استغلال النساء في المؤسسات الخاصة يفاقم معاناتهن

الوضع الاقتصادي يرمي بظلاله على قلة فرص العمل مع غياب الاستثمار تزامناً مع ارتفاع نسبة البطالة عام بعد آخر، والدوائر الحكومية لا تتحمل زيادة عدد الموظفين بعد أن وصف مختصين ما يحدث فيها بالبطالة

غفران الراضي 
بغداد ـ ، هذا كله خلق نوع من الاستغلال للموظف في المؤسسات الخاصة وكان للمرأة النصيب الأكبر من التمييز والاستغلال.
التقت وكالتنا مع العديد من النساء ليروين لنا تجاربهن في العمل واستغلالهن من قبل رؤساء عملهن. 
(ب. ج) (24) عاماً حاصلة على بكالوريوس في الآداب، تعمل في شركة للأثاث المستورد في مجال التسويق والتعامل مع الزبائن، تقول "أتعرض لمعاملة سيئة من قبل مديري في العمل إذا لم يقتنع الزبون بالشراء أو رغب بالتجول بمفرده في المعرض الخاص بالأثاث".
وتضيف "أحياناً أشعر بإحراج بسبب رفض الزبون أن اتجول معه، فهو يرغب أن يتجول لوحده ويشاهد قطع الأثاث وهذا يزعج المسؤول في العمل لأنه يعتقد بأنني مقصرة في إقناعه بالبضاعة". 
وتجد (ب. ج) أن طول ساعات العمل لا يتناسب مع الراتب الشهري "ساعات العمل تتراوح ما ببن ٨ إلى ١٠ ساعات مقابل ٤٠٠ دولار شهرياً، وهذا قليل جداً مقارنة بالوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار، لكني مرغمة على العمل كون اختصاصي الدراسي لا يؤهلني للحصول على فرصة عمل أخرى". 
الوضع لا يختلف كثيراً مع (ز.ت)٣٣ عاماً، مطلقة وأم لطفلين، والتي لم تكمل تعليمها الجامعي بسبب ظروف عائلية، تقول "بحثت كثيراً عن فرصة عمل مناسبة وتناسب وضعي كأم لطفلين، فلم أجد غير العمل في هذا المول التجاري والذي لا يتطلب مهارات بل يتطلب سرعة وجدية في تنظيم وترتيب البضاعة على الرفوف". 
وتؤكد أنها بقيت لسنتين من دون عمل بسبب رفضها من قبل المؤسسات والشركات كونها أم، فأغلب الشركات تحدد شروط للمتقدمة إلى الوظيفة وهي أن تكون عازبة وليس لديها أطفال أو أن تكون من مناطق محددة وعمر معين. 
بينما تجد (ت. خ) ٢٦ عاماً، الحاصلة على بكالوريوس في التربية الرياضية، أن العمل في المؤسسات الخاصة شر لا بد منه، في ظل ما تعانيه من ظلم واجحاف وراتب قليل، إلا أنها وبحسب قولها مضطرة للعمل لتوفير احتياجاتها ومساعدة أهلها فهي البنت الأكبر من بين خمس بنات لأب متقاعد.
وتضيف (ت. خ) التي تعمل في مركز تجميل ضمن قسم تنظيف البشرة والعناية بها "أغلب الأحيان يكون تنظيف المركز وتحضير الشاي من مسؤولياتي مع أن هذا العمل له عنوان ومسمى وظيفي آخر وليس من اختصاصي، ومن المفترض أن يخصص له تخصيص مالي للتوظيف ولكن بسبب شحة فرص العمل اضطر لتلبية ما يطلبه مني رئيسي في العمل لتجنب المشاكل وخوفاً من خسارة عملي". 
وللحديث عن تفاصيل العمل في المؤسسات الخاصة وسبب تفضيل النساء للعمل الحكومي تحدثت لنا الصحفية والناشطة في مجال حقوق المرأة سالي خليل، التي تعتقد أن العمل الحكومي يعتبر ضمان للكثير من الناس بسبب فقرة التقاعد نهاية الخدمة بقولها "بدايةً يعتبر الكثير أن المؤسسة الحكومية هي ضمان لها من ناحية "التقاعد" بعد العمل، فضلاً عن اعتقاد الكثير أن المؤسسات الخاصة أسست للتحرش بالنساء وأنها ذات سمعة غير مقبولة في المجتمع، في حين أن الكثير من المؤسسات الحكومية يقوم المدير بالتحرش بالموظفات، ويلتزمن الصمت لأجل لقمة العيش، أنا من وجهة نظري المؤسسة الخاصة أفضل من الحكومية لكونها تقوم على بناء الشخصية وتعلم الكثير من مجالات الحياة". 
بينما تجد أن المرأة مطلوبة في المؤسسات الخاصة لتحملها ضغوط العمل "في الوقت الحاضر هناك فرص عمل كثيرة في هذه المؤسسات للمرأة أكثر من الرجل، والسبب الرئيسي يعود إلى أن النساء يتحملنَّ ضغوط العمل أكثر من الرجال، وعادة يلتزمن الصمت في حالة الضغط عليهن في العمل، وكما نرى في مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من يبحث عن امرأة تعمل لديهم على أن تكون حسنة المظهر وذات لسان لبق".
وعن الراتب الشهري للمؤسسات الخاصة وساعات العمل تجد سالي خليل أن أغلب المؤسسات لا تعتمد على الشهادة وإنما على عدد ساعات العمل، ويعود سبب هذا لقلة فرص العمل في المؤسسات الحكومية، فيضطر المرء للعمل في هذه المؤسسات على الرغم من ارتفاع ساعات العمل وقلة الرواتب. 
وعن استغلال النساء وتعرضهن للمضايقات من قبل أرباب عملهن تقول "هنالك حالات كثيرة من الاستغلال، لاسيما إن كانت المرأة ضعيفة لا صوت لها، وبحاجة ماسة للعمل". 
وتجد سالي خليل أن الخلل في الوزارات المختصة التي لم تتعامل بحزم مع المؤسسات الخاصة، ولم تنظم ملف العمل وأهملت تفعيل قانون الضمان الاجتماعي رقم 140 لعام 1964.