بسبب غلاء الأدوية وفقدانها نساء إدلب يلجأن إلى طب الأعشاب
مع ارتفاع أسعار الأدوية وفقدان بعضها وتدهور القطاع الصحي في إدلب والشمال السوري بات التداوي بالأعشاب مقصد الكثيرين لتوفره ورخص ثمنه قياساً بالأدوية
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
تستقبل الأربعينية جورية القاسم العديد من المراجعين والمراجعات يومياً، للاستفادة من خبرتها في طب الأعشاب والحصول على الدواء المناسب لحالاتهم المرضية مما تحضره لهم من خلطات وكريمات وزيوت طبيعية.
ورثت جورية القاسم ابنة مدينة سرمدا المهنة عن والدها وتوسعت بخبراتها المعرفية عن طريق قراءة كتب الأعشاب وفوائدها إضافة إلى ما اكتسبته عن أبيها من مهارات عملية، وعن مهنتها تقول "العلاج بالأعشاب طريقة مستخدمة منذ القدم وهي نافعة في العديد من الحالات ولكل عشبة ميزاتها وفوائدها وهناك عدة طرق للاستفادة من الأعشاب ومنها النقع والكمادات أو الغلي أو المراهم والزيوت".
وتؤكد أنها عالجت العديد من الأمراض المزمنة بما فيها العقم وجانب من الأمراض المعتادة إضافة لحالات مستعصية لمرضى عالجتهم وتماثلوا للشفاء بفضل الأعشاب التي وصفتها لهم كالكولون والشقيقة وارتفاع ضغط الدم والشحوم والكوليسترول، الأكزيما، الروماتيزم، أمراض الصدر، الوهن والضعف العام، ومن أهم الأعشاب المستخدمة الشاي الأخضر، البابونج، اليانسون، الزنجبيل والزعفران وغيرها.
وينقسم أهالي إدلب بين مشككين بقدرة طب الأعشاب على شفاء الأمراض، ومقتنعين بها، فماوية الزاكي (٢٨ عاماً) من مدينة إدلب والتي أمضت ست سنوات بعد زواجها دون حمل رغم كل مساعيها وتناولها الكثير من الأدوية لمساعدتها على الحمل لم ينجح الأمر إلا بعد لجوئها لطب الأعشاب، حيث تقول "قصدت في البداية طبيبة نسائية وهي أكدت لي خلوي من أي عوائق صحية تمنع الحمل ومع ذلك لم يحدث، إلى أن نصحتني صديقتي بالتوجه لطبيبة أعشاب والتي وصفت لي ورق الزيتون".
وتضيف "كانت وصفة نافعة وسهلة، رحت أتناول مغلي ورق الزيتون على الريق صباحاً ومساءً قبل النوم فلم يمضي شهرين على التزامي بالوصفة حتى حدث الحمل أخيراً".
ماوية الزاكي حامل اليوم في شهرها السادس وتنتظر مولودها بفارغ الصبر، وتنصح كل من استعصى عليه المرض أن يقصد طب الأعشاب "سيجد فيه ضالته" وفق تعبيرها.
من جهتها لا تؤمن سلام طه (٣٥عاماً) من بلدة الدانا بقدرة طب الأعشاب على شفاء الأمراض فهي استعملت الخلطة التي وصفتها لها طبيبة الأعشاب لحالتها المرضية التي تمثلت بظهور كتلة دهنية في قدمها ولكنها لم تشفى إلا بعد أن لجأت إلى طبيب أجرى لها جراحة شفيت على أثرها، ولذا فهي تعتبر طب الأعشاب ليس فعّالاً كالأدوية الكيميائية وإنما يمكن اعتباره طب وقائي أو مقوي للجسم على حد وصفها.
الصيدلانية رهف المقدسي (٥٨عاماً) تقول إن الأعشاب الطبية عبارة عن عقاقير من أصل نباتي وتحوي مواد فعّالة ولكن يجب أن يتم تناولها بحرص شديد وأن تكون جرعاتها مدروسة ومحسوبة بدقة كون بعض الأعشاب لها مضار ومساوئ رغم أنها طبيعية.
وتشير إلى أن طب الأعشاب هو من أكثر أنواع الطب البديل انتشاراً وهو متنوع حسب استخداماته وتخصصاته، فهنالك أعشاب للحالات الطبية المرضية وأخرى تخص صحة الطفل والرجل والمرأة والمسنين "جميع العلاجات العشبية لا زالت خاضعة للتجارب المعملية والأبحاث العلمية المختلفة للخروج بنتائج مؤكدة عن نتيجة علاج كل عشبة".
ويقوم المتخصصون في مجال العلاج بالأعشاب باستخدام كل أجزاء النباتات في الطب العشبي مثل الأوراق والسيقان والزهور والجذور، في علاج أمراض أو تخفيفها أو مواجهة أولية لها.
وتبين رهف المقدسي أنه ليس بالضرورة أن تكون الأشياء طبيعية آمنة في كل الأوقات وخاصة أن الكثير من التقارير من مختلف أنحاء العالم قد أجمعت على أن الأعشاب قد يكون لها تأثير ضار في بعض الأحيان كالتسمم والتداخلات الدوائية وعدم وجود إرشادات للجرعة وعدم خضوع طب الأعشاب لطريقة منظمة وهي غير مناسبة لكثير من الحالات.
في مجتمع إدلب يوجد استخدام لطب الأعشاب منذ القدم وزاد استخدامه في الوقت الراهن نتيجة تدهور القطاع الدوائي وارتفاع أسعار الأدوية التي تزامنت مع فقر المدنيين وعدم قدرتهم على تأمينها.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية أن ٨٠% من سكان العالم يستخدمون حالياً الأعشاب كعلاج طبي أولي، ومع تدني مستوى المعيشة في سوريا حيث يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر لجأت شريحة كبيرة منهم للطب البديل.