إيران... أزمة نقص الأدوية تضاعف معاناة المرضى

تواجه إيران في ظل معاناتها من أزمات متعددة في الآونة الأخيرة من تدهور الاقتصاد واستمرار الانتفاضة الشعبية منذ ثمانية أشهر، تراجعاً في احتياطات البلاد من الأدوية ومشاكل في إنتاجها واستيرادها.

لارا جوهري

مهاباد ـ وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يواجه أكثر من نصف مليار شخص فقراً مدقعاً بسبب المدفوعات التي قدموها للرعاية الصحية. وفي إيران يواجه المرضى مشاكل خطيرة في تلبية احتياجاتهم الصحية، إثر العقوبات المفروضة على البلاد وارتفاع الأسعار ونقص العديد من الأدوية.

عن ظروف العلاج الصعبة والجلسات النفسية وشراء الدواء، تقول سحر سليمي البالغة من العمر 39 عاماً، والتي تعاني من العصبية والاكتئاب "أنا أتعامل مع مرض عصبي منذ عدة سنوات، بعد فرض العقوبات على البلاد ارتفع سعر الأدوية بشكل كبير، لكنني مجبرة على شرائها حتى الآن".

وأوضحت أنه "أنا غير مشمولة بالتأمين الصحي، لذا لا يمكنهم الدفع لي، وحتى إن كنت أملك تأميناً صحياً فذلك لن يحدث فرقاً فهو لا يشمل العديد من الأدوية أو يدفع نسبة صغيرة، كنت أشتري جميع الأدوية بنفسي حتى جاء اليوم الذي لم أعثر على تلك الأدوية في السوق، لذ وصف لي الطبيب دواءً بديلاً، إلا أنه لم يتوافق مع جسدي".

وأضافت "عندما أصبح من النادر الحصول على الدواء الذي استخدمه، بدأ أصحاب الصيدليات في طهران يبيعونه بأسعار مرتفعة جداً، الآن بما أنني لا أستطيع تحمل تكلفة أدويتي، فقد أصبحت أقسم كل حبة إلى قسمين أي أتناول كل حبة على جرعتين، لفترة وجيزة كنت عاجزة للغاية لدرجة أنني كنت أتناول الحبوب كل ليلة، وهو ما أدى إلى إصابتي بمرض الصرع، ولكن مع هذه النفقات الباهظة لا يمكننا تحمل تكاليف الأدوية".

وأشارت إلى أن الطبيب كان قد حدد لها جلسات للعلاج النفسي "لم أستطع تحمل تكلفة جلسة العلاج النفسي التي تقدر بـ 200 ألف تومان، لذا بعد جلستين تخليت عن العلاج النفسي وبقيت اتناول الحبوب فقط، إلا أنه أصبح من الصعب عليّ الحصول على الدواء أيضاً".

تقول الطالبة في علم الاجتماع سارة قدري من مدينة سردشت والتي كانت من الناشطات السياسيات خلال دراستها "بعد الانتهاء من دراسة البكالوريوس، أخبروني أنهم لن يسمحوا لي بمواصلة تعليمي لأنني مجتهدة في دراستي، لذا عدت إلى مدينتي، ولكن في ظل المشاكل التي واجهتني مع عائلتي التقليدية، أصبت بالاكتئاب وأدركت ذلك بوقت متأخر".

وأوضحت أنها ذهبت إلى طبيب نفسي في مدينة مهاباد لتلقي العلاج "لقد أخبرت الطبيب النفسي عن مشاكلي، قال لي أنه سيوصف لي علاجاً، وأنني كناشطة سياسية لا يمكنني البقاء في المدينة فطريقي الوحيد هو الهجرة"، مضيفةً "بكيت كثيراً لأنه لم يكن لدي أي نقود للهجرة، ثم أصبت بحكة في الجلد لفترة من الوقت وبالكاد أستطيع التنفس، لكنني واصلت العلاج. بعد عام، تحسنت، لكنني كنت أعاني من صداع شديد لذلك كان عليّ إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي، لكنه غير متوفر في سردشت، فقط في أورمية ولا أستطيع الذهاب إليها لأنني لا أملك المال".

وأشارت إلى أنه "أتناول حبوب رهاكين أحياناً عندما تنفذ الحبوب لن تمنحني إياه الصيدليات بدون وصفة طبية لأنها أصبحت غير قانونية، لكن حبوبي أصبحت نادرة وكنت أبحث عن دواء رهاكين لفترة طويلة في مهاباد وسردشت ولم أجدها. بعد بضعة أسابيع وجدتها في صيدلية. في الواقع، هناك أزمة أدوية في إيران وصحة المرضى في خطر".

تعاني بيتا آغابور البالغة من العمر 23 عاماً والتي تقطن في مدينة اشنويه، من مشاكل في القلب، وعن العملية التي أجرتها والأدوية التي تتعاطاها، تقول "ذات يوم عندما ذهبت إلى المستشفى قالوا إنه لدي مشكلة في القلب خلقية، واكتشفت الأمر بعد فوات الأوان ويجب إجراء العملية على الفور".

وأضافت "اضطر والدي إلى بيع سيارته حتى أتمكن من إجراء عملية جراحية في مستشفى بطهران من قبل طبيب مختص، ووضع لي جهاز تنظيم ضربات القلب. بعد جراحة القلب، أستخدم عدة أنواع من الحبوب وبدونها، ستكون حياتي في خطر. في البداية كنت أحصل على حبوبي من صيدليات الهلال الأحمر، لكنهم قالوا إنه يجب أن أحصل على حصتي من إحدى صيدليات مدينة أورمية".

وأشارت إلى أن الحبوب في الصيدليات بمدينة أورمية لم تعد متوفرة "الحبة التي اشتريتها لها تاريخ انتهاء صلاحية مدته ثلاثة أشهر، أحاول تأمين الأدوية ولكن من الصعب التعايش مع هذا الوضع".

ليلى أكبري (اسم مستعار) طبيبة وصاحبة صيدلية في مدينة مهاباد، تقول عن حالة الطب والعلاج "العديد من الأدوية الأجنبية لم تعد مستوردة وشركات الأدوية نفسها حلت محل العينة الإيرانية، لكنني كطبيبة، أوصي دائماً بالعينة الأجنبية ورأيت تأثيرها بنفسي. ولكن بشكل عام، احتياطيات البلد من الأدوية منخفضة، حتى بالنسبة للإنتاج المحلي، وما هو واضح للجميع هو أن الشركات المحلية نفسها تواجه مشاكل في الإنتاج".

وأضافت "هذا العام، واجهنا مشاكل في توفير المصل، وأدوية الأمراض العصبية والنفسية، والمضادات الحيوية، وقطرات العين، والرذاذ التنفسي، وغيرها من الأدوية. كل صيدلية لديها حصة لأدوية معينة ونواجه نقصاً في إمداد المرضى، وقد دفعنا هذا النقص إلى استيراد مصل من بلدان أخرى أو زيادة أسعار الأدوية المحلية، فقد ارتفع سعر الأدوية بمقدار أربع أو خمس مرات".

وأشارت إلى المرضى اعتادوا الحصول على بعض الأدوية الخاصة بأسعار مجانية، لكنها الآن غير متوفرة، ومعظمهم يضطرون إلى شراء الأدوية من طهران، لافتةً إلى أن بعض الصيدليات تبيع الأدوية التي اقتربت من انتهاء مدتها، بأسعار منخفضة".

داريا محبوبي أخصائية علاج بالطب الطبيعي وعن ذلك تقول "بعض المرضى الذين يأتون إلينا يعانون من مشاكل خطيرة ويترددون في الخضوع للعلاج الطبيعي، لكن الكثير منهم يتوقف عن العلاج في منتصف الجلسات لأن لديهم مشاكل في تغطية التكاليف. كان لدينا مرضى لم يأتوا بسبب التكلفة، ولكن ساءت حالتهم لاحقاً ودفعوا المزيد مقابل المزيد من الجلسات. نعتني بالمريض قدر الإمكان، لكن تكاليف عملنا باهظة".