أسماء نور: تعاني النساء في مجال السينما من تمييز أساسه النوع الاجتماعي

للفنون دور رئيسي في ترسيخ الأفكار وتغييرها لما لها من تأثير مباشر على من يتعاطون معها باعتبارها الوسيلة الأقرب والأسهل في التغيير ايجابياً كان أو سلبياً.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعد السينما في مصر واحدة من أبرز الفنون التي تؤثر على المجتمع المحلي، بما يخرج على شاشتها سلباً أو إيجاباً، وصورة المرأة بها واحدة من القضايا التي أحدثت جدلاً وصخباً في الأوساط الفنية والثقافية مؤخراً، لما لها من دور في ترسيخ أفكار تجاه النساء جانب ليس بالقليل منها مضللاً ومؤذياً.

مجال العمل السينمائي كغيره من المجالات التي تعاني فيها النساء من منافسة شرسة أساسها أقرب للعنصرية المستندة للنوع الاجتماعي، سواء على مستوى إتاحة الفرص أو حتى الاجور، وهو الأمر الذي شكل بالتبعية عبئاً تحملت نتائجه النساء العاملات في هذا المجال، ورحن تبذلن جهوداً مضاعفة لإثبات ذواتهن والتأكيد على كونهن لا تختلفن عن رجال المهنة في القدرة على النجاح والتألق والتفاني من أجل ما تؤمن به من أفكار وأحلام.

 

صورة نمطية سيئة للمرأة في الدراما أثرت سلباً عليها في الواقع

وعن دور المرأة في السينما قالت مخرجة الأفلام التسجيلية أسماء نور أن الدراما المصرية حملت قدر كبير من الصور النمطية السيئة حول دور المرأة في المجتمع وأطلت بجوانب مؤذية إلى حد كبير منها "العاهرة أو الكذابة أو خرابة بيوت".

وأوضحت أن تلك الصورة النمطية السيئة للغاية زادت عقب ثورة يناير لتخرج مجموعة من الأعمال تصور المرأة بأنماط تجارية سلعية وإظهارها في ثوب "تاجرة المخدرات أو خطافة الرجال أو تلك التي تعمل على بيع جسدها" وغيرها من الأدوار التي جعلت من المرأة مصدر "الفواحش" على الأرض.

وعن تاريخ المرأة المصرية في الدراما قالت "أن التاريخ الدرامي حصر صورة المرأة بين نمطين أحدهما "ضمير أبلة حكمت التي تتأمل بالشوكة والسكينة وتم تفصيلها بمقاسات محددة ومثالية"، والآخر "القادمة من العشوائيات وتبيع جسدها لمن يدفع أكثر"، وهذه الإشكالية حاولت سينما الواقعية التعامل معها بتسليط الضوء على أبعاد أعمق داخل الشخصية النسائية فيما يقدمونه من أعمال وهذا الأمر اتضح جلياً في فيلم "ليلة ساخنة" والذي ظهرت خلاله الفنانة لبلبة عاهرة ولكن لديها عز نفس وكرامة وعرض ما تعانيه من أوضاع وضغوط مجتمعية أودت بها لتلك النتيجة.

 

سبل تغيير الصورة النمطية للنساء درامياً وواقعياً

اعتبرت المخرجة التسجيلية أسماء نور، أن تغيير الصور النمطية السيئة للنساء في السينما يعتمد بالأساس على من يقومون بالكاتبة فهم أنفسهم يحتاجون، للمزيد من الوعي الثقافي بالعمل على تأهيلهم في ورش تخرج المرأة من تلك زاوية، الاتجار بها والتعامل معها على إنها سلعة تستخدم لرفع الإيرادات وزيادة معدل الإقبال على شباك التذاكر.

وأكدت على أن التغيير لا يتم دفعة واحدة ولكنه يحتاج لوقت طويل وعمل مرحلي داخل المجتمع سواء على مستوى المناهج التعليمية بتغيير نمطية النماذج النسائية فيها، والتي ينحصر جانب كبير منها في كون دور الفتاة مساعدة لوالدتها في المطبخ والنظر إلى النماذج النسائية الواعدة والفاعلة والمؤثرة على الصعيد العلمي والثقافي والاجتماعي.

وعن نظرة المجتمع للدور الذي تقوم به المرأة أوضحت أنه يحتاج لتغيير وعمل دؤوب من مؤسسات المجتمع المدني لتعزيز ثقافة احترام النساء، وتحجيم تلك الصورة التي تصدر فكرة سيئة عن المرأة، وتضعها في قالب يكبلها بقيود وصراعات لا ترتبط بما تمارسه من أفعال بقدر ما تم ترويجه عنها من معلومات وصور مغلوطة.

 

أعمال نسائية منافسة وقوية

حول تغيير تلك الصورة التي تصدر فكرة سيئة عن المرأة أشارت إلى إن الضرورة تقتضي بوجود إرادة سياسية ومجتمعية، مؤكدةً على أن هناك بوادر مبهجة باتت تعطي جرعة من الأمل في القادم، منها مهرجان أسوان للمرأة، والذي أتاح فرصة أكبر للتعرف على أزمات النساء من خلال أعمال تقمن بإعداده وتكاد تكون الأكثر تعبيراً عن واقعهن.

وعن جودة وقدرة ما يعرض في المهرجانات على المنافسة أوضحت أن جميع الأفلام التي يتم تحضيرها للمهرجانات تتوفر بها مكونات العرض الجيد من صوت وصورة وفكرة وغير ذلك، مشيرة إلى أن هناك أعمال نسائية قوية فرضت نفسها على الساحة خلال الفترة الأخيرة وأثبتت خلالها النساء تألقاً وقوة كسرت أغلب التابوهات المصنوعة من الرجال.

وأضافت أن ساحة العمل في الإخراج على سبيل المثال لم يكن بها نساء على الإطلاق ولكن الأمر تغير كثيراً خلال السنوات الأخيرة، مؤكدة على أن السينما التسجيلية على سبيل المثال أصبح بها عدد كبير من المخرجات مهتمات بالعمل على قضايا المرأة والمجتمع والطفل وغيرها.

 

تمييز في مجال العمل السينمائي أساسه النوع الاجتماعي

العمل في مجال السينما لا يختلف كثيراً عن غيره وتعاني النساء به من ضغوط المجتمع الأبوي المستحوذ على أغلب الفرص والامتيازات، وهو ما أرجعته للعدد من الأسباب في مقدمتها ظروف الإنتاج الحالية ذاتها والتي قد تفرض العمل لوقت متواصل يتراوح من 18 لـ 36 ساعة وقد يصعب القيام به من امرأة متزوجة ولديها أطفال وأسرة لذلك يفضل بعض المنتجين الرجال تحسباً لمثل هذه المواقف.

وعن التمييز الذي تتعرض له النساء في مجال السينما لفتت إلى أن هناك تمييز في أجور الممثلين أنفسهم وعادة ما يحصل الرجل على الأجر الأكبر حيث لا يتعدى أجر المرأة نصف أو ثلثي القيمة التي يحصل عليها زميلها، على أقصى تقدير وهذا الأمر لا يتعلق بدرجة النجومية أو الأداء وأهمية الدور ولكنه يستند بالأساس للنوع الاجتماعي.

وعن العراقيل التي يواجها أي سينمائي أوضحت أن تكلفة الفيلم وتوفير الشق المادي وإقناع من ينفقون على إخراج المادة وظهورها هو الأمر الأصعب الذي يحول دون القدرة على تنفيذ أي مشروع وقد يحبط من يسعى لتقديمه.

وعن وضع المرأة في الفترة الأخيرة أكدت على أنه تغير نسبياً، حيث بدأت النساء تحملن الكاميرا وتصورن مشاريعهن وبعضهن لجأ للعرض على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما ساهم في خروج الكثير من الاعمال النسائية وغيرها، مشيرةً إلى أن التقييم الاحترافي للوضع ما زال في حاجة لعمل دؤوب وعلاقة مصحوبة بكسر فكرة الشللية بين المخرجين وشركات الإنتاج والعمل على تغيير ثقافة لجمهور وجميعها تساعد على مداواة الخلل الواقع في هذا المجال.

 

الجمهور جزء من المجتمع وصحيفة الأعمال الجيدة تفرض نفسها على الجميع

وعن النظرة المجتمعية الدونية للنساء أوضحت أنه لا يمكن الإغفال عنها، فالمجتمع يتم العمل على تشكيل وعيه من جديد، فمثلا مسلسل "بـ 100 وش" للمخرجة كاملة أبو ذكري حطم الأرقام القياسية، مؤكدة على أن عدد من النساء تمكنت خلال الفترة الأخيرة، من فرض وجودهن وإثبات قدراتهن على العمل والظهور بتألق في عدد من الأعمال الفنية منها "عن العشق والهوى" وكذلك "ملك وكتابة" وغيرها.