"عايشين بالطين"... مخيمات إدلب غارقة في الوحل والحلول غائبة

تسببت استمرار العواصف المطرية في إدلب بخروج عشرات المخيمات عن الخدمة بشكل كامل، وأدت إلى تشرد آلاف المدنيين من جديد مع أزمة جديدة تضاف إلى قائمة طويلة يعاني منها النازحين في المنطقة.

هديل العمر

إدلب ـ يواجه أهالي إدلب الذين يعيشون في المخيمات ظروفاً مأساوية وسط الحاجة والفقر والبرد والشتاء في كل عام، وتُظهر الأقدام العارية الملطخة بالطين للنساء والأطفال صعوبة الحياة في المخيمات وسط هطول الأمطار والخيام الغارقة بالمياه.

بينما تحاول تنظيف الوحل والطين من خيمتها بعد ليلة عاصفة تقول ماجدة الحراني 36 عاماً، أنها ليست المرة الأولى التي تواجه فيها مياه الأمطار المتدفقة إلى خيمتها البالية كالسيول، لتغرق أثاث الخيمة وتشردها مع أطفالها الأربعة وزوجها المريض بالقلب في منتصف الليل "كثيراً ما نلجأ خلال العواصف المطرية إلى منازل الأهالي القريبة من المخيم في حالة يرثى لها من البرد والثياب المبللة حتى صباح اليوم التالي، لنعاود إصلاح ما خربته الأمطار في خيامنا".

تشعر ماجدة الحراني وعائلتها بالقلق عند سماعهم أي خبر يتحدث عن منخفض جوي أو عاصفة، لأنهم باتوا على يقين بأنهم أكثر المتضررين منها، فالخيام الرثة لم تعد تقوى على مواجهة العواصف، ودرجات الحرارة المنخفضة تحتاج إلى مزيد من مواد التدفئة، وهو ما يعجزون عن تأمينه.

وأضافت "لقد سأمنا حياة الخيام ومتاعبها الكثيرة وسأمنا تجاهل الجميع لمعاناتنا التي طالت بلا أمل يعيدنا إلى منازلنا وقرانا التي هجرنا منها بلا رحمة، من حقنا أن نعيش كما سائر البشر حياة خالية من مصاعب العيش الأساسية وأقلها المأوى والسكن".

تعيش ماجدة الحراني في مخيمات دير حسان شمال إدلب بعد نزوحهم عن قريتهم الدير الغربي منذ قرابة الأربع سنوات وسط ظروف صعبة يسودها الفقر والحرمان وفقدان الأمان.

أما سناء الجرو 33 عاماً فقد تسببت العواصف المطرية بمرض أبنائها الثلاثة الصغار الذين استفاقوا على هطول الأمطار داخل خيمتهم وكأن "السماء تمطر عليهم مباشرة بلا سقف ولا مأوى".

وأوضحت أنها كانت ليلة قاسية تشبه الكثير من الليالي التي تعاقبت عليهم في فصل الشتاء ابان نزوحهم عن مدينتهم سراقب منذ أكثر من خمس سنوات "الخيمة باتت رديئة وبالية ولا قدرة مالية لدينا لشراء خيمة جديدة، ولا مكان نقصده إلا أرض المخيم المليئة بالوحل والطين وكأنها المنفى الأبدي".

وقضت سناء الجرو ليلتها تعمل على تدفئة أطفالها الذين ارتفعت حرارتهم وواجهوا برد الشتاء بأجسادهم الصغيرة، دون أن يتمكنوا من النوم جراء ما عانوه من البرد بملابس مبللة وأمطار تجري من تحت أقدامهم كأنها أنهار على حد وصفها.

كل ذلك عدا عن خسارتها أغلب أمتعتها والمواد التموينية والغذائية نتيجة غرقها بالمياه التي ارتفع منسوبها بشكل كبير داخل الخيمة.

ولم يقتصر ضرر العواصف على المخيمات العشوائية، بل تجاوزها إلى قطع الطرقات ومنع السيارات من العبور، ما يصعب مهمة تأمين المياه والخبز.