أسبوع الفضاء العالمي مسرح الاحتفال الدولي بالعلوم والتكنولوجيا

نظراً لكثرة الخفايا التي يحملها الفضاء الخارجي في طياته لم يكفي يوماً واحداً لتشجيع استخدام الفضاء من أجل التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز التعليم الحماسي والاهتمام بالعلوم والتعاون بين الدول من خلال التوعية والتعليم في مجال الفضاء

مركز الأخبار ـ .
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع العالمي للفضاء عام 1999 للاحتفال بمساهمات علوم وتكنولوجيا الفضاء من الرابع حتى العاشر من تشرين الأول/أكتوبر لتحسين وتطوير الحياة البشرية.
ويعد هذا الأسبوع من أكبر الأحداث السنوية العالمية في مجال الفضاء، واعتمد هذا التاريخ للاعتراف بيومين مهمين في تاريخه، الأول للتذكير بإطلاق أول قمر صناعي أرضي من صنع الإنسان "سبوتنيك 1" في 4 تشرين الأول/أكتوبر عام 1957 الذي كان بمثابة صافرة البدء لاستكشاف الفضاء، والثاني هو التوقيع على معاهدة الفضاء الخارجي في 10 تشرين الأول/أكتوبر عام 1967، وهي الصك الأساسي للقانون الدولي للفضاء الذي أعطى المبادئ المنظمة لأنشطة الدول سواءً استكشاف أو استخدام الفضاء الخارجي من القمر والأجرام السماوية الأخرى.
ومن المعروف أن أمريكا وروسيا تسابقتا لاستكشاف الفضاء الخارجي فقد أطلقتا الكثير من الأقمار الصناعية، لكن روسيا كانت السباقة في إرسال أول إنسان إلى الفضاء وهو الفضائي يوري غاغارين على متن المركبة الفضائية فوستوك 1 عام 1961، لكن أمريكا نجحت في إنزال أول إنسان على سطح القمر في عام 1969 الفضائي نيل آرمسترونج، ثم بدأت مرحلة دراسة الكواكب البعيدة وبعض أقمارها.
 
أسبوع الفضاء يجوب العالم باحتفالاته
يقوم مجلس إدارة رابطة أسبوع الفضاء العالمي وهي منظمة غير حكومية يدعمها المنسقون الوطنيون في أكثر من 50 دولة، في كل عام بوضع موضوع لأسبوع الفضاء العالمي ويكون له تأثير على البشرية وموحد على الصعيد العالمي، وتساعد الرابطة الأمم المتحدة في التنسيق الدولي للأسبوع العالمي للفضاء، وتتمثل أهدافها في تثقيف الناس في جميع أنحاء العالم حول الفوائد والمعرفة التي يمكن أن يحصلوا عليها من الفضاء.
ففي عام 2009 انعقدت مجموعة منوعة من الأنشطة المتصلة بالفضاء شاركت فيها أكثر من 50 دولة تحت شعار "الفضاء لأغراض التعليم"، استهدفت فيها المعلمين من خلال محاضرات ارتبطت بالفضاء ومراقبة النجوم ومسابقات ومعارض، حتى يلهموا الطلاب على استخدام ما يثيره لديهم علم الفضاء واعتباره أداة لتغذية دوافعهم التعليمية.
 كما أقيم عام 2015 أكثر من 1800 حدث فيما يزيد عن 73 دولة احتفى الناس فيها بما قدمه الفضاء للبشرية من تقانات وعلوم لتحسين الإنسانية، وحمل الأسبوع العالمي للفضاء عنوان "الاكتشاف" حيث تم الاحتفال بالاكتشافات المثيرة في الفضاء التي سلطت الضوء على المستقبل.
أما فعاليات عام 2016 فكانت تحت عنوان "الاستشعار عن بعد: تمكين مستقبلنا" ليمثل النظرة العميقة التي تقدمها أرصاد الفضاء والتركيز على مجموعة من بعثات الرصد التقليدية للأرض كبعثة لاندسات ومجموعات العمل التعاوني بين الحكومات مثل مجموعة جيوس لأرصاد الأرض، بالإضافة للتذكير بتطبيقات أخرى كمراقبة البيئة والتربة ووضع الخرائط اعتماداً على معرفة الأرض.
وفي عام 2019 وتحت شعار "القمر: بوابة النجوم" احتفلت 96 دولة بأسبوع الفضاء العالمي عبر 8000 احتفالية تضمنت فعاليات وأنشطة مدرسية ومعارض حكومية وخاصة، حيث ركزت العديد من أحداث الأسبوع على الذكرى الخمسين لهبوط القمر الصناعي أبولو 11 بالإضافة لخطط استكشاف الإنسان للقمر ومراقبته بواسطة التلسكوب.
وخلال العام الماضي تم تخصيص الأسبوع العالمي للفضاء للأقمار الصناعية ومنافعها الجمة تحت شعار "الأقمار الاصطناعية تحسن الحياة"، واستهدفت الاحتفاليات إبراز أهمية ودور الأقمار الاصطناعية في الحياة اليومية كالاتصالات والمراقبة البيئية والنقل والتنبؤ بالطقس وتطبيقات عن بعد.
 
"المرأة في الفضاء" فسحة للاطلاع على دور النساء في الفضاء
على الرغم من قلة برامج الفضاء التي تقوم على دمج المرأة في هذا المجال فقد عملت العديد من النساء في الفضاء الخارجي، وكانت رائدة الفضاء السوفييتية فالنتينا تريشكوفا أول امرأة تمكنت من الوصول إلى الفضاء وذلك عام 1963، أما كلودي هاينري فهي أول فرنسية تصل إلى الفضاء عام 1996، وبذلك مهدن الطريق للنساء ليصبحن مشتركات في تلك البرامج الفضائية وذلك منذ عام 1980 كما حافظت كثير من الدول على إشراك المرأة مثل روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة لكندا وفرنسا واليابان والمملكة المتحدة والهند، من خلال إرسال نساء إلى الفضاء في بعثات روسية أو أمريكية.
واضطلعت المرأة العربية مكانة مرموقة في مجال الفضاء، وتعد عالمة الفلك السورية شادية حبال نموذجاً على ذلك فقد ترأست 10 حملات علمية لرصد كسوف الشمس حول العالم، ولعبت دوراً أساسياً في الإعداد لرحلة المسبار الشمسي لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، وهي أول مركبة فضائية تدور داخل الهالة الشمسية.
فيما أصبحت الإماراتية نورا المطروشي البالغة من العمر 28 عاماً، في تموز/يوليو الماضي، أول رائدة فضاء عربية، قدمتها الإمارات ضمن الدفعة الثانية من رواد الفضاء الإماراتيين، وانضمت إلى برنامج ناسا لرواد الفضاء هذا العام 2021 في الولايات المتحدة الأميركية.
سيكون الأسبوع العالمي للفضاء لعام 2021 تحت شعار "المرأة في الفضاء" وخصص للتركيز على الوعي الناتج عن قضية التنوع في مجال الفضاء، بالإضافة لتحديد العقبات والعراقيل التي تواجهها النساء عند تواجدهن في مراكز ووظائف في هذا المجال مع اختلاف ثقافاتهن والأقاليم الجغرافية التي ينتمين لها، فضلاً عن الأساليب والطرق المتاحة لتخطي تلك التحديات.
ووفقاً للتقارير فإن 20 إلى 22% من القوى العاملة في مجال الفضاء هي من النساء، وقد قام مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي باستحداث مشروع اسبيس فور وومن عام 2020 لتعزيز وتمكين المرأة في مجال الفضاء، بالإضافة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 لمعالجة التحديات مثل الفقر وعدم المساواة والعنف ضد المرأة، ويعد تمكينها شرطاً مسبقاً والفضاء مهم عندما يتعلق الأمر بحق المرأة في الاستفادة من العلوم والتكنولوجيا، حيث ستساهم العلوم والابتكار والاستكشافات ذات الصلة بالفضاء في تحقيق المساواة بين الجنسين. وضمان تقديم النفع للمرأة في هذا المجال لما لها من أدوار فعالة في علوم الفضاء والتقانة والابتكار والاستكشاف.
وإن التعاون وإشراك المرأة في مجال الفضاء يهدف لتنفيذ أنشطة الأمم المتحدة في الفضاء الخارجي وسعيها الحثيث إلى الاستفادة من مزاياه الفريدة لتحسين الحياة البشرية. 
 
علوم الفضاء تدعم أنشطة الأمم المتحدة
مع البعد الجديد الذي أضافه الفضاء الخارجي لوجود البشرية أدركت الأمم المتحدة أهميته ودوره، لذلك اعتمدت الجمعية العامة القرار المعنون بـ "مسألة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية"، وهو القرار الأول لها بشأن الفضاء معربة عن تشجيعها لاستكشافه واستغلاله في سبيل نفع البشرية.
فقد تم الاقتراب من نواة مذنب هالي في ظهوره الأخير من خلال جهاز السابر جيوتو عام 1985، كما تمت دراسة أنواع الإشعاعات القادمة من المجرات وأعماق الكون بواسطة القمر الصناعي كوبي عام 1990 وفي العام نفسه قدمت تلسكوب الفضاء هابل معلومات عن حالات لولادة نجمية وأرقام عن أعماق الكون.
أما عن استكشاف المنظومة الشمسية فقد تضمنت مراقبة الطقس على الأرض وإعداد دفاع من خطر الكويكبات بالإضافة لاكتشاف حياة جديدة وتبيان أصل كوكب الأرض والخروج من طوق المنظومة الشمسية.
كما أن الزيادة المطردة لأنشطة الأمم المتحدة تعالجها علوم الفضاء وتكنولوجياته وتطبيقاته، فإن 25 هيئة على الأقل من هيئاتها ومجموعة البنك الدولي تستخدم تطبيقات الفضاء بشكل روتيني، بسبب إسهاماته الهامة والضرورية لعمل الأمم المتحدة في مجال تنفيذ توصيات المؤتمرات العالمية الرئيسية بالإضافة لتوصيات اليونيسبيس الثالث لتحقيق التنمية المستدامة. 
 وخلال الأعوام القليلة الماضية اضطلع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي مسؤولية بناء القدرات المستندة على القانون الدولي للفضاء، بالإضافة لإتاحة المنبر لتبادل المعلومات عن كيفية تطبيق ذلك القانون.
كما أن المكتب لديه مهام تقنية تتعلق بالقانون الدولي للفضاء كحفظ سجل الأمم المتحدة للأجسام المطلقة إلى الفضاء الخارجي وجمع ونشر معلومات عن حالة معاهداتها والترويج لها، بالإضافة لتنفيذ تدابير وحلول مبتكرة لتعزيز القانون وتطبيقه بكل فعالية من الدول والمنظمات الحكومية الدولية وغير الحكومية.