'بدون تحرير المرأة لا يمكن كسر قيود المجتمع'
أكدت الباحثة في الشؤون الاجتماعية مهتاب محبوب أن القوانين الإيرانية تمنح ذوي المرأة الحق في إزهاق حياتها وتقرير مصير النساء والأطفال خاصة الإناث منهم.
شهلا محمدي
مركز الأخبار ـ جاء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ليضع حد للممارسات المرتكبة بحق النساء، إلا أنهن في إيران تتعرضن لمختلف أشكال العنف بما في ذلك عنف من الدولة ذاتها.
حظيَ العنف الجنسي والجسدي والنفسي ضد المرأة بدعم من القوانين الأبوية خاصة في ظل الحكومات الاستبدادية كإيران، كما قوبل نضال المرأة بقمع واسع النطاق، هذا ما أكدت عليه الباحثة الإيرانية في الشؤون الاجتماعية مهتاب محبوب.
وترى أن القوانين هي الرادع الأبرز للعنف ضد المرأة "على سبيل المثال مقتل رومينا على يد والدها في إحدى القرى المحيطة بتلش، ومع الأخذ بعين الاعتبار السياق الثقافي والاجتماعي والعشائري وأهمية المعتقدات المعيارية، فقد قام والدها بقتلها بعد أن سأل أحد المحامين عن العقوبة المترتبة على مرتكبي هذا النوع من الجرائم وعلم أن العقوبة النهائية التي تنتظره تتراوح بين 3 و7 سنوات سجن، في معظم الدول يرى الناس أن العقاب رادعاً يمنعهم من ارتكاب الجرائم بحق النساء، إلا أن الأمر لا ينطبق على قوانين العقوبات الإيرانية التي تعطي ذوي المرأة الحق في قتلها وتمنحهم نوع من الحق في تقرير مصير الأطفال وخاصة الفتيات ونساء الأسرة".
وأضافت "ما ورد في القوانين لا يضع حداً للممارسات المرتكبة بحق المرأة كما أنها تترك المعتدين أحراراً، ففي الأشهر القليلة الماضية سمعنا مراراً وتكراراً عن حالات عنف قام بها رجال ليس فقط ضد النساء ولكن ضد أي شخص يكون من الأقليات".
وفيما يتعلق بالعنف المنزلي ضد المرأة قالت مهتاب محبوب "ينبغي النظر في سياق أوسع لنوع العلاقات الموجودة في المجتمع، في الواقع العلاقات الهرمية سواء في مجال الاقتصاد أو العلاقات السياسية، تخلق فخاً للآخرين، وفي هذا التسلسل الهرمي توضع النساء والأقليات الجندرية في أدنى مستوى، ويتم تطبيق تقاطع الاضطهاد عليهم، وما يمكن قوله في مجال العنف الأسري هو أنه في كثير من الحالات ينتهي العنف بجريمة قتل"، وأضافت "لكن خلال العلاقات التي تكون في سياق أكبر مثل العلاقات الاقتصادية والحصول على التعليم والعمل يمكن إتاحة الفرصة للمرأة للتعبير عن نفسها والخروج من حالة العنف".
وتطرقت إلى أن "العنف ينبثق من السياق العام للعنف الشائع في المجتمع والمنزل، ويؤدي في أشد أشكاله تطرفاً إلى القتل، إلا أن هناك مقاومة في كافة المجالات حيث تحاول النساء إحداث تغييرات كرفض الحجاب الإلزامي إلى محاولة الدفاع عن الحق في التعليم إلى النضال على مستوى السياسة العامة، وبالتالي نرى أنه بدون تحرير المرأة لا يمكن كسر قيود المجتمع".
كما قامت مهتاب محبوب بتقييم عنف الدولة ضد المرأة بقولها "من ناحية أخرى لا تطبق الدولة عنفها على المرأة بشكل فردي فحسب، بل كذلك ضد أي نوع من المنظمات والمجموعات التي نعرفها داخل إيران، نعلم أن أعضاء هذه المنظمات معتقلون، ويحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة، ويتهمون بالتبعية لدول أجنبية، وإقالة النساء من مناصب صنع القرار في الحكومة، بحجة أنهن حصلن على تمويلاً خارجي، كل ذلك فقط لحرمان النساء من تنظيم أنفسهن".
أكدت أن ثورة "jin jiyan azadî" أحدثت تطوراً كبيراً في إيران والعالم "نحن أمام ثورة عظيمة، تتمتع بقوة وتستطيع حشد الكثير من القوى لتعطيل الآلية السياسية برمتها، ولكن كما رأينا باستثناء الحركة الرمزية لقص الشعر، فإن السياسيين في أوروبا وأمريكا باختصار في العالم الحر لم يتخذوا قراراً أو يقوموا بأي أجراء حتى لو إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب ودعم المحتجين داخل إيران، من الصعب التكهن فيما إذا كانت قوة التنظيم وقوة الإرادة قادرة على إسقاط حكومة لا ترحم مثل إيران، لأن القوى الداخلية ليست هي صاحبة القرار الوحيدة، لكننا بلا شك نملك ثورة اجتماعية داخل البلاد".
وأشارت أن "النساء الآن تصرخ بمنتهى القوة في الشوارع، ويقاومن في السجون ويحشدن نوعاً من القوة الاجتماعية، يجب على المجتمع أن يفكر في إجابة لماذا يجب على المرأة أن ترتدي الحجاب عندما لا ترغب في ذلك؟ لماذا لا يكون للمرأة الحق في جسدها؟، ولماذا لا تكون قادرة على اتخاذ قرارات بشأن حقها في الإنجاب أو عدمه، إن إعطاء المرأة الحق في كل ما سبق سيحدث تغيير كبير في مجتمع مثل إيران وفي نظام ليس فقط سياسياً ولكن أيضاً من حيث الدعاية والهيمنة لسلسلة من المعتقدات والاستخدام السياسي لما كان موجوداً منذ أربع عقود".
وأضافت "ثورة "jin jiyan azadî" هي الثورة التي أحدثت صدعاً وتحولاً في المجتمع انطلاقاً من المقاومات الفردية ضد شرطة الأخلاق، التي أشعلت شرارة الثورة في شرق كردستان وانتشر في العديد من مناطق إيران والعالم".
واعتبرت مهتاب محبوب أن وضع المجتمع تحت المراقبة من قبل الحكومة بمثابة إجراء لزيادة العنف على مستوى المجتمع، "مراقبة الفضاء الإلكتروني يؤدي إلى زيادة العنف ضد النساء والأطفال والأقليات، والأولوية في تلك اللحظة هي لإنقاذ الحياة والحصول على الأمان كشكل من أشكال البقاء فإن ذلك يؤدي إلى فقدان المرأة لحقوقها التي كانت تتمتع بها حتى تلك اللحظة، وعلى الساحة الدولية تستخدم إيران التدخلات التي تمكنت من القيام بها في بلدان أخرى، إن الوضع الذي تعيش كلاً من العراق وأفغانستان جعل المنطقة متوترة للغاية، من ناحية هناك فوضى في العراق، ومن ناحية أخرى طالبان التي أطاحت بالحكومة الشرعية".
ومستنكرة بقولها "أي نوع من الإسلام السياسي المتطرف ينتهجون ونحن نعيش نوع من عدم الاستقرار، بالإضافة لما تفعله تركيا للترويج لحرب في مجال العلاقات الدولية، اعتقد أن هذا المستوى من عدم الاستقرار كافاً لدفع الحكومات الغربية في تحقيق نوع من الاستقرار في منطقة جغرافية واسعة مثل إيران، بغض النظر عن الظروف الداخلية لهذا البلد من حيث حقوق الإنسان وحقوق المرأة وما إلى ذلك".