دور المؤسسات النسوية محدود في صعيد مصر

تعمل المؤسسات النسوية على قدم وساق من أجل التعامل مع قضايا النساء في القاهرة، ولكن حجم تواجدها في الصعيد كان بحاجة للاستماع لبعض الناشطات هناك للتعرف أكثر على أوجه قصور العمل المدني، وما يحتاجه المجتمع للنهوض بوضع نساءه.

أسماء فتحي

القاهرة ـ شهد صعيد مصر في الفترة الأخيرة مجموعة من الطفرات والتغيرات التي أثرت على قاطنيه إيجاباً نتيجة ارتفاع معدل التعليم والثراء الثقافي الوافد للداخل المحلي بحسب ما يرى المشاركين في التقرير التالي، والأمر لم يتوقف عند ذلك الحد بل أن هناك مجموعة من المفاهيم بدأت في التحول التام لصالح النساء خاصة في المركز أو البندر بمحافظة قنا. 

للتعرف على الدور الذي تقوم به المؤسسات النسوية كان لوكالتنا لقاء مع محاميات ناشطات في مجال قضايا المرأة في محاولة لرصد احتياجات المركز والقرى المتباعدة بمحافظة قنا، وكذلك الوقوف على أبرز الجهات العاملة هناك، وقد تردد أكثر من اسم في مجال الأنشطة العامة التي تتم على فترات بعيدة الخاصة بقضايا محددة كتزويج القاصرات أو الختان أو حتى العنف ولكن فيما يخص العمل المستدام لم نجد هناك أسماء محددة.

ولمسنا من خلال النقاش الذي تم مع عدد من الناشطات في مجال حقوق المرأة عدم إلمام الكثير منهن بأسماء المؤسسات التي نعدها شهيرة في مجال العمل العام، وواحدة من المفارقات التي تحدث بالصعيد عكس الحال الواقع في القاهرة وضواحيها هو دور المجلس القومي للمرأة الذي رأى فيه الكثيرون طوق النجاة وأثنوا على عمله الملموس بأرض الواقع خاصة في الدفاع عن النساء ونشر الوعي والتشابك مع القضايا العامة من خلال الأنشطة والحملات التوعوية كما سيتضح من تفاصيل الشهادات التي سنعرض جانب منها.

 

تواجد المؤسسات النسوية المتخصصة في وجه بحري أكثر من الصعيد

قالت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة زينب دنقل، أن المؤسسات النسوية المتخصصة تنتشر في وجه بحري أكثر من صعيد مصر رغم احتياجه لمختلف آليات العمل المدني من أجل النهوض بأوضاع النساء هناك، وتنمية وعيهن على صعيد الحقوق، فضلاً عن تعزيز المكتسبات الممكنة سواء كانت ثقافية أو اقتصادية.

وعن المؤسسات المتمركزة خارج الصعيد والناشطة بالأساس في القاهرة فقد اعتبرت زينب دنقل أنها تكتفي بعمل الورش والدورات التدريبية من حين لآخر وعادة ما ترتبط بالأحداث العامة أو الحملات التوعوية، ومنها دعم المعيلات وقضايا العنف الممارس على النساء فضلاً عن تحفيزهن على الخروج للعمل والمشاركة في الحياة العامة.

 

الوعي اختلف والتغيير في الفترة الأخيرة ملموس

اعتبرت المحامية زينب دنقل، أن الواقع شهد نتائج ملموسة خلال الفترة الأخيرة، فوضع المرأة تغير كثيراً عما كان عليه في الماضي، فالمرأة الصعيدية على حد تعبيرها مميزة للغاية سواء كانت ربة منزل أو عاملة.

واعتبرت أن هناك الكثير من الأفكار بالفعل تغيرت وبشكل جذري وخاصة ما يتعلق بتعليم الفتيات، لافتةً إلى أن فكرة تعليم الفتيات تبناها العديد من الآباء خاصة في المركز الرئيسي لأن ذلك يمنح جانب ليس بالقليل من الوجاهة والمكانة الاجتماعية، مشيرةً إلى أن أغلب الأهالي تأثروا بما وصلت إليه بعض النساء من نجاح ورغبن في السير على نهجهن وتعليم البنات على غرارهن.

ولفتت إلى أن الحرص على إنجاب الذكور أيضاً تأثر كثيراً في الوقت الحالي فلم يعد الأمل المنشود كما كان في الماضي والكثير من الآباء باتوا على دراية بأن بإمكانهم تربية فتاة قادرة على تحمل المسؤولية كما هو الحال بالنسبة للرجل دون أي اختلاف مرتبط بالنوع الاجتماعي لكل منهما.

 

 

للمجلس القومي الريادة في العمل على أرض الواقع بمحافظة قنا

قالت المحامية المتطوعة بالمجلس القومي للمرأة زينب عباس، أن صاحب الدور الأبرز للعمل في نطاق صعيد مصر هو المجلس القومي، لما يقوم به من دور حقيقي في القضايا الشائكة والمحلية، كما أن له تواجد في مختلف الأزمات التي تطرأ على المرأة ويقدم لها الدعم القانوني فضلاً عن الجانب التوعوي في العديد من قضاياها والتي منها الختان والعنف والزواج المبكر وغيره.

وبينت أنها لم تسمع في نطاقها عن مؤسسات متخصصة بقضايا النساء لها تواجد حقيقي بين نساء محافظة قنا، ولكن واحد من اهتمامات الجمعيات الأهلية المتواجدة هو العمل على قضايا المرأة.

واتفقت معها المحامية زينب دنقل، والتي أكدت أن أهم الجهات الفاعلة على أرض الواقع بمحافظة قنا في صعيد مصر هو المجلس القومي للمرأة بما يقدمه من خدمات وفعاليات، وباقي المؤسسات الأهلية أغلبها عامة تقدم خدماتها لكلا الجنسين ولكنها تحتوي بداخلها على لجان خاصة بالمرأة ولكل منها نظام خاص في العمل وآليات تفعيل ترتبط بالتواجد والتأثير، فضلاً عما تقدمه من الأنشطة وندوات تثقيفية.

 

 

أبرز القضايا التي يتم العمل عليها في الصعيد

أكدت زينب فتحي عباس، أن واحد من أهم القضايا التي يتم العمل عليها في صعيد مصر هو قانون الأحوال الشخصية والتطرق لمعاناة النساء سواء في صرف النفقة أو تأخر تنفيذ الأحكام وعدد من القضايا التي منها تعدد الزوجات وغيرها من الأزمات التي تعاني منها النساء هناك.

وهناك عدد من القضايا تأثرت إيجاباً بحالة الوعي العامة ونشاط تواجد ممثلي المجلس القومي للمرأة كالعمل على توثيق الزواج، وتقليص حجم تزويج القاصرات، والوعي بأهمية تسجيل الزواج لما يترتب على انعدام حدوثه من كوارث على الزوجة والأسرة.

أما عن ختان الإناث أكدت المحامية زينب عباس أنها واحدة من الممارسات التي يصعب التخلي عنها خاصة أن النساء أنفسهن الأكثر حرصاً على تختين بناتهن، مشددةً أن تلك القضية ذات جذور راسخة في نفوس المواطنين وأعمق من مجرد الحديث السطحي عنها لذلك بحاجة لعمل دؤوب من جميع المؤسسات النسوية والأهلية بجانب المجلس القومي وجهوده.

واعتبرت المحامية زينب عباس، أن المرأة الأكثر وعياً تستطيع إنشاء أسرة سوية وأكثر اتزاناً، معتبرةً أن هناك الكثير من الأفكار المغلوطة عن الصعيد تحتاج للنزول لأرض الواقع للتعرف عليه قبل الحديث عنها فمعدل تعليم الفتيات ارتفع مقارنة بالسنوات الماضية، وهناك الكثيرات الآن يمكنهن الخروج للعمل وتحملن قدر كبير من الثقافة، لافتةً إلى أن الكثيرات بحاجة لمد يد العون لهن ولكن لتمكينهن اقتصادياً خاصة مع ارتفاع عدد المعيلات والأكثر احتياجاً للعمل والإنتاج من أجل مواصلة الحياة وامتلاك قدرة الإنفاق على النفس والغير لتخفيف وطأة الأعباء الملقاة على عاتقهن.