتم معظم حالات التحرش والعنف القائم على النوع الاجتماعي عبر الانترنت من خلال حسابات مجهولة أو باستخدام حسابات بأسماء مزيفة، مما يجعل من الصعب التعرف على الجناة.
تقول (أ. ح) وهي من مدينة منبج بشمال وشرق سوريا تعرضت للابتزاز الإلكتروني من قبل خطيبها "بعد أن تمت خطوبتنا كان من المقرر أن نقيم حفل عقد القران في غضون شهر، ولكنه استمر باختلاق الأعذار ليتم تمديد فترة الخطوبة لمدة عامين، خلال تلك الفترة توقفت عن متابعة دراستي، وعندما أدركت عدم جديته في إتمام الزواج قررت فسخ الخطوبة"، مشيرةً إلى أنه بدء بابتزازها وتهديدها بنشر خصوصياتها من صور كانت قد شاركتها معه إذا ما لم تتراجع عن قرارها، ولكن بتدخل دار المرأة وإتخاذ الإجراءات اللازمة تم حل مشكلتها، لينال المبتز جزائه.
أما (س. إ) كانت تمتلك حساباً خاصاً على منصة انستغرام تَّعرُض فيه أعمالها ومنتجاتها، وقد لاق حسابها متابعات لا بأس بها من المهتمين بالأعمال التي كانت تصنعها خلال عام وتقول "تواصلَ معي أحدهم من حسابٍ قد سجل باسم فتاة وعرض عليّ المساعدة لزيادة عدد متابعي صفحتي لأروج لأعمالي على نطاق أوسع، وبعد استفساري عن كيفية ذلك أخبرني أنه يجب علي الدخول إلى الرابط الذي أرسله لي، وبعد أن ضغطت على الرابط سجل حسابي تسجيل الخروج، ليخبرني بعدها أنه شاب وانتحل شخصية فتاة لسرقة حسابي، وهنا طلب مني مبلغ 200 دولار لاسترجاع حسابي"، مشيرةً إلى أنها تواصلت مع أحد أصدقائها لحذف حسابها، ولكن الأوان قد فات فقد استطاع المبتز اختراق حسابها وتغيير كلمة المرور، ونشر صورها على مجموعات الدردشة، عبر استرجاع محادثاتها على تطبيق التواصل الماسنجر.
وأشارت إلى أن المبتز طلب مراراً مبالغ مالية من المشتركين بصفحتي عبر حسابي "ولا يزال حسابي بين يديه ويطلب مبالغ مالية بين الفينة والأخرى ولكن حتى هذه اللحظة لم يقع أحد في فخه لأني أخبرت الجميع بأن الحساب لم يعد بحوزتي".
ولا تختلف قصة (ن. م) وتجربتها مع الابتزاز الإلكتروني عن سابقاتها، إلا أن المبتز طلب منها إقامة علاقة معه، وتقول "تواصل معي شخصاً مجهول الهوية عبر تطبيق الواتس آب، لم أستطع التعرف على هويته وتظاهر بأنه يعرف كل ما يتعلق بحياتي الشخصية، وطلب مني الدخول معه في علاقة لا أخلاقية، إلا أنني رفضت ذلك وقمت بحظره على التطبيق".
ونوهت إلى أن الأمر لم يتوقف "عاود المبتز التواصل معي من رقم آخر وهددني بنشر خصوصياتي والافتراء علي إذا لم أرضخ لطلبه، اخبرته بأنني لم ارتكب أي خطأ ولن اتردد في التواصل مع الجهات المعنية للأخذ بالإجراءات اللازمة تجاهه وقمت مرة أخرى بحظر رقمه"، مشيرةً إلى أن الكثير من الفتيات تقعن ضحايا للابتزاز الإلكتروني "على الفتاة ألا تستسلم لهذه الأساليب وعليها اللجوء للجهات المعنية لكيلا تقع في مشاكل لن تستطيع حلها".
وأوضحت دار المرأة المعنية بحل قضايا النساء في مدينة منبج بأن هذه الظاهرة بدأت مع انتشار آفة المخدرات، وبحسب القضايا الواردة لهم هناك العديد من الحالات التي يقدم فيها العديد من الشبان على تقديم وعود كاذبة للفتيات، وبعد منحهن ثقتهن وتبادل الصور فيما بينهم، يقوم الشبان بتهديدهن إما التشهير بسمعتهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو مساعدتهم على الإتجار بالمخدرات.
وبحسب دار المرأة، فالفتيات هنا تتعرضن لشكلين من العنف ألا وهو الابتزاز الإلكتروني والعنف الجنسي والتحرش كذلك، ولا تستطيع الفتيات الإفصاح عما تتعرضن له جراء العادات والتقاليد البالية، محذراً من الاستخدام الخاطئ للإنترنت الذي يقود المجتمع نحو الانحلال الأخلاقي ويجب تكثيف الجهود للحد من هذه الظاهرة بدأً من العائلة لأنها أصغر خلية في المجتمع وتوعيتها يساهم في تنظيم المجتمع بأكمله إذ عليهم متابعة أبنائهم وبناتهم.
فمع انتشار الانترنت والاستخدام الواسع لتطبيقات الدردشة ووسائل التواصل الاجتماعي ظهر معه العنف الرقمي، وهو شكل جديد من أشكال العنف القائم على التمييز الجنسوي، فوفقاً للبيانات الواردة في تقرير النداء العام الذي جاء تحت عنوان "العنف الرقمي ضد المرأة في العالم"، فإن النساء أكثر عرضة للابتزاز الإلكتروني بنسبة 27 مرة من العنف الجنسوي وهذا ما كشفته دراسة أجراها مركز أبحاث ودراسات الجينولوجيا بشمال وشرق سوريا، سلط من خلالها الضوء على ظاهرة العنف الرقمي، وأشكال المضايقات عبر الإنترنت، ومخاطر العالم الرقمي، ودليل الاستخدام الصحيح للإنترنت، ومحو الأمية الرقمية، وأهمية التثقيف الرقمي.