بقوة وايجابية تواجه سرطان الثدي

قوية، صلبة، وإيجابية، لم تستسلم للمرض بل تواجهه بالهدوء نفسه الذي تحلت به شخصيتها، ربما كان فرصة لتولي نفسها الاهتمام والحب الذي كانت تحيط به الآخرين، وبدلاً من أن يمدها محيطها بالقوة، عكست قوتها عليه.

كارولين بزي

بيروت ـ قالت سناء دياب "شعرت أنه علينا أن نعيش الحياة بسعادة، ربما أحياناً تسيطر علينا مشاعر ضعف وغضب بسبب أزمة ما، ولكن يجب أن نعتبرها مرحلة وتمر". وتسأل "هل هناك أقوى من السرطان؟ أنا أقول مرحلة وستنتهي وبالفعل".

 

"هكذا اكتشفت إصابتي بالسرطان"

حرصت سناء دياب البالغة من العمر 45 عاماً، على إجراء فحوصات الكشف المبكر عن سرطان الثدي، ولكن وباء كورونا منعها لعامين من الخضوع للفحوصات خوفاً من دخول المستشفى.

تروي سناء دياب لوكالتنا كيفية اكتشاف إصابتها بسرطان الثدي، وتقول "اكتشفت أنني مصابة بسرطان الثدي منذ نحو ثلاثة أشهر. كنت خارج لبنان وقد لاحظت بأن هناك تغيراً بشكل الصدر وشعرت بأن هناك شيئاً غير طبيعي كما لاحظت إفرازات في الثدي".

وأوضحت "في اللحظة التي وصلت فيها إلى لبنان، قمت بزيارة الطبيب وأجريت صور أشعة واختبارات. عندما خضعت للفحوصات المخبرية، أخبروني بأن هناك ثلاثة كتل ولكن لم يعرفوا طبيعتها، فأجريت خزعة لتحليلها واكتشفنا بأن هناك ثلاثة أورام، اثنان في الصدر وواحد في الغدد اللمفاوية".

وعن اللحظة التي عرفت فيها خبر الإصابة بسرطان الثدي، قالت "أخبرتني الطبيبة بأن لدي ثلاثة أورام سرطانية، وفوجئت بنفسي والعقلانية التي تحلّيت بها. حملت دفتراً وقلماً وبدأت بكتابة المعلومات والتفاصيل التي كانت تخبرني بها الطبيبة، كي لا أنسى شيئاً لأنني في حال انفعلت سأنسى، أخذت رقم الطبيب الجرّاح وذهبت في اليوم نفسه إليه وحددنا موعدنا للعملية، وعلى الرغم من إصابتي بسرطان الثدي، ولكن اللحظة السعيدة كانت عندما علمت بأن المرض لم ينتشر في جسدي".

 

"رحلة العلاج مع الكيميائي"

وأضافت "أجريت عملية جراحية واستئصال كامل للثدي، وبدأت رحلة العلاج الكيميائي، خضعت لثلاث جلسات مكثفة، كما سأخضع لاثنتي عشرة جلسة مخففة، بالإضافة إلى الكيميائي سأخضع لثلاثين جلسة علاج إشعاعي، ولاحقاً سأحرص على تناول دواء لخمس سنوات لأن نوع المرض الذي تم اكتشافه حميد أي هرموني، وفقاً لما قاله الطبيب". وأشارت إلى أنها اتخذت قرار بألا تحوّل بيتها وحياتها إلى مأساة بل ستتعامل مع الأمور بقوة وعقلانية.

وأوضحت "لدينا تجربة سابقة مع سرطان الثدي وهي تجربة والدتي، إذ عانت والدتي لثماني سنوات مع سرطان الثدي بسبب خطأ طبي، ثم توفيت منذ تسع سنوات، ما أقلقني أن يعكس أشقائي تجربة والدتي عليّ، وأخبرتهم بأنني قوية وحالتي مختلفة، وتشهد لي عائلتي بأنني جعلتهم أقوياء".

 

"إما الاستسلام أو الانتصار"

لا تنكر أن العلاج الكيميائي يزعجها ويؤلمها أحياناً، والقوة التي تتحلى بها لا تمنعها من البكاء، وتقول "أحياناً أسمح لنفسي أن أبكي، لأنني يجب أن أبكي ولا أريد أن أبقي ما يزعجني في داخلي، وعندما أنتهي من العلاج ألجأ للعلاج النفسي". موضحةً "جهاز المناعة لدي يتراجع مع كل جلسة علاج، والشعور بالقوة ينعكس ايجاباً على جهاز المناعة".

وعن صعوبة اتخاذ قرار القوة، أوضحت "عندما عرفت إصابتي بالمرض، قلت لنفسي إما أن أنهار، أو أكون قوية وأهزم المرض، لا خيار ثالث أمامي، فقررت اختيار القوة، كل شخص سيتعرض لأمر مماثل، إما تستسلم ويهزمك المرض أو تكون قوياً وتنتصر عليه".

 

"السرطان مرحلة وتنتهي"

وقالت "استمر شعري بالتساقط، لذلك اتخذت قرار أن أدعه يتساقط، القرار كان صعباً، ففي البداية استأصلوا الثدي والآن يتساقط شعري، فشعرت بأن جسدي ينهار".

تغيّرت سناء دياب كثيراً بعد إصابتها بسرطان الثدي، ربما فتح المرض عينيها أكثر على الحياة التي كانت منهمكة بمشاغلها، الحياة التي كانت تتعامل معها بجدية وصرامة، وقالت "اليوم أحاول أن أعيش الحياة بسعادة وبرسم ابتسامة على وجهي، أن أهتم بنفسي وأحب نفسي مثلما طلبوا مني، لأنني شخص لا يهتم بنفسه بل يرتكز اهتماماته على المحيطين به، حتى في عملي ودراستي، تغيّر تفكيري".

 

"هذا ما تعلمته من تجربة والدتي"

عما تعلمته من تجربة والدتها، تقول "والدتي علمتني أن أكون قوية، أخجل من أن أضعف أمامها، انتشر السرطان في جسد أمي ووصل إلى دماغها وحافظت على ابتسامتها حتى اللحظات الأخيرة، وكانت قلقة علينا حتى في لحظاتها الأخيرة، أخجل من أن أضعف أمام قوتها، كما أخاف من أضعف لأنني أشعر بأنها تراني من مكان ما، ولا أريدها أن تحزن".

وأضافت "أخاطب صورتها كل يوم، وأخبرها بأنني أصبت بالمرض مثلها ولكنني قوية، لا أريدها أن تحزن".

وتتبع سناء دياب نظاماً غذائياً صحياً في حياتها بشكل عام، "أتناول الأطعمة التي ترفع من نسبة المناعة والدم ولا تؤذي المعدة لأن المعدة تتأثر كثيراً بالعلاج الكيميائي".

وتؤكد أن على كل امرأة أن تخضع لاختبار الكشف المبكر عن سرطان الثدي ولو مرة في السنة، "لم أخضع للفحص المبكر لسنتين، وربما لو أجريت فحوصاً في السنتين الماضيتين لكان لدي ورم واحد بدلاً من ثلاثة".