'أينما وجدت ثورة وجدت المرأة وأينما وجدت المرأة غدت رمزاً'

بالرغم من كل الممارسات التي تضهد النساء وتنتهك حقوقهن، إلا أنهن ما زلن مستمرات بالمقاومة تحت شعار Jin jiyan azadî، الذي تردد صداه في جميع أنحاء العالم.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ أكدت الصحفية جيان ديرك على ضرورة إعادة المجتمع إلى جوهره وتغيير الأنظمة الرأسمالية، وهو ما سيتحقق من خلال ثورات النساء ونضالهن المشترك.

 

"النظام الرأسمالي أخرج المجتمع من جوهره"

تقول الصحفية جيان ديرك التي قيمت وحللت أبرز الأجندة التي تصدرت الساحة النسوية والذهنية الذكورية المحاربة للنساء "يشهد قرن الواحد والعشرون قرن حرية المرأة العديد من الأزمات والمعضلات، الأمر الذي جعل المجتمع بحاجة إلى تغير على كافة الأصعدة".

وأوضحت أن "المجتمع مؤخراً أصبح بعيداً عن جوهره وحقيقته حيث كان للنساء الدور الأبرز، وهو ما سيتحقق من خلال ثورات النساء ونضالهن المشترك، وتحليهن بالإرادة والقوة، وتعرفهن على حقيقتهن"، لافتةً إلى أن "المرأة بدورها اليوم تدفع ثمن العبودية التي فرضت عليها منذ 5 آلاف عام، والذي من خلاله رسم النظام الدولتي سلطته"، وذكرت في سياق حديثها إيران وأفغانستان كمثال على ذلك "العديد من الدول الشرق أوسطية ومن بينها إيران وأفغانستان، يسعون لتخلف المجتمع وفرض قيود على المرأة".

 

"آلام ومعاناة جميع النساء مشتركة"

وعن النظام الرأسمالي والسياسة التي تتبعها الدول أوضحت جيان ديرك "السلطة التي فرضت القيود على النساء وحجبت حقيقتها عبر التاريخ لا تشكل فارق عن الرأسمالية الحالية، فذهنية السلطة والرأسمالية لا تزال نفسها منذ العهد السومري حتى عصرنا الحالي، لكن تجدد أسلوبها لتعاصر الوقت، فكلما عمقوا بطرق استعباد المرأة فرضوا سيطرتهم على المجتمع بشكل أكبر"، مؤكدةً على أن "إعادة المجتمع إلى حقيقته متعلق بإعادة المرأة لحقيقتها وجوهرها، وإن لم تقد المرأة ثورة لا يمكن للمجتمع الوقوف على قدميه، وهذا ما نراه حالياً في ثورة شرق كردستان وإيران".

وحول العنف الممارس ضد النساء تقول "إن الجرائم المرتكبة بحق النساء في أفغانستان هي نفسها الممارسة في إيران وسوريا والعراق وغيرها من الدول، لربما بأساليب مختلفة سواء تعذيب أو إعدام أو قتل أو تعنيف إن كانت نفسية أو جسدية لكن في النهاية هناك قتل عام بحق النساء، هناك آلام ومعاناة مشتركة تعيشها جميع النساء".

وأضافت "في إيران استشهدت جينا أميني، وفي فرنسا استشهدت ساكينة جانسيز وأفين كوي، وفي أفغانستان مرسال نبي زادة، وشمال كردستان وتركيا أيضاَ تشهد حالات قتل النساء، هذه سلسلة جرائم ترتكب بحق نساء فقط لأنهن طالبن بحقوقهن المنتهكة"، لافتةً إلى أن "سلسلة تلك الجرائم جميع حلقاتها تحاكي ذهنية الذكورية الدولتية والرجعية التي تقطع جميع الحدود دون أن تفرق بين اللون والعرق والثقافة، تستهدفها فقط لأنها امرأة، الخلاصة تكمن في أن هذه الذهنية قاتلة للنساء والحياة والحرية".

وتطرقت إلى الثورات التي شاركت فيها المرأة عبر التاريخ المناهضة لذهنية الدولة وقالت "ثورة فرنسا والحياة التشاركية وكومين باريس الذي أصبحوا مثالاً للمساوة، وكذلك ثورات الشرق الأوسط كمصر والعراق والجزائر والسودان، فقد كانت للمرأة مشاركة فعالة فيها، فلا يمكن للتاريخ إقصاء ونسيان هذا الأمر، لذا يمكن القول بأن الثورة هي المرأة بذاتها وهذا ما أكده لنا قرن الواحد والعشرون، فأينما وجدت ثورة وجدت المرأة وأينما وجدت المرأة غدت رمزاً، وهذا ما نراه في شمال وشرق سوريا، وفي حركة النضال التحرري أيضاً، إذ استطاعت في كل مرحلة تنظيم ذاتها".

وأضافت "تتمتع نساء أفغانستان بمستوى عال من التطور فلديهن مؤسسات ومنظمات خاصة بهن، ولعبن دوراً محورياً في الانتفاضات عبر التاريخ، فهن أول من افتتحن قناة باسم المرأة"، لافتةً إلى أنه "عندما المرأة تكون قوية تصبح مصدراً للهجوم والاستهداف، كما حدث مع البرلمانية مرسال نبي زادة التي ناضلت ضد حكم طالبان المعروف بدكتاتوريته وعنفه ضد النساء".

وعن الأساليب المشتركة المتبعة من قبل الحكام في كل من أفغانستان وإيران أوضحت "إن السلطات في هاتين الدولتين تتبعان نفس أسلوب الحكم وهو فرض القيود على النساء باسم الدين، لتشريع وتطبيق القوانين التعسفية، إلا أن المرأة وبالرغم مما تتعرض له لم تحني رأسها، العديد من الأفغانيات خلدن أسمائهن في التاريخ وأصبحن رموزاً وقدوة لغيرهن".

 

النساء هن من تدفعن ثمن الأزمات

وأضافت "العالم يشهد أزمات على كافة الأصعدة ولكن النساء هن من تدفعن ثمن تلك الأزمات بالدرجة الأولى، وها هي اليوم تناضل وتدفع حياتها ثمناً للحرية، والمقاومة لا تزال مستمرة تحت شعار ""Jin jiyan azadî، الشعار الذي تردد صداه في جميع أنحاء العالم مع مقتل جينا أميني، لقد قال القائد عبد الله أوجلان في تحليله لذهنية الدولة والسلطة، أن هذا الشعار سيكون رد للمرأة تجاه الأنظمة الأبوية، فالمكان الذي لا تتواجد فيه المرأة لا توجد حياة ولا حرية".

وأكدت على أنه بالرغم من أن نساء العالم منفصلات جسدياً، إلا أنهن متحدات بروحهن وإرادتهن وقراراتهن وبهذا النضال المشترك والاتحاد سيتم تغيير الأنظمة الرأسمالية.