"دفئ"... مبادرة لمساعدة النساء والأطفال في قطاع غزة

"دفئ" هي اسم لمبادرة قامت بها 23 امرأة من قطاع غزة لحياكة عشرات القطع من الصوف ليتم توزيعها على العائلات الميسورة وأطفال مرضى السرطان وجمعية رعاية كبار السن وأصحاب متلازمة داون

رفيف اسليم
غزة ـ ، بهدف إدخال البهجة على قلوبهم التي لطالما عانت من ويلات الخوف والمرض والوحدة والتنمر والفقر.
وعن مبادرة "دفئ" تقول فاطمة أبو حطب صاحبة الفكرة أن البداية كانت برؤية مناشدات العائلات الفقيرة التي تعاني برد الشتاء فقررت أن تفعل شيء من أجلهم يمنحهم الدفء من خلال قطع الصوف المشغولة يدوياً ببعض الخيوط الزائدة عن الاستخدام، لافتةً إلى أنها نشرت عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي لتجمع أكبر عدد ممكن من النساء كي يساعدنها وقد تفاجأت بتبرع 23 امرأة من مختلف محافظات القطاع.
وأشارت إلى أن اتساع عدد المشاركات جعلها تفكر في توسيع دائرة الفئات التي تنوي توزيع تلك المشغولات اليدوية عليهم لتكون البهجة أوسع، ولتخدم الحملة عدد أكبر من المستفيدين والنساء العاملات، مشيرةً إلى أن التمويل كان من قبل النساء أنفسهن المشاركات، فقمن بشراء الصوف والعمل على القطع فيما تبرعت نساء أخريات بمبلغ من المال ممن لا يعرفن كيفية الحياكة.
 
 
ولم يكن عمل 23 امرأة بشكل عشوائي أمر منطقي بحسب فاطمة أبو حطب فكان لابد من تقسيم الأدوار لإنتاج عشرات القطع بدقة وإتقان خاصة بعدما رغبت بتوزيع كرات الصوف على بعض النساء اللواتي رغبن بالمشاركة في العمل لكن لم يكن لديهن صوف أو مال لشرائه، لافتة إلى أن العدد الذي خططت له كان ما يقارب 50 قطعة فقط أما الآن بعد 20 يوم من العمل تكاد لا تسطيع عدهم.
وأوضحت فاطمة أبو حطب أن عمل تلك النساء كان من منازلهن دون الضغط عليهن للتسليم في وقت محدد فلكل امرأة منهن بيت ومسؤوليات إلى جانب حياكة الصوف التي تستغرق العمل على كل قطعة منها الكثير من الوقت والجهد إضافة لعدة مشاكل صحية بالرؤية قد تسببها، مضيفةً أن تلك القطع تصنع بكل حب لتهدى إلى الشخص حتى لو انتهى فصل الشتاء فإنها لا تفقد قيمتها بل تزداد مع مرور السنوات.
ومن الصعوبات التي واجهت فاطمة أبو حطب صعوبة الوصول لكل امرأة على حدى في ظل تنوع المحافظات وتسلم العمل منها لذلك تمت استضافتهم لمدة يوم في مكان محدد، إضافة إلى غلاء سعر الصوف بالرغم من مشاركة بعض الباعة معهم وتغاضيهم عن نصف الثمن ضمن مسؤوليتهم المجتمعية، لافتةً إلى أن هناك صديقة لها قدمت الدعم بمبالغ مالية تغطي النفقات التشغيلية لتستطيع توسيع دائرة النساء المشاركة في انتاج القطع.
وتنوي فاطمة أبو حطب ألا تكون تلك المبادرة هي الأولى والأخيرة لذلك أطلقت عليها مؤخراً "دفء 1" لتشجع نفسها على الاستمرار، متمنية أن يكون هناك مكان يتسع لجميع النساء خلال الأيام القليلة المقبلة وأن يتوفر التمويل اللازم لدعم الحملات الخيرية كي تستمر هي في عملها وتشجع المزيد من النساء على الانضمام لها وتعلم من تريد حياكة الصوف أيضاً تلك الحرفة لتحصل من خلالها على مبلغ من المال.
وأشارت سمية الغول أحد النساء المشاركات بالحملة أنها علمت بالمبادرة من خلال ابنتها التي شاهدت الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتتواصل مع فاطمة أبو حطب في ذات اليوم وتخبرها برغبتها للمشاركة وصناعة العديد من قطع الصوف التي ستقدم لدار المسنين وأطفال مرضى السرطان والعائلات الفقيرة، لافتة إلى أن إحدى صديقاتها سمعت بالفكرة ورغبت بالمشاركة لكنها لم تكن تعرف كيفية نسج الصوف فقامت بالتبرع بالمواد الخام.
وأضافت سمية الغول أن انتاج القطعة الواحدة من الصوف يستغرق منها ما يقارب الثلاثة أيام لأنها غير متفرغة للعمل عليها بشكل كامل، مبينة أن تلك القطع لا تأخذ وقت وجهد طويل فحسب بل تنفذ بحب وبذوق رفيع من خلال نسج الألوان مع بعضها البعض لتهدى فيما للأشخاص وهذا ما يميز المشغولات اليدوية بشكل عام فشعور السعادة لا يكون للمتلقي فقط بل للنساء العاملات على انتاج تلك القطع.
وأكدت على أن النساء الفلسطينيات قادرات على العمل بكافة المجالات سواء المشغولات اليدوية أو المأكولات أو الملابس وغيرها ودائماً ما تتوج إنجازاتهن بالأسواق والمحافل الدولية لتدل عليها، مشيرة إلى أن العمل يعزز الجانب النفسي للمرأة ويجعلها تشعر بالسعادة والرضا عن النفس لأنها تقدم شيء ملموس يستفيد منه الآخرين لذلك يجب أن يكون لكل امرأة هواية خاصة بها.
 
 
وترى ياسمين الغول نفسها محظوظة لأنها تمتلك المقومات والوقت الذي يمكنها من المشاركة في المبادرة على عكس الكثير من النساء، فحبها لتلك الهواية جعلها تنتج قطع أكثر بالنسبة لغيرها من النساء بوقت أقل، مشيرة إلى أن مشاركتها كانت بهدف إدخال الفرحة لقلوب الأطفال وكبار السن ورؤية تعابير وجههم عند استلام الهدايا وسماع عبارات الشكر منهم وهذا ما يهون عليها مشقة العمل على تلك القطع.
وقالت أن قطع الصوف المنتجة عزيزة عليها فعند الانتهاء من كل قطعة تقوم بتصوريها وفق عدة وضعيات مختلفة كما تقوم بعرض بعضها على الأصدقاء والأقارب لكن فكرة إدخال السعادة على قلب تلك الفئات جعلها تستغني عن العديد من القطع بحب، مضيفة أنه على المرأة أن تكون لها هواية تمارسها بدلاً من إهدار الوقت في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي في ظل قلة فرص العمل.
وشجعت ياسمين الغول القاطنة في محافظة الشمال، النساء لكي يبدأن مبادرات مماثلة لتقوية ترابط المجتمع الذي أهلكته مرارة الحروب المتكررة، مشيرة إلى أن لتلك المهنة صعوبات كما غيرها منها غلاء ثمن الصوف في بعض الأحيان كما أن تعلم الحياكة نفسه هو بحد ذاته تحدي يكبر مرة بعد مرة من خلال نشر غرز جديدة للعمل عليها لذلك تعلمت الكثير منها وحدها بمجهود شخصي من خلال مشاهدة الفيديو عبر منصة اليوتيوب.