بشهادات نساء... لا المرض أو الموت يشفع للنجاة من القصف الإسرائيلي بغزة

ثمانية أيام متواصلة أو ربما أكثر مر على استهداف مروحيات الإسرائيلي العسكرية لمختلف المناطق في قطاع غزة بشكل مكثف، متفاخراً عبر وسائل إعلامه بإنجاز ما يسمى "بنك الأهداف"

رفيف اسليم
غزة ـ لديه وهو عبارة عن استهداف المدنيين الآمنين في بيوتهم وخاصة الأطفال والنساء اللواتي تزداد وتيرة الإصابات والموت بينهم بشكل مرتفع جداً.
خلال حديث أجرته وكالتنا وكالة أنباء المرأة مع عدد من النساء في قطاع غزة أكدنَّ جميعهنَّ أن خلال الحرب مع الإسرائيلي لا يوجد أي شخص آمن، كما لا تتوافر حماية دولية لأي أحد يسكن القطاع، فالإسرائيلي يشن غاراته بشكل غوغائي ليحصد أكبر عدد ممكن من الأرواح خلال جولته التصعيدية الحالية التي لم تنجو منها حتى المقابر.
تقول سوسن هنا ذات (42) عاماً أن الليل بالنسبة لسكان قطاع غزة هو بمثابة كابوس، فبالرغم من أنها وأسرتها ضمن المدنيين الذين لا يجب أن تطالهم غارات "الاحتلال الإسرائيلي" الجوية إلا أنها تعرضت لليلة قاسية، كانت القذائف تضرب خلالها بشكل عشوائي على جميع البيوت الآمنة، "لم أكن أتوقع أن أعيش حتى اليوم إثر ذلك الاستهداف الهمجي الذي لم يستثني حتى الحيوانات أو الشجر من التدمير أو القتل".
وتكمل سوسن هنا حديثها بالقول إنها تعاني من مرض مزمن في الصدر، وقد أدى قصف قطاع غزة بقنابل الفسفور المحرمة دولياً إلى التسبب بضيق التنفس لديها، بالرغم من تناولها الدواء المحدد واستنشاق تبخيرة الأكسجين إلا أنها بقيت لساعات طويلة طريحة الفراش تنتظر الموت، "رفضت نقلي للمشفى خشية أن يعتبرني الاحتلال الإسرائيلي هدف عسكري، ويقوم بقصف السيارة خلال الطريق".
فيما تصف دانيا الجخبير ذات (27) عاماً حالة الهلع التي تصيبها كل ليلة إثر استهداف المروحيات والمدافع المتواصلة لقطاع غزة فتقول، أن اقتراب موعد ولادتها هو ما يصيبها بحالة من الخوف الشديد على جنينها، فهي ترى نفسها تموت في كل ليلة خلال كوابيس مستمرة تدفعها للصراخ عند صحوها، "ذلك الخوف يرافقه حالات بكاء هستيرية قد تستمر لساعات كلما شاهدت عدد المجازر تزداد في القطاع، وخاصة النساء والأطفال".
وتكمل "نبضات قلبي تكاد لا تهدأ إضافة لضيق النفس وألم البطن المستمر الذي يصاحبني لساعات في بعض الأحيان، إن أكثر ما أخشاه هو أن يحل موعد ولادتي ليلاً فجنون مروحيات الاحتلال سواء بالليل أو النهار يجعله يتعامل مع أي جسم متحرك على أنه هدف عسكري، فأخشى أن يتم استهدافي قبل وصولي للمشفى ورؤية طفلي"، كما أنها تقلق على زوجها من أن يصاب وتنجو هي، خاصة أنه يرفض تركها وحدها في تلك الحالة.
ويتوقع أن تلد (1000) امرأة في قطاع غزة خلال الفترة الحالية في ظل استمرار استهداف القطاع بشكل واسع النطاق من قبل الطائرات الإسرائيلية، حسب تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية بالتزامن مع تدمير أكثر من ٥٠ سيارة ووسيلة نقل بشكل جزئي أو كلي في القطاع باعتبارها أهداف عسكرية متحركة. 
أما شيماء نصار ذات (23) عاماً فقد استنكرت جريمة قصف المقابر في قطاع غزة من خلال نشرها لبوست لها عبر موقع التواصل الاجتماعي انستجرام، مرفق بصورة لمقبرة الشجاعية شرق غزة التي تعرضت للاستهداف مؤخراً، مستفهمة عن الحالة التي ستصاب بها إذا ذهبت لقبر والدها كي تزوره بعد العدوان على القطاع ولم تجده مكانه.
ويذكر أن الطائرات الإسرائيلية قد شنت غاراتها على ما يزيد عن ثلاث مقابر في قطاع غزة وهي مقبرة الشيخ شعبان، ومقبرة الشيخ رضوان غرب مدينة غزة ومقبرة الشجاعية شرق القطاع ما تسبب بتخريب القبور وتناثر الجثث في أنحاء المقبرة. 
فيما بالكاد استطاعت ريما لافي ذات (22) عاماً منع نفسها من معاودة الانخراط بالبكاء من جديد عندما سُئلت عن مدى شعورها لفقدان الأمان خلال التصعيد الحالي على مدينة غزة فتقول، إن "مسألة الأمن منعدمة لدى المدنيين في غزة"، فخلال استهداف موقع يتبع الحكومة في القطاع وهو ملاصق لمنزلها فضل والدها أن يخلي أفراد الأسرة المنزل، بعدما سمع إطلاق الطائرات الإسرائيلية صاروخها التجريبي الأول للتأكد من دقة الهدف المراد استهدافه. 
وتكمل أنها انصاعت للأوامر كما فعل بقية أخوتها وغادرت المنزل دون أن تعرف ما الذي ارتدته أو كيف نزلت الدرج من شدة الخوف، "بعد أن ابتعدنا عدة أمتار عن المنزل سمعنا قصف مدوي هز أركان المنطقة كان عبارة عن ثلاث أو أربعة صواريخ من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي على ذات المكان، ظننت أنني مت حتى ربتت أمي على كتفي لتنبهني بعد عشرة دقائق بالرجوع إلى المنزل". 
وتشير ريما لافي إلى أنه "أياً كانت الأحوال فجميع المناطق في قطاع غزة خلال العدوان خطر حتى البيوت، إن الدمار الذي خلفه استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي للموقع في منزلي، من تكسير وإتلاف وحرق لا يقل بشاعةً عن الألم النفسي، وحالة الهلع التي واجهتها وأسرتي".
متمنية ألا يتكرر ذلك الحدث معها مرة أخرى، وألا تطول فترة العدوان على القطاع المحاصر والمنهك من جميع النواحي الحياتية والاقتصادية.
يذكر أن اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب المؤرخة بـ 12آب/أغسطس 1949 تمنع بموجب البند 3 من الاتفاقية استهداف المدنيين بنصها الواضح "على الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، أن يعاملوا معاملة إنسانية، دون أي تمييز يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر".