عائلات تحت وطأة القصف والتهجير في إدلب

منذ الخامس من تشرين الأول/أكتوبر، صُعد القصف المتبادل بين حكومة دمشق والمعارضة/المرتزقة، ما أدى لتعطل الحياة بشكل شبه تام في المناطق المستهدفة وخيّم الموت على إدلب وأريافها، وشهدت العديد من المناطق حملة نزوح لعشرات العوائل إلى أماكن أكثر أمناً.

لينا الخطيب

إدلب ـ يعيش أهالي إدلب مأساة ومعاناة كبيرة في ظل استمرار القصف، فيما يزيد اقتراب فصل الشتاء وبدء موجة جديدة من النزوح والتهجير من تفاقم المعاناة، في ظل غياب أي تدخل أممي لمساعدة المتضررين والمنكوبين.

عائشة الحلوم (32) عاماً من مدينة جسر الشغور، أصيب أبنها بجروح جراء القصف المكثف على المدينة، وعن ذلك قالت "تعرض ولدي لشظية قذيفة في قدمه أثناء عودته من المدرسة، ولا يزال يتلقى العلاج".

وأوضحت أنها نزحت من المدينة كحال الكثير من الأسر لأن القصف المتبادل يستهدف مناطق مأهولة بالسكان، مشيرة إلى أن الكثير من الأسر بقيت في المدينة تنتظر مصيرها، بسبب الفقر وغلاء إيجارات المنازل واقتراب فصل الشتاء، فضلاً عن غياب المنظمات الداعمة للنازحين.

الخمسينية سلمى العوض من مدينة أريحا اضطرت للنزوح مع عائلة ابنها جراء القصف المتواصل على المدينة، وعن معاناتها قالت "الوضع كارثي، والقصف متوقع في أي لحظة من لحظات الليل أو النهار، ولم يعد بإمكاني أن أتحمل الحزن والفقد، بعد أن فقدت أبني البالغ من العمر 18 عاماً منذ سنتين".

قصدت سلمى العوض مع أسرتها مخيماً عشوائياً بالقرب من بلدة حزانو شمالي إدلب، وعن الأوضاع داخل المخيم قالت "يكتظ المخيم بالنازحين الجدد، رغم ضعف الإمكانيات، وقلة المياه وانتشار الأمراض".

وقالت "خرجنا بثيابنا التي كنا نرتديها، فنحن بحاجة لمساعدات طارئة من غذاء وحليب أطفال ومستلزمات النظافة والمياه والرعاية الصحية".

ورغم القصف والمخاطر آثرت الكثير من العائلات البقاء في المناطق المستهدفة، في ظل ظروف معيشية صعبة، وفقدان أي ملاذ آمن يحميهم من القصف الذي يستهدفهم، فضلاً عن اضطرارهم للبقاء في المنطقة لجني محاصيلهم الزراعية التي تشكل مصدر رزقهم الوحيد.

أمل الحصري (42) عاماً من بلدة بليون في منطقة جبل الزاوية، لم تنزح مع أسرتها المكونة من تسعة أفراد رغم القصف الذي يطال البلدة، وعن سبب ذلك تقول "تنهال علينا القذائف كالمطر بشكل يومي، لكننا نعجز عن تحمل نفقات النزوح واستئجار منزل، لذا نفضل البقاء والموت داخل منازلنا".

وأشارت إلى أن القصف يتزامن مع بدء موسم قطاف الزيتون الذي تنتظره أسرتها بفارغ الصبر، لتحصيل بعض المال وتأمين جزء من نفقاتها الأساسية.

وأوضحت أن القصف أدى إلى شلل الحياة في البلدة من خلال منع الأسواق وفض التجمعات، حيث يجلس جميع السكان في منازلهم، ولا يسمع سوى دوي الانفجارات وأصوات بكاء الأطفال وصراخهم.

ووثق فريق "منسقو استجابة سوريا" التطورات العامة في المنطقة منذ بدء التصعيد العسكري في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر، والتي تسبب بمقتل أكثر من 42 مدنياً بينهم تسعة نساء و12 طفلاً، وأصيب أكثر من 214 مدنياً بينهم 66 طفلاً و37 امرأة، فيما سجل مقتل اثنين من كوادر العمل الإنساني وإصابة 4 آخرين نتيجة الاستهدافات.

أما على صعيد المنشآت والبنى التحتية فقد تم تسجيل استهداف أكثر من 51 منشأة بشكل مباشر أو ضمن محيط المنشأة، من بينها أكثر من 11 مدرسة و 7 مخيمات و 15 منشأة طبية، إضافة إلى مراكز خدمية أخرى، وقد أدت الهجمات المستمرة على المنطقة إلى توقف العملية التعليمية، وحرمان أكثر من 400 ألف طالب من التعليم، كما توقفت المشافي والنقاط الطبية عن العمل للحالات العامة، مسببة حرمان أكثر من مليوني مدني من الخدمات الطبية.