بسبب مهنتهن ولون بشرتهن... عاملات النظافة على هامش الحياة

تعمل النساء المهمشات باليمن في ظل ظروف صعبة وأجور زهيدة جداً ومحرومات من أبسط حقوقهن القانونية.

رانيا عبد الله

اليمن ـ تعتبر مهنة عمال النظافة من أسوأ المهن في اليمن، وينظر لها أغلب الناس في المجتمع اليمني بدونية، إذ جميع من يعملون في قطاع النظافة "تنظيف الشوارع والأماكن العامة" هم فئة المهمشين، وهو يعتبر عنف مركب ضد النساء المهمشات كونهن نساء، ومن ذوات البشرة السوداء.

 

قطاع النظافة للمهمشات

يصل عدد النساء المهمشات في اليمن إلى مليون و200 ألف امرأة من إجمالي عدد المهمشين البالغ عددهم 3.500.000 في البلاد، وأغلب النساء تعملن في قطاع النظافة بتنظيف الشوارع والأماكن العامة أو تنظيف المنازل بأجور زهيدة جداً، لا تمكنهن من الحياة الكريمة، في ظل حرمانهن من حقوقهن القانونية، كما أنهن تعملن في أشد الظروف قساوة، حتى أثناء انتشار الأوبئة والأمراض.

أمنيتها أن تحظى بالعيش الكريم في بيئة لا تقصيها بسبب لون بشرتها، كانت ريم سعيد تتمنى أن تلتحق بالمدرسة وتكمل تعليمها إلا أنها وقريناتها حظهن أقل من باقي النساء، ولا فرصة أمامهن إلا العمل لتوفير القوت الضروري وفي مهن منبوذة "محتقرة" من قبل المجتمع اليمني. 

تعمل ريم سعيد كعاملة نظافة في شارع الضبوعة بمدينة تعز جنوب غرب اليمن منذ 9 سنوات، تعمل منذ الصباح الباكر إلى منتصف الظهر في تنظيف الشارع وبعائد مادي لا يتعدى 60 ألف ريال يمني، ما يعادل 50 دولار شهرياً "أعمل في قطاع النظافة في شارع الطواحين في شارع الضبوعة منذ بداية الحرب في عام 2015".

تضطر للاستمرار بالعمل نظراً لظروف أسرتها لأنها الوحيدة التي تنفق على الأسرة المكونة من 5 أطفال ووالدها ووالدتها، وتقول "ما اتقاضاه من راتب شهري لا يفي بأبسط الاحتياجات الضرورية، لكني اضطر للعمل لتوفير ولو جزء يسير من الطعام والشراب".

 

 

نظرة دونية

تعاني ريم سعيد من صعوبات عديدة، إحداها أنها من فئة المهمشين الذين ينظر لهم المجتمع بدونية والثانية أنها تعمل في قطاع النظافة والتي تعتبر من المهن الغير محببة في اليمن، لذا فهي تتعرض أثناء عملها لشتى أشكال التنمر والعنف اللفظي والجسدي، تقول بحزن "أتعرض أثناء عملي للشتم والسب والإهانة من قبل المارين في الشارع والتجار وأصحاب المحلات، ولا أجد أدنى تقدير لمهنتي، وأشعر كأني منبوذة في المجتمع".

 

حرمان من أبسط الحقوق

بحسب الناشطة المجتمعية غدير العدني فإن المرأة العاملة في قطاع النظافة تفتقر إلى أبسط الحقوق "الغالبية العظمة من العاملات في قطاع النظافة هن من المهمشات اللواتي يمارس ضدهن التمييز كونهن نساء ولأنهن تنتمين إلى سلالة طبقية وتتعرض للعنف اللفظي والجسدي في أوقات عملهن بالشارع".

وترجع غدير العدني سبب أن أغلب عاملات النظافة من المهمشات كون الأمية منتشرة بأوساطهن بشكل كبير، فهذه الفئة محرومة من التعليم وخاصة النساء، كما أن النساء المهشمات لا تدخلن أولادهن إلى المدارس بسبب الفقر والتنمر الذي يتعرض له الأطفال في المدرسة كونهم من المهمشين، لذلك فالأمية منتشرة بشكل كبير.

كما أن العاملة في قطاع النظافة لا تأخذ حقها من الاجازات الرسمية والاجازات المرضية، فهي تعمل أثناء الحمل، وتعمل بعد الولادة بعشرة أيام، بحسب حديث مسك المقرمي رئيسة جمعية كفاية التي تُعنى بقضايا المرأة المهمشة.

وقالت إن "حرمان المرأة العاملة في قطاع النظافة من حقوقها وعدم إعطاءها حقها في الإجازات يعد انتهاك جسدي كبير للمرأة، كما أنهن لم تحصلن على راتب شهري أسوةً ببقية القطاعات، وأغلبهن تتحصلن على أجر يومي مقابل عملهن، ودون أي تأمينات".