بسبب العنصرية والتضييق... لاجئات في تركيا تفقدن أبنائهن وأزواجهن

مع تصاعد الانتهاكات والتضييق الممنهج على اللاجئين السوريين في تركيا، كان للنساء القسم الأكبر من تبعات العنصرية التي حرمتهن من أزواجهن وأبنائهن لتواجهن أعباء الفقد واللجوء في آنٍ واحد.

هديل العمر

إدلب ـ السوريين باتوا دون حقوق تحفظ كرامتهم وحياتهم في تركيا، إذ أنه بإمكان أي مواطن تركي أن يرحل عائلة كاملة بمجرد تقديمه شكوى في مخافر الشرطة لأي سبب.

منذ ثلاثة أشهر تعاني صفاء نوار البالغة من العمر 40 عاماً، من أوضاع اقتصادية ومعيشية في غاية الصعوبة بعد أن رحلت السلطات التركية أبنائها أثناء عودتهم من عملهم في مدينة اسطنبول، لتبقى وحيدة مع زوجها الذي يعاني من إعاقة دون سند أو معيل.

وقالت إن عنصريين أتراك قدموا شكوى بحق أبنائها بحجج وذرائع لا أساس لها، لتعمد السلطات الأمنية إلى اعتقالهم وترحيلهم في غضون 24 ساعة، دون توضيح التهم المنسوبة إليهم أو حتى السماح لها برؤيتهم وتوكيل محامي للدفاع عنهم.

وأضافت أنها تواجه مع زوجها تهديدات مستمرة من قبل شبان أتراك لترك منزلهم ومغادرة الحي الذي يسكنونه دون أي أسباب سوى أنهم لاجئين سوريين، في حين لم تلقى شكواهم في مخافر الشرطة أي استجابة أو آذاناً صاغية.

وأشارت إلى أنها باتت تعيش وسط ظروف معيشة واقتصادية مزرية بعد ترحيل ولديها المعيلين الوحيدين لها ولزوجها، ما أجبرها على التفكير جدياً بمغادرة تركيا والعودة إلى سوريا.

"وين بدنا نروح" هكذا قالت صفاء نوار، وخاصة أنها مهجرة من مدينة حلب، أنها ستضطر للسكن ضمن المخيمات التركية التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء.

ولفتت إلى أن جميع محاولات أبنائها للدخول إلى تركيا مرة أخرى بطريقة التهريب بائت بالفشل بسبب سياسة البطش التي يتبعها حرس الحدود التركي من تعذيب وإطلاق نار على الأشخاص الراغبين بالوصول تركيا.

بعد تهديدهم بالقتل، اضطرت رؤى النوباني البالغة من العمر 28 عاماً للعودة إلى إدلب، وترك زوجها الذي غير مكان سكنه وعمله بعد أن حاول شبان أتراك اقتحام منزلهم بالقوة لولا تدخل سكان الحي.

"خربوا علينا حياتنا وذنبنا الوحيد أننا سوريون" بهذه الكلمات لخصت معاناتها بعد أن أجبرت على ترك زوجها بحثاً عن مناطق أكثر أمناً، خاصة بعد أن تكررت حوادث قتل السوريين على يد مواطنين وعناصر أتراك.

وقالت إن مواطنين أتراك وجهوا لزوجها عدة تهديدات بالقتل قبل أن يحاولوا كسر باب منزلهما لقتل زوجها، ما دفع زوجها لاحقاً لإرسالها مع أطفالها الثلاثة إلى مدينة إدلب حفاظاً على سلامتهم، خاصة بعد أن عجزوا عن إيجاد منزل للإيجار ورفض الأتراك تأجير منازلهم للسوريين.

وأضافت أن السوريين باتوا دون قيمة أو حقوق تحفظ كرامتهم وحياتهم في الأراضي التركية، إذ أنه بإمكان أي مواطن أو شخص تركي أن يرحل عائلة كاملة بمجرد تهديها أو تقديم شكوى في مخافر الشرطة لأي سبب.

وأشارت إلى أن زوجها لا يستطيع العودة إلى إدلب بسبب نسبة البطالة المرتفعة وعدم وجود عمل يمكنه من الإنفاق على عائلته، وهو ما دفعه للبقاء في تركيا رغم المخاطر والتحديات.

وتعيش الآن مع خالتها الوحيدة في إحدى المخيمات العشوائية بالقرب من بلدة دير حسان شمال إدلب، وسط ظروف تصفها "بـ المزرية" وافتقارها لأدنى مستويات المعيشة.

ومن جانبها ترى المرشدة النفسية والاجتماعية شهد أبو الجعص وهي ناشطة نسوية مقيمة في مدينة إدلب، أن اللاجئات السوريات في تركيا كُنَ المتضرر الأكبر من تبعات العنصرية والقرارات المجحفة التي أدت في نهاية المطاف إلى تشتت عوائلهن بشكل أو بآخر.

وأضافت أن الاضطهاد والعنصرية المتنامية في تركيا وضعت النساء واللاجئات السوريات أمام خيارات صعبة للغاية حرمتهن من البيئة الأسرية والاجتماعية، وساهمت بشكل كبير في تشتيت عوائلهن من خلال ابتعادهن عن الزواج أو المعيل لتواجهن صعوبات اقتصادية واجتماعية ونفسية في الوقت نفسه.

وأكدت على ضرورة وقف الهجمات العنصرية على اللاجئين السوريين من خلال إظهار جدية أكبر من قبل السلطات التركية التي شجعت سياستها على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق اللاجئين واللاجئات، وهو ما أدى لتهميش وتشتيت العوائل المتضررة.