"استيفو سويت" بديل طبيعي للسكر بأيدي نساء غزة

من خلال مشروع "تكنو بلانت" لاستخلاص بديل السكر تعمل مجموعة من النساء على محاربة مشكلات السمنة المفرطة ومرض السكري، ومواجهة البطالة عبر منتج محلي صنع بأيدي نسائية.

رفيف اسليم

غزة ـ يعتبر البحث والدراسة والمحاولات الناتجة عنهما هي وسيلة الإنسان الأولى للتغلب على مشكلاته، وهذا ما ارتكز عليه مشروع "تكنو بلانت" الذي تمكنت أصالة أبو شنار من خلاله استخلاص بديل السكر من نبات الاستيفيا الطبيعي.

استطاعت أخصائية التغذية وتكنولوجيا الغذاء أصالة أبو شنار أن تجد حل لمرض السكري المصاب به نحو 65 ألف مريض، والذي يعتبر المسبب الرابع للوفاة في قطاع غزة عبر منتج مستخلص من نبات الاستيفيا الطبيعي، موضحةً أن ذلك المنتج سيقلل أيضاً من العادات الغذائية الخاطئة التي ساهمت في انتشار مرض السرطان والعديد من الأمراض المزمنة الأخرى، ومواجهة زيادة نسبة السمنة التي تصل إلى 78% بين السكان في غزة.

وأشارت إلى أنها لم تكن ترغب في زراعة الشتلة أو تقديمها مجففة كما فعل البعض من قبل، بل كان هدفها أن تنتج سائل سهل الاستخدام والحمل والتداول بين مرضى السكري، وحتى الأشخاص الطبيعيين الراغبين بتأسيس نظام طعام صحي بعيداً عن السعرات الحرارية العالية، وهذا بالفعل ما وصلت إليه عبر طرحها للمنتج النهائي في الأسواق.

 

 

وتولت المهندسة الزراعية هند الشيخ علي الملتحقة مؤخراً بطاقم العمل شرح فكرة آلية تصنيع المنتج فتقول، يتم بدايةً زراعة النبات في الدفيئة الزراعية، ومن ثم تجمع تلك الأوراق بعد نضوجها لترسل إلى المختبر المجهز بكافة الأدوات والأجهزة المساعدة على عملية استخلاص السكر من النبات، لافتةً إلى أن تلك الأوراق تغسل وتجفف جيداً ثم تطحن لتتحول إلى مسحوق تحضيراً لإدماجها في المراحل التالية.

وأضافت أن ذلك المسحوق يدخل إلى جهاز مخصص يعمل على استخلاص المادة الفعالة من نبات الاستيفيا والتي تسمى استيفو سايت، والمقدر حلاوتها بـ 300 مرة عن السكر العادي المستخدم، لكنها بالرغم من ذلك لا ترفع نسبة السكر بالدم وغير مغذية للخلايا السرطانية وآمنة لمرضى السكري.

وأشارت إلى أن المرحلة الأخيرة من العملية هي النقل لجهاز الفلترة، ومنها إلى جهاز تركيز المادة الفعالة ونزع السائل منه، ليتجه المنتج نحو عملية التعبئة والتغليف في جو معقم، ثم يوضع الختم النهائي ليتم تصديره إلى الأسواق المحلية، منوهةً أن سعر المنتج في متناول اليد ويستطيع المستهلك الحصول عليه من أحد الصيدليات والمراكز التجارية بالقطاع.

 

 

خلال خطوات عملية الاستخراج داخل المختبر المنزلي، تشرف سعدة المجدلاوي، محاضرة جامعية في علم الأنسجة والنبات في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بغزة، ومديرة مشروع "تكنو بلانت"، على تعبئة قطرات سكر الاستيفيا، وتجهيزها بشكل آمن وصحي، مشيرةً إلى أن سنوات الخبرة المتواصلة في العمل بين العراق وفلسطين مكنتها من قيادة الفريق للوصول إلى الشكل النهائي للمنتج الحالي.

وأوضحت أن فكرة مشروع "تكنو بلانت" تتجسد لتكنولوجيا الزراعة الحديثة، بالتركيز على وحدة زراعة الأنسجة للنباتات التي تشكل مردود اقتصادي، للعمل على إكثار المرستيم والحصول على أعداد كبيرة من نبات خالي من مسببات الأمراض ونسخة عن الأم، بحيث يتم استيرادها من الخارج لزراعتها وفق ما يتناسب مع بيئة قطاع غزة.

وأضافت سعدة المجدلاوي أن ورقة نبات الاستيفيا تتميز بحلاوة مذاقها خاصةً عندما يتم مضغها، وقد يستعملها البعض كبديل للسكر بعد التجفيف، لكن تكمن سلبيتها الوحيدة في تغير أو التأثير على مذاق الطعام والشراب، من هنا جاءت فكرة الاستخلاص للتعديل على تلك التغيرات كي تصبح مشابهة لمذاق السكر الأبيض عبر منتج "استيفو سويت".

وواجهت سعدة المجدلاوي مشكلة في الأدوات، فالأجهزة المخبرية تعمل على إنتاج كمية 10 جرامات فقط من النبات، بالتالي أصبح طلب السوق المحلي أعلى من الكميات التي يتم تحضريها بكثير، لافتةً إلى أنها كي تتدارك الأزمة فكرت في صنع المعدات محلياً لأن إسرائيل تمنع دخولها للقطاع، وبالفعل نجحت في ذلك وتغيرت كمية الإنتاج لكيلو، فيما وصل عدد العبوات 1500 عبوة خلال شهر واحد.

ونوهت إلى أنها عانت من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، والتي لم تنجح الطاقة الشمسية في الإحلال كبديل ملائم عنها، مضيفةً أنها تخطت تلك العقبات بدليل أنه في بداية المشروع كان هناك 30 نقطة بيع، أما الآن فأصبح هناك 120 نقطة بيع في محافظات قطاع غزة للمنتج الذي يبلغ حجمه 10 ملم وتعادل كل نقطتين منها ملعقة سكر.

 

 

وتعمل على التسويق للمنتج بشتى الطرق خاصةً بعد أن حصلت على ترخيصه من قبل وزارة الصحة والجهات المختصة، مستخدمة الإعلانات وجلسات التوعية في المدارس والجامعات والجمعيات لتنبيه بمخاطر السكر الأبيض والمحليات الصناعية البديلة كالسكرين التي أثبتت مخاطرها على وظائف الكلى، مشيرةً إلى أن شغفها دفعها للعمل على المشروع حتى أصبح بهيئته الحالية اليوم ولخلق فرص عمل للخريجين.

وتطمح سعدة المجدلاوي أن تنتقل نجاح تجربة نبتة الاستيفيا لنباتات أخرى مثل المورينجا ومستخلصات نبات النيم والبطاطا، والزينة التي يستوردها قطاع غزة بتكلفة مادية باهظة، متمنيةً أن يصبح هناك وعي لدى سكان فلسطين بالتخلي عن السكر الأبيض والتحرر من إدمانه، وأن يغطي منتجها السوق بشكل كبير.