أسعار حليب الأطفال يرتفع... وأمهات في إدلب عاجزات عن تأمينه
لم تعد الكثير من الأمهات في إدلب قادرات على شراء حليب الأطفال لصغارهن بعد الارتفاع الكبير الذي طرأ على سعره بالتزامن مع صعوبة أوضاعهن المادية وانتشار الفقر وقلة فرص العمل
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
زهيدة الحسين (٣٢) عاماً تعاني من بكاء رضيعها طوال الليل نتيجة عجزها عن تأمين ما يكفيه من حليب الأطفال الذي بات حكراً على الأغنياء والميسورين.
تقول زهيدة الحسين إن طفلها البالغ من العمر خمسة أشهر بدأ يعاني مرض سوء التغذية نتيجة عدم قدرتها على تأمين احتياجاته من الحليب الذي وصل سعر العلبة الصغيرة منه إلى خمسون ليرة تركية وهي لا تكفي طفلها أكثر من ثلاثة أيام.
يعمل زوج زهيدة الحسين عامل مياومة مقابل أجر زهيد في اليوم لا يتجاوز الـ 30 ليرة تركية، وهي لا تكفيهم لشراء الحليب ولا حتى احتياجاتهم الأكثر إلحاحاً، وكثيراً لا يجد الوالد عملاً دائم ما يجعل حالتهم المادية في "الحضيض".
وكإحدى الحلول البديلة لجأت زهيدة الحسين لتحضير النشاء المطهو لرضيعها الذي بدأت حالته الصحية تسوء نتيجة عدم حصوله على القدر الكافي من التغذية.
ارتفاع أسعار عبوات حليب الأطفال فجأة شكل صدمة للأهالي محدودي الدخل الذين عجزوا عن تأمين احتياجات أطفالهم منه وباتت صحة المواليد الجدد مهددة بالخطر الشديد.
تشعر أمل الشيخ (٣١) عاماً بالألم حين تلاحظ مدى عجزها وزوجها على تأمين حليب الأطفال لرضيعتها التي تبكي طوال الوقت دون أن يتمكنا من الحصول على ما يهدئها ولو قليلاً وتقول "نحن الكبار من الممكن أن نحتمل الفقر والجوع ونقص الكثير من المواد الضرورية في حياتنا، ولكن ما ذنب هؤلاء الأطفال ليأتوا لحياة لا تشبه الحياة ومحرومون من كل حقوقهم فيها لا سيما تأمين الغذاء على الأقل".
تسعى الأم الحائرة للبحث عن بدائل بغية تخفيف وطأة الأمر على طفلتها التي باتت نحيلة وكثيرة الشحوب فعمدت لطحن الأرز وطبخه لطفلتها البالغة من العمر ثلاثة أشهر ونصف.
وتطالب أمل الشيخ وهي نازحة من بلدة الدير الغربي جنوب إدلب ومقيمة في مخيمات قاح الحدودية مع عائلتها المؤلفة من ثلاثة أولاد وزوج عاطل عن العمل في كثير من الأحيان، بدعم مادة حليب الأطفال بغية إنقاذ حياة الرضع، لا سيما في مخيمات النزوح التي يقطنها نازحون يعانون الفقر المدقع وأدنى مقومات الحياة البشرية.
واشتكت الكثير من الأمهات من صعوبة حصولهن على حليب الأطفال المخصص للفئات العمرية الأولى واتهمن الصيدليات والتجار باحتكار كميات من أنواع محددة منه بهدف طرحها لاحقاً بأسعار مرتفعة.
في حين نفت الصيدلانية ميساء الحلاق (٣٨) عاماً، ما يجري تداوله عن احتكار حليب الأطفال وإنما ترجع غلائه إلى ارتفاع سعر الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية كونهم يستوردون مادة حليب الأطفال بالدولار الأمريكي.
وتؤكد ميساء الحلاق أن سعر حليب الأطفال ارتفع في الآونة الأخيرة بنسبة تتراوح بين 50 ـ 100% في حين تشهد بعض الأنواع انقطاعاً تاماً، إذ لا يوجد إنتاج محلي لمادة حليب الأطفال لمن هم دون السنة من أعمارهم.
وأصبح سوء التغذية الذي يوقف النمو البدني والعقلي خلال أول عامين من حياة الطفل، من أكثر الأمراض شيوعاً بين الأطفال في إدلب، بسبب عدم توفر الغذاء الصحي وبكميات كافية للعائلات إضافةً لسوء الرعاية الصحية للأطفال تحديداً.
ووثقت منظمة الأمم المتحدة في آخر إحصائية رسمية لها حول الوضع الصحي في الشمال السوري أصدرتها في 13 تموز/يوليو 2020، إصابة 34% من الأطفال بحالات التقزم بسبب سوء التغذية، لافتةً إلى أن أكثر من 80% من سكان المنطقة لا يتقاضون أجوراً تغطي احتياجاتهم.