'بناء وعي جمعي سليم يعني حماية حقوق النساء'

اُستخدم مفهوم الوعي الجمعي مؤخراً لخدمة قضايا النساء، فهو يهدف إلى بناء جيل يؤمن بقضايا المرأة وحقوقها العادلة.

رفيف اسليم

غزة ـ يعمل مفهوم الوعي الجمعي على زيادة وعي الأفراد لترسيخ مبدأ العدل في توزيع الأدوار والقضاء على العنف للوصول إلى حياة آمنة ومجتمعات خالية من الجرائم.

عرفت الباحثة والناشطة السياسية والمجتمعية والحقوقية حلا القيق شومان الوعي الجمعي بأنه كيفية بناء وعي المجتمع وأفراده بهدف الوصول إلى أسرة سليمة، منتجة، آمنة، أي خالية من العنف الممارس ضد النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال توعية الأفراد وتثقيفهم، بالتالي تحريك المجتمع نحو خطوات أكثر فعالية برفض العنف والتبليغ عنه أينما وجد في سبيل حماية الضحية ومعاقبة الجاني.

ولفتت إلى أن ذلك الوعي ربما يستغرق عدة سنوات كي تلمس نتائجه على أرض الواقع، لكن من الممكن أن يكون أسهل مع الفئات الأصغر سناً أي الشباب والأطفال، مؤكدة على ضرورة عمل الناشطات في مجال حقوق المرأة والمدافعين عنها بإرساء قواعد ذلك الوعي التي تلزم الجميع على احترام النساء ومساعدتهن على نيل حقوقهن المشروعة التي كفلتها لهن القوانين الدولية.

وبينت حلا شومان أن جميع الامتيازات التي يتمتع بها الرجل اليوم سواء على صعيد الحقوق أو المناصب السياسية والإدارية والتي يشغلها في مجالات مختلفة قد تكون اضطهاد للنساء كونها ملك لهن، لكن الفكر والهيمنة الذكورية دوماً ما تقف عائق أمام النساء لنيل نصيبهن منها.

وأوضحت أن تلك الأجيال يجب أن تعي بشكل جيد مدى أهمية عدالة توزيع الأدوار ومشاركة المرأة التي من شأنها تحقيق نهضة في كافة المجالات، لافتة إلى أن الوعي بتلك الحقوق ليس أمر مستحيل ويبدأ بتربية الطفل في المنزل.

 

وعي جمعي يعني مجتمعات آمنة

ولفتت حلا شومان، أنه يمكن إصلاح المجتمع عن طريق تكوين وعي جمعي تشارك به مختلف الأسر بأفرادها، مشيرةً إلى أهمية الانتباه للمصطلحات التي تستخدم في قضايا الدفاع عن النساء من قبل مقدمي الخدمات وضرورة تبسيطها لكي يفهمها الأفراد من كافة المستويات التعليمية والمعيشية كالنوع الاجتماعي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وغيرها التي قد يجهلها البعض مستبدليها بمفهوم العنف الأسري.

وأكدت أن الرفض من قبل المجتمع ليس نهاية الطريق، بل من الممكن أن يستجيب عدد قليل من الأفراد الذين سيعملون بدورهم إلى نقل ذلك الوعي لمجموعات أكبر بالتالي يصبح تكوينه مسألة وقت تزداد أهميتها في ظل انتشار جرائم بشعة ترتكب بحق النساء كالتعنيف الجسدي واللفظي والتحرش والاغتصاب والقتل.

 

"رفض الواقع بداية للتغير"

ولا تنكر حلا شومان، أن الوعي الجمعي يجعل الفرد مدرك للمشكلة بالتالي يبحث عن حلول مختلفة لها، ففي السابق قبل أن يتم البدء بالحديث عن ذلك المفهوم كان صراخ المرأة يسمع ولا أحد يحرك ساكناً، اليوم توجه لها معلومات كاملة من قبل الجيران لتزويد أجهزة الشرطة بها كي يتم التحرك لمكان الحادث وإنقاذ المرأة قبل أن يفقدها المعنف حياتها في ظل الحفاظ على سرية بيانات المبلغ بشكل كامل.

بدورها تقوم حلا شومان، بعمل عشرات الجلسات التي يحضرها عدد كبير من مختلف الفئات العمرية تتحدث بها عن الطلاق والحضانة والوصاية المالية والتعليم والسفر التي تمنح للأب حتى لو كان معنف أو مغتصب، مشيرة أن طرح تلك القضايا يكون من أجل إيجاد حلول وتشكيل ضغط شعبي لتعديلها مع الجهات المختصة وصولاً لحياة أكثر عدالة.

ولا تنكر أن الوعي الجمعي هو ما يجعل عشرات النساء تثقن بها وتتواصلن معها في سبيل إيجاد حلول لقضاياهن فإحداهن أرسلت أن زوجها يكاد أن يقتلها هي وفتياتها، فما كانت منها سوى أن أرسلت لجنة مختصة من المركز لاستضافة الفتيات ووالدتهن وسجن الأب الذي يعتبر حياتهن مجرد لعبة يمكنه العبث بهما وقتما شاء.

وأكدت أن الأمر ما زال معقد والعمل على تكوين الوعي الجمعي يحتاج خطوات أكثر فعالية، إلا أنها لا تستطيع إنكار جهود العشرات من الشباب/ات الذين أصبحوا يتقدموا للتبليغ عن العنف للجهات المسؤولة كونهم أدركوا حق النساء بحياة أمنة، إضافة إلى احترام فكرة أن تقودهم امرأة. وتمنت أن يعمم مفهوم بناء الوعي الجمعي وأن تخلوا جميع المجتمعات من العنف.