بعد سنوات من تحرير الطبقة... النساء تشاركن في الانتخابات البلدية

تعد تجربة الانتخابات البلدية في إقليم شمال وشرق سوريا إحدى الانتصارات التي تحققت بعد سنوات من تحرير العديد من المناطق من رجس مرتزقة داعش.

يسرى الأحمد  

الرقة ـ في الذكرى السنوية السابعة لتحرير مقاطعة الطبقة أكدت النساء أن تحرير مقاطعة الطبقة كان مرحلة مفصلية وانتقالية في واقعهن، مشددات على تكثيف نضالهن لحماية مكتسبات ثورتهن وسط الحرب الخاصة التي تتعرضن لها.

شهدت مقاطعة الطبقة إبان سيطرة مرتزقة داعش حقبة سوداء، مارس حينها أبشع الانتهاكات والجرائم بحق الأهالي وخاصة النساء التي كان لهن النصيب الأكبر منها، ومورس بحقهن القتل والتعذيب والسبي والرجم، إلى حين تم تحريرهن، ففي الـ 21آذار/مارس 2017 أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن بدأ حملة تحرير مقاطعة الطبقة والتي أطلقت عليها اسم حملة "غضب الفرات"، استمرت الحملة  لمدة 48 يوم، ليتم الإعلان الرسمي عن تحريرها في العاشر من أيار/مايو، والتي كانت تعتبر بالنسبة لهن نقطة الخلاص من رجس داعش، ومع مضي سبعة أعوام على تحريرهن وحتى الآن وهن تواصلن العمل على تطوير ذواتهن وفكرهن.

وفي الذكرى السابعة لتحرير مقاطعة الطبقة قالت الإدارية في مجلس تجمع نساء زنوبيا في مقاطعة الطبقة هدى العلي أنها "لحظة تاريخية، وبمثابة قفزة نوعية في واقع النساء على وجه الخصوص، ونقطة الخلاص من رجس مرتزقة داعش، وذلك بفضل التضحيات العظيمة لأبنائنا وبناتنا اللذين قدموا أغلى ما يملكون في سبيل تحرير أرضهم".

وحول التغيرات التي طرأت على واقع المرأة بعد سبعة أعوام من تحرير الطبقة أوضحت أنه "هناك تغيير كبير طرأ على واقعها، حيث عانت المرأة إبان سيطرة مرتزقة داعش على المنطقة لسنوات من التهميش والقمع والإبادة، لكن بعد التحرير تمكنت المرأة من إدراك ذاتها والتعرف على حقيقة وجودها وكيانها وتاريخها، ولعبت دورها الريادي والقيادي على جميع الساحات العسكرية والسياسة والاجتماعية والاقتصادية، وجسدت دورها بالتناصف في نظام الإدارة والرئاسة المشتركة مع الرجل".

وعن الإنجازات والانتصارات التي حققتها المرأة خلال ثورتها بينت أنه "كان للمرأة دور بارز وملحوظ في جميع المجالات، وشاركت في جميع المؤسسات والقطاعات، وأدلت مؤخراً بصوتها في الانتخابات التمهيدية لبلدية الشعب بالتناصف مع الرجل، حيث يعتبر هذا النموذج كتجربة جديدة لم تسبق تجربتها في الشرق الأوسط وتضاف إلى سلسلة نجاحاتها، وهذا يدل على مساعيها الحثيثة في التطوير والتقدم وتحقيق المزيد من الانتصارات".

وعن الدور المهم للتنظيمات والحركات النسوية في توعية وتحرير فكر النساء أكدت "لعبت العديد من التنظيمات والشخصيات النسوية دور بارز ومهم في تعزيز دور المرأة وساهم هذا في توعية فكرها وتحررها، لتكون بمثابة مساحة آمنة لهن، وسعوا عبر عقد الندوات وورشات العمل لتسليط الضوء على أهمية تعريف المرأة بمفهوم مشروع الأمة الديمقراطية ومبادئه التي تدعو إلى تحرر المرأة وحفظ جميع حقوقها بالمساوة مع الرجل".

وحول أساليب الحرب الخاصة التي تتعرض لها المرأة من قبل الدول الديكتاتورية نوهت إلى أن "الاحتلال التركي والأنظمة السلطوية الحاكمة تسعى للنيل من إرادة المرأة القوية والحرة وضرب مكتسبات وإنجازات ثورتها، لكننا لن نستسلم أمامها بل تزيدنا تلك الهجمات إصراراً ومقاومة، ودفعتنا للرفع من وتيرة نضالنا، لتحقيق النصر والحرية وتحرير جميع المناطق المحتلة".

وأكدت أنه "سنبقى سائرين على خطى شهيداتنا وشهدائنا الذين سطروا التاريخ بدمائهم، ونعاهدهم أننا لن نتوانى للحظة عن المحافظة على الإرث العظيم الذي تركوه لنا، وسنوصل صدى مشروعنا الأممي والديمقراطي الحر إلى أرجاء العالم".

 

 

ووصفت العضوة في المجلس التنفيذي لمقاطعة الطبقة جوري أحمد نبأ تحرير مقاطعة الطبقة بأنه "بداية انطلاقة جديدة للنساء نحو تحرير أنفسهن ومجتمعهن رغم كافة الصعوبات التي اعترضت طريق نجاحهن لكنهن تمكن من تغيير واقعهن بنسبة ثمانين بالمئة".

وأِشادت بدور الإدارة الذاتية في الاهتمام التي توليه لدور المرأة "في ظل تطبيق نظام الإدارة الذاتية وتأسيس المؤسسات المدنية والعسكرية والنسوية، أخذت المرأة عبر مشاركتها ضمنها حيز كبير ومنحت مكانة مرموقة في جميع المجالات، لتكون صاحبة قرار سياسي واجتماعي، وهذا ما ساهم في تعزيز ثقتها بنفسها فباتت ذات إرادة حرة وقوية، فمشروع الأمة الديمقراطي يعتمد على نظام ديمقراطي بريادة المرأة، على غرار الأنظمة الأخرى التي طالما كان فيها دور المرأة مهمش ومغيب".

ودعت جميع النساء للتحلي بالقوة والإرادة الحرة، والسير على خطى ونهج القائد عبد الله أوجلان، ومواصلة مسيرة ثورتهن، وسط ما تشهده المنطقة من تحركات وهجمات لمرتزقة داعش "عليهن التكثيف والتصعيد من نضالهن لحماية أنفسهن ومجتمعهن، والحفاظ على مكتسبات ثورتهن".

 

 

وعن الانتهاكات الوحشية التي تعرضت لها المرأة إبان سيطرة داعش قالت العضوة في المجلس المدني أميرة حمو "كانت المرأة بعيدة عن الواقع ولم تكن على دراية بما يحدث حولها أو خارج منزلها، كانت حقبة سوداء حيث مُنعت من الخروج من منزلها وفرض عليها الرداء الأسود والنقاب وعدم التحدث بحكم أن صوتها عورة".

واعتبرت مرحلة التحرير بمثابة عودة لأوجه الحياة إلى المدينة "إنها ولادة جديدة وولادة فكر حر، كانت تعيش كجسد ليس فيه روح، لكنها باتت الآن عضو فعال في المجتمع".