ضعف الرعاية الصحية يزيد معاناة أطفال التوحد في إدلب

يواجه أطفال التوحد مصيرهم لوحدهم، ولا يهتم لأمرهم سوى عائلاتهم الذين يسعون لعلاج أولادهم في ظل أوضاع مأساوية، يحدوهم الأمل بالقدرة على إخراجهم من عزلتهم ودمجهم في المجتمع، لعيش حياتهم كبقية الأطفال.

لينا الخطيب

إدلب ـ يعاني الأطفال المصابون بالتوحد في إدلب من العزلة والتهميش، وعدم القدرة على الوصول إلى الاحتياجات الضرورية، وتلتصق بهم وصمة اجتماعية تنعكس سلباً على كافة مناحي حياتهم، بسبب تفشي الجهل بالتعامل معهم، وعدم توافر الدعم الذي يحتاجونه.

يعاني الطفل أحمد الجواد البالغ من العمر 10أعوم النازح مع أسرته من مدينة خان شيخون إلى مخيم عشوائي في بلدة حربنوش بريف إدلب الجنوبي من مرض التوحد، الذي يترافق مع خمول زائد وتشتت الانتباه وبطء في اكتساب المعارف، كما يجد صعوبة كبيرة في التواصل والاختلاط مع الآخرين، والتكيف مع المواقف وتطبيق ما تعلمه في الحياة اليومية، وعن ذلك تقول والدته سلام الجبان البالغة من العمر 40 عاماً "كان ولدي طفلاً طبيعياً حتى سن الخامسة يمشي بصورة عادية ويكرر الكلمات التي أقولها له، لكنه بعد ذلك بدأ يقوم بتصرفات غريبة ويدور حول نفسه ويمشي على أطراف أصابعه، وتم تشخيص حالته بالتوحد".

وأوضحت أنها حاولت أن تلحق ولدها بالتعليم ولكن لم تقبله أي مدرسة "أتمنى أن أجد مركزاً أو مدرسة تهتم بهذه الفئة من الأطفال، لكي يتحسن ولدي ويتمكن من استيعاب الكلام والتعبير عن احتياجاته وأفكاره وأحاسيسه، والاستقلال بأكله ولباسه ونظافته الشخصية، ولكن الفقر وعدم وجود مراكز مجانية متخصصة بهذه الحالات يساهم في ازدياد حالته سوءاً".

وأشارت إلى أن ولدها بحاجة لعلاجات دوائية ومتممات غذائية لكنها لم تتمكن أيضاً من تأمينها له، مؤكدة على أنها تقوم بتدريب ولدها على النطق باستمرار، ولكنها تجد صعوبة كبيرة في تعليمه.

بينما كذلك حليمة الكعيد البالغة من العمر 31 عاماً وهي نازحة من مدينة سراقب، تعاني مع طفلها المصاب بالتوحد والذي ازدادت حالته سوءاً بعد كارثة الزلزال الذي وقع بتاريخ 6 شباط/فبراير، وعن ذلك تقول "كانت تظهر على ولدي عبد الله المصاب بالتوحد البالغ من العمر 6 أعوام سلوكيات عدوانية وفرط نشاط، ولكن بعد حدوث الزلزال والأهوال التي مررنا بها، والانتقال للعيش في الخيام، توقف عن الكلام وأصبح يعيش في عزلة تامة، وبات يصعب عليه طلب احتياجاته، كما يعاني من صعوبة في النطق والاستيعاب".

وأشارت إلى أن ولدها يتعرض للكثير من النظرات والتعليقات السلبية عندما يخرج إلى الأماكن العامة، وهو أكثر ما يزعجها ويجبرها على الالتزام في الخيمة معظم الوقت.

وعن مرض التوحد تقول الدكتورة سلوى السماق البالغة من العمر 33 عاماً من مدينة إدلب "التوحد هو نوع من الإعاقة التي تحصل بسبب عطب في الجهاز العصبي المركزي، وتؤدي إلى الانعزال وتراجع بالمهارات اللغوية والاجتماعية عند الطفل، وعدم المقدرة على التكيف مع العالم المحيط".

وأوضحت أن الأطفال المصابين بالتوحد يعانون من الإهمال في إدلب جراء النقص الحاد في عدد الأطباء المختصين، ومراكز الرعاية، لذا لا يحصل الغالبية منهم على الرعاية الكافية من القطاع الطبي في ظل الحرب.

ولفتت إلى أن الدور الأكبر في العلاج يقع على عاتق الأهل، فبعد ملاحظة أعراض التوحد لدى الطفل وتشخيصها يجب العمل على تعديل سلوكه وتنمية قدراته العقلية والإدراكية والجسدية، مؤكدةً على أن تأخر ملاحظة العائلة للأعراض التي تظهر على أطفالهم المصابين بالتوحد يسهم في تأخر العلاج وزيادة وضعهم سوءاً مع مرور الوقت.

وأكدت على ضرورة إيلاء شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم أطفال التوحد الاهتمام الكافي من خلال تقديم الرعاية النفسية والصحية والاجتماعية والسعي إلى دمج أطفال التوحد في المجتمع لتحقيق التكيف الاجتماعي والسلوكي فضلاً عن تطوير قدراتهم ومهاراتهم وتنميتها كالرسم والمشاركة في المسابقات الرياضية، إلى جانب تمارين اللسان والشفاه لمساعدتهم على النطق.

ويكابد الأطفال ذوو الإعاقة صعوبات أكبر في مخيمات النزوح، حيث الحياة أكثر صعوبة وقسوة. ويُذكر أنّ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في المخيمات بلغ 73 ألفاً و188 بحسب فريق "منسقو استجابة سوريا" حتى تاريخ 4 كانون الثاني/يناير من العام الحالي.