أول فريق إنقاذ بحري نسوي على شاطئ غزة

مجموعة من الفتيات في قطاع غزة تشكلاً فريقاً لإنقاذ النساء والأطفال الذين يتعرضون للغرق.

رفيف اسليم

غزة ـ فريق نسوي من قطاع غزة دخل مجال الإنقاذ البحري ليكسر بهذه الخطوة النمطية والأفكار الخاطئة حول عدم قدرة المرأة على مزاول هذه العمل، ولمساعدة النساء والأطفال الذين يتعرضون للغرق.

على شاطئ بحر قطاع غزة تقوم مجموعة من النساء بتلقي التدريبات الخاصة بالإنقاذ البحري، والتي تتمثل بالإسعافات الأولية التي يحتاجها أي طفل أو امرأة قد يتعرضون للغرق، لإثبات أن النساء قادرات على القيام بهذه النوع من الإنقاذ.

أكدت مسعفة الإنقاذ البحري نورا فايز أن هذا النوع من العمل تقوم به النساء في قطاع غزة لأول مرة بالشراكة مع الهيئة الفلسطينية للتنمية، بهدف تعزيز انخراط النساء في بيئات عمل جديدة وحاجة المجتمع لوجدهن في هذا المجال، لافتة إلى أن الكثير من النساء يتعرضن للغرق ويجد العاملون في هذا المجال صعوبة في إنقاذهن، كما أن ذويهن يرفضون أن يقوم الرجال العاملين بتقديم الإسعافات الأولية لهن.

ولفتت إلى التدريبات التي تلقها المنقذات طوال الفترة الماضية والتي تمثلت بدروس حول كيفية إجراء عملية التنفس الاصطناعي حيث أن المرأة بعد إنقاذها من الغرق ستكون بحاجة ماسة إلى هذا الإجراء قبل أن يتم نقلها إلى المستشفى، كما تعرفت المتدربات على أنواع التيارات البحرية المختلفة والأماكن الأمنة والغير الأمنة التي يمكن السباحة فيها بهدف تجنب حدوث الغرق، كما تعرفت النساء في الفريق على مفهوم السلامة المائية والحالات الشائعة التي يحدث فيها الغرق.

وعن الصعوبات التي واجهتها على خلفية انخراطاها في هذا العمل، أكدت أنها واجهت العديد من الانتقادات خاصة عندما رآها الناس المتواجدين على الشاطئ أثناء فترة تلقيها التدريبات، وتتوقع أن تتزايد هذه الانتقادات خلال فترة العمل، خاصة أن المجتمع في غزة لم يسبق له أن رأى امرأة تعمل في مجال الإنقاذ البحري، إلا ان ذلك لن يمنعها في مواصلة هذا الطريق طالما أنها ترى في نفسها القدرة على فعل ذلك.

 

 

بينما كان للمنقذة شهد منصور سبباً دفعها لخوض هذه التجربة، وهو إنها ذات مرة وعندما كانت برفقة عائلتها على شاطئ البحر يقومون بنزهة، رأت امرأة تعرضت للغرق وكانت تستغيث طالبة المساعدة لإنقاذها، لكن لم يكن هناك فرق إنقاذ في ذلك الوقت، لذلك لم يستطيع أحد تقديم يد العون لها، لتختفي نداءاتها بين أمواج البحر القوية.

وكانت شهد منصور وقتها متأكدة أن دخولها إلى الماء في ذلك الوقت لن يجدي نفعاً، فبقي المشهد عالق في ذاكرتها، لذلك أخذت على عاتقها ألا تقف مكتوفة الأيدي بعد هذه الحادثة، وجاءت فكرة تكوين فريق نسوي منقذ فشكل ذلك لها فرصة لتكون مرشدة بحرية ومنقذة، كما أنها كانت في السابق قد التحقت بدورة لتعليم الإسعافات الأولية، وبينت أن الإسعافات التي يجب تقديمها للغريق تختلف بعض الشيء عن تلك التي تقدم للأشخاص الأخرين، مما جعلها بحاجة لبعض الوقت كي تتقن ما تعلمته.

ولفتت إلى أهمية وجود منقذات خاصة في فصل الصيف حيث تزداد فيه أعداد النساء والأطفال الذين يقصدون شاطئ بحر غزة الذي لا يوجد متنفس سواه في المدينة المحاصرة، مضيفة أنه يجب على النساء المنقذات ألا يلتفتن إلى نظرة المجتمع التي تحاول أن تثني من عزيمتهن ووضع العراقيل في طريقهن.

ومن الجدير بالذكر أن البحر يشكل وجهة رئيسية لما يقارب نحو مليونين و300 ألف نسمة في قطاع غزة، يرتادونه فرادى وجماعات في ساعات مختلفة من نهار الصيف، بسبب مناسبته مادياً للأسر التي تعاني واقعاً اقتصادياً مريراً، في ظل تردي مستويات المعيشة بسبب طول سنوات الحصار والانقسام، وتفشي الفقر والبطالة.

 

 

بدورها قالت مسؤولة العلاقات العامة داخل مؤسسة الهيئة الفلسطينية للتنمية نجاح أبو قاسم، إن "الفكرة بدأت عندما تعرضت امرأة للغرق وتم إنقاذها، ولكن عائلتها رفضت أن يجري لها المنقذ الإسعافات الأولية اللازمة والتي يتم إجراءها بعد كل حالة غرق، لذلك قمنا بطرح فكرة وجود منقذات، وبالفعل لاقت قبول ورواج من قبل الجهات المسؤولة".

وتابعت أن المتدربات أنهين 25 ساعة تدريبية على مجموعات مختلفة، ووصل عدد الملتحقات بهذه التدريبات 80 امرأة مؤهلة للتعامل مع حالات الغرق المختلفة، وتضمنت التدريبات تطبيقات عملية على حالات غرق مشابهة لتلك التي حدث بالفعل في وقتاً سابق، مردفة أن عمل المرشدات يتركز بشكل أساسي على توجيه العائلات خاصة الأطفال والنساء، بالإضافة للتدخلات الطارئة التي تتمثل بتقديم المساعدة الطبية للغريق.

وأضافت نجاح أبو قاسم أنه في البداية كان هناك رهبة وخوف لدى المشاركات في عمليات الإنقاذ، لكن التدريبات المتواصلة التي ستهيئهن ليكن ضمن فريق المنقذين العاملين على الشاطئ لهذا الصيف، كانت كفيلة لتدارك هذا الأمر، كما ستخضع المتدربات لعدة اختبارات تمهد إلى اختيار الأجدر منهن للعمل كمنقذة في الصيف القادم.

ونوهت أنه خلال الصيف الحالي تم الاكتفاء بعدد من النساء اللواتي تم تدريبهن وتجاوزن جميع المراحل التدريبية، فيما سيتم تدريب مجموعة جديدة في الصيف القادم حتى يتسنى لكل امرأة تجد نفسها قادرة على الخوض في ذلك المجال فرصة الالتحاق بالفريق.