أوضاع النساء المهمشات يرثى لها في قطاع غزة

ضرورة توحيد الجهود النسوية والشبكات الإغاثية، لتقديم الخدمة بشكل متكامل وشامل للنساء المهمشات، وخلق مساحات آمنة لهن بما يضمن وصولهن إلى بيئة سليمة وحياة كريمة وخدمات متعددة القطاعات.

نغم كراجة

غزة ـ برغم الجهود المبذولة من أجل تحسين واقع النساء في المناطق المهمشة إلا أنهن تعانين من تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والصحية، ويفتقرن سبل الحياة المعيشية في مجتمع تسوده الأفكار النمطية والثقافة المجتمعية المبنية على القواعد البالية التي تقلل من شأنهن وتطمس أدوراهن إلى جانب صعوبة وصولهن إلى الخدمات متعددة القطاعات.

أكدت مديرة مركز البرامج النسائية رفح نجاح عياش خلال تعاملها مع النساء المهمشات اللواتي تترددن كثيراً لطلب المساعدة ويد العون، على أنهن تعشن واقع مأساوي وبيئة خالية من الأمان والامكانيات المعيشية الكريمة إلى جانب تعرضهن لكافة أشكال العنف والاضطهاد وتحملنّ على عاتقهن مسؤولية أسرهن وتدبير شؤونهم.

وأوضحت أن غالبية النساء اللواتي تطلبن المساعدة هن المطلقات والأرامل ومريضات السرطان ولا معيل لهن "يقدم المركز خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي، وتنفيذ سلسلة ورش توعوية وتدريبات مهنية وإكسابهن الخبرة للانخراط في سوق العمل وخوض غمار التجربة الذاتية".

وأشارت إلى أنها تحاول بقدر الإمكان منح النساء فرص عمل دائمة دون اعتمادهن على المساعدات الإنسانية وذلك من خلال إعطاءهن دورات تدريبية مكثفة وإخراطهن في السوق بهدف خلق فرص عمل ومصدر دخل ثابت يعيلهن بدلاً من الانتظار طويلاً في طابور الاستغاثة، موضحةً أن ضمن الفئات المستفيدة خريجات جدد تحتجن مهارات وتدريبات لصقل شخصيتهن وتطوير ذاتهن.

وأكدت على أن المركز لا يقتصر دوره على توفير الخدمة للنساء اللواتي تأتين إلى المركز بل يقوم بالوصول للنسويات المهمشات والفقيرات حيث الغالبية لا تستطعن المجيء لطلب المساعدة نظراً لسوء الأحوال الاقتصادية وصعوبة تنقلها، مثل منطقة النهار البارد والغربية باعتبارهن أكثر المناطق هشاشةً وفقراً.

وخلال حديثها طرحت أخر المشاريع الذي قام المركز بتنفيذها للنساء المهمشات منها مشروع دعم الصحة الأسرية والذي يهدف للتوعية الصحية للأسرة وكيفية اتخاذ الإجراءات اللازمة للحماية من فايروس كورونا على وجه الخصوص "قمنا بتوزيع برشورات صحية والوصول للفئات المهمشة، لتقديم الخدمات وتوزيع المواد العلاجية المطلوبة بالإضافة إلى المعقمات وأدوات الحماية".

ولفتت إلى أن الخدمات تصل كاملة للمرأة وأسرتها، والوصول لأكبر شريحة ممكن من النساء خاصة كبيرات السن اللواتي تعجزن عن الحركة والتنقل "ننسق رحلات ترفيهية لمريضات السرطان، للتخفيف من عبء الألم والمعاناة، إلى جانب تنفيذ سلسلة ورش توعوية وجلسات الدعم النفسي".

وأوضحت أنها تشعر بالعجز أمام النساء المهمشات في ظل تردي الأوضاع العامة والاقتصادية خصوصاً وبسبب انعدام البنية التحتية والبيئة الصحية وسوء الأمن الغذائي وتدهور الأوضاع النفسية لهن "تحتاج المرأة إلى خدمات متكاملة من إعادة تأهيل للسكن والوضع الاجتماعي والنفسي"، لافتةً إلى أن معظم الخدمات التي تقدم من قبل المؤسسات في سياق محدد وليست شاملة.

وأن هنالك عجز اقتصادي تعيشه النساء المهمشات صاحبات المشاريع الصغيرة حيث تقيم مشروعها في منطقة بعيدة ومن الصعب الوصول إليها بالإضافة إلى عدم درايتهن بمنهاج التسويق والترويج مما يدفعهن إلى صرف جزء من رأس المال الأساسي، لتوفير قوت اليوم وذلك قد يؤدي إلى فشل مشروعهن وإحداث خسائر مالية.

ولفتت إلى أن العنف الاقتصادي متعدد وأبرزه سيطرة العنصر الذكوري المتشدد الذي يهدف إلى طمس هوية المرأة خاصة عند تملكها مشروع معين تحرم من تسجيله باسمها بحجة أن حق التملك للرجل فقط.

وعن التحديات والصعوبات التي تواجه النساء المهمشات قالت إن العادات والتقاليد التي تدفن قدراتهن وتلغي شخصياتهن وتسلب حقوقهن فالعديد منهن تحرم من العمل والخروج من المنزل لأي سبب وإن خالفت العرف الاجتماعي تصبح في نظر المجتمع مذنبة وتستحق العقاب والتعنيف.

وأكدت على أن المرأة المهمشة تحتاج الكثير من الجهود والسعي للوصول بها لبر الأمان وتحيا في بيئة صحية وآمنة وإعادة دمجها في المجتمع، وتمكينها اقتصادياً لتتمكن من خلق مصدر دخل فضلاً عن المساعدات المؤقتة التي تقدم كل فترة طويلة.

وطالبت مديرة مركز البرامج النسائية رفح نجاح عياش المؤسسات النسوية بإنشاء مشاريع مخصصة للنساء المهمشات بالدرجة الأولى وتقديم الخدمات متكاملة وشاملة، لتحسين الأوضاع العامة بما يكفل لهن العيش في بيئة سليمة وصحية خالية من الفقر والاضطهاد والعنف.

 

 

ومن جانبها قالت نادية ماض البالغة من العمر 38 عاماً التي تقطن في منطقة خربة العدس للعنف بكافة أشكاله "بعد وفاة زوجي تعرضت للمضايقات والانتقادات ومراقبتي كل حين وآخر لكنني لم أستسلم لأن ظروفي الاقتصادية متردية في ظل عدم وجود مصدر دخل لي ولأبنائي مما استدعى الأمر أن أبحث عن فرصة عمل في المؤسسات النسوية".

وأشارت إلى أن فكرة زواج الفلاحة من المواطن معقدة في مجتمع يحكمه العادات والتقاليد بحسب ما عاشته "السلطة للرجل وممنوع أن تخرج المرأة وحدها، والتحقيق معها في أبسط الأمور".

وأوضحت أن هنالك أسباب عصيبة منعتها من الحصول على مقومات الحياة "عندما قررت العمل في بيع الدفيئات الزراعية لاقيت رفض واضح أثناء بيعي في نقطة معينة كوني امرأة في مجال مقتصر على الرجال"، لافتةً إلى أنها مستمرة في الكدح والكفاح فضلاً عن العوز وانتظار المساعدات المؤقتة.

ولفتت إلى أنها تعرضت للاغتصاب والتحرش من قبل شقيق زوجها بشكل مباشر بالإضافة إلى التداعي عليها بتهم تخص الشرف "اضطررت للزواج مرة أخرى من رجل كبير في السن حتى أتخلص من الألفاظ المهينة في عائلتي باعتباري مطلقة وعالة عليهم دون السؤال عن سمعة عائلة الزوج المسيئة حيث وصل الأمر بهم إلى الشك في نسب الطفل عندما علموا بأنني حامل وقاموا بالتشهير بي في المنطقة".