فقر وعوز ونزوح... حال نساء فقدن أزواجهن برصاص الجندرمة التركية في إدلب

تشهد الحدود التركية السورية، بشكل متكرر حوادث قتل تطال مدنيين بينهم أطفال ونساء، من قبل الجندرمة التركية.

هديل العمر

إدلب ـ تعاني نساء فقدن أزواجهن برصاص الجندرمة التركية في إدلب، من ظروف معيشية صعبة، دفعت معظمهن للعمل بمهن شاقة لإعالة أطفالهن وأسرهن في ظل موجة الغلاء والحالة الاقتصادية الصعبة التي تشهدها المنطقة.

تجلس منار عبد الباسط (38) عاماً وهي نازحة من مدينة خان شيخون ومقيمة في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، أمام خيمتها عاجزة عن تأمين أدنى مستلزماتها المعيشية، بعد أن فقدت معيلها برصاص الجندرمة أثناء محاولته عبور الأراضي التركية بطريقة غير شرعية طلباً للرزق.

تقول منار عبد الباسط أن ضيق الأحوال المعيشية والفقر دفع زوجها للمخاطرة بعبور الأراضي التركية، على أمل تحسين واقعهم المعيشي المزري، إلا أن رصاص الجندرمة كان أسرع منه عندما أطلقوا النار بشكل مباشر على زوجها ليردوه قتيلاً على الجدار الحدودي بداية العام الحالي.

وأوضحت أنها غير قادرة على تحمل ضغوط الأعمال الشاقة بسبب معاناتها من أمراض مزمنة تعيقها في أدنى حركاتها، في حين باتت غير قادرة على تأمين حتى ثمن الخبز لأطفالها الأربعة.

وتعتمد على أطفالها في تأمين مستلزماتها المعيشية بعد أن اضطرت مرغمة لقطعهم عن مدارسهم وإرسالهم للعمل في مهن شاقة لا تتناسب مع أعمارهم، وبأجر لا يتجاوز 20 ليرة تركية يومياً، وهو مبلغ لا يكفيها ثمن الخبز وبعض أصناف الخضروات، ولكنه يبقى أفضل من "لا شيء" على حد قولها.

تقول منار عبد الباسط بينما تنهمك بإشعال موقد الحطب بغية تحضير الطعام، إنها كانت تعتمد على السلة الغذائية التي تقدمها المنظمات الإنسانية، ولكن انقطاع هذه المساعدات عن المخيم التي تقطن فيه زاد من أعبائها المادية، إذ وجدت نفسها مجبرة على الاعتماد على أطفالها الذي لا يتجاوز عمر أكبرهم العشر سنوات.

وأمام أحد الأفران في مدينة الدانا شمال إدلب، تقف رائدة الخضر (35) عاماً وهي نازحة من بلدة الخوين جنوب إدلب ومقيمة في مخيمات الدانا، مستجديةً ثمن الخبز لأطفالها الثلاثة الذين فقدوا والدهم برصاص الجندرمة التركية أثناء محاولته اجتياز الحدود السورية التركية بطريقة "التهريب".

"الجوع كافر" تقول رائدة الخضر ملخصةً الحالة المعيشية المزرية التي تعيشها بعد فقدانها لزوجها، خاصة بعد أن بائت جميع محاولاتها بتأمين فرصة عمل بالفشل، نتيجة انعدام فرص العمل وتدني الأجور، بالإضافة لعدم اتقانها لأي مهنة تساعدها على مواجهة أعباء الحياة.

وأوضحت أنها المسؤولة الوحيدة عن ثلاثة أطفال أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما دفعها للتسول، علها تتمكن من إعالتهم وتأمين أدنى مستلزمات المعيشة الأساسية لهم، في ظل فقدانها للسند والمعيل.

ولا تخفي رائدة الخضر خجلها من مهنتها تلك، إلا أنها تبقى "أفضل الموجود" لديها بالوقت الحالي، آملة أن تتمكن من تأمين فرصة عمل تمكنها من عيش حياة كريمة بعيدة عن العوز وسؤال الآخرين.

ومنذ العام 2018 وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها، إطلاق الجندرمة التركية النار عشوائياً على طالبي اللجوء السوريين في مناطق حدودية مع إدلب.

واتهمت المنظمة الجندرمة بإطلاق النار على السوريين وضربهم، عند محاولتهم الدخول إلى تركيا، ما تسبب بمقتل وإصابة عدد منهم بجروح خطيرة، داعية السلطات التركية إلى التوقف عن صد طالبي اللجوء السوريين والتحقيق في استخدام القوة المفرطة من قبل الحرس.