أسعار الغاز المنزلي تشهد ارتفاعاً كبيراً في إدلب ونازحات يبحثن عن بدائل
اتجهت الكثير من النازحات في إدلب لاستعمال بدائل عن الغاز الذي ارتفع سعره مؤخراً بشكل جنوني جراء انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي الذي اتخذه التجار ذريعة لزيادة أسعار المحروقات
سهير الإدلبي
إدلب ـ ومن بينها الغاز الأكثر أهمية في حياة المدنيين لأضعاف مضاعفة.
ارتفاع الأسعار دفع النازحات لاستخدام وسائل بدائية لا سيما المواقد الطينية، وقالت زينة الإبراهيم (٣٢) عاماً أنها لم تعد قادرة على شراء اسطوانة الغاز من أجل تحضير الطعام، فسعرها المرتفع الذي وصل إلى 135 ليرة تركية هو مبلغ كبير بالنسبة للكثير من الأسر النازحة ممن ضاقت بهم الحياة وعجزوا عن تأمين فرص عمل.
تعيش زينة الإبراهيم في مخيمات رأس الحصن منذ نزوحها عن بلدتها كفروما منذ أكثر من ثلاثة سنوات، وهي منذ ذلك الحين تعاني الفقر المدقع ونقص معظم الخدمات داخل مخيم يفتقر لأدنى مقومات الحياة.
صنعت زينة الإبراهيم موقدها من الطين لتجعل منه وسيلتها الوحيدة لتحضير مختلف أنواع الأطعمة وبشكل مجاني عكس اسطوانة الغاز التي ستكلفها مبلغاً كبيراً وهي لا تكفيهم أكثر من شهر واحد على حد تعبيرها، "أجمع ما يمكن جمعه أنا وأولادي الخمسة من أكياس نايلون وقطع بلاستيكية مرمية وكرتون وأغصان شجر يابسة لاستخدامها في الموقد المخصص لتحضير الطعام".
من جهتها استعانت سوسن النابلسي (٤٠) عاماً وهي نازحة من ريف حماه الشمالي ومقيمة في مخيمات إدلب، ببابور الكاز لاعتقادها أنه أوفر بكثير من اسطوانة الغاز التي باتت حكراً على الأغنياء والميسورين بعد ارتفاع سعرها بشكل لم يعد بالإمكان مجاراته خاصةً لدى الفئات الفقيرة والنازحة.
تستذكر سوسن النابلسي أيام الطفولة حين كان الناس يستخدمون بابور الكاز، وما زالت تعي طريقة تشغيله جيداً وتقول "بعد تطور الحياة واستخدام الوسائل المريحة كالكهرباء والغاز، عدنا مجدداً للعصور القديمة بعد كل سنوات الحرب التي حصدت معها منازلنا وقرانا وأرزاقنا وأحلامنا وآمالنا".
رائحة بابور الكاز تبعث غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو ما يسبب حالات حساسية صدرية وضيق تنفس لدى أفراد أسرة سوسن النابلسي عدا عن صوته المزعج وهو ما يدفعها لتشغيله في زاوية متطرفة عن المنزل تفادياً لمخاطره والرائحة التي تنبعث منه لاسيما وأن الكاز المتوفر ليس مكرراً بالشكل الكافي ما يجعله خطراً محتماً.
مع قدوم فصل الشتاء وبعد تركيب المدافئ الشتوية لم تعد راميا الدياب (٤٨) عاماً وهي نازحة من بلدة حزارين ومقيمة في مخيمات سرمدا، بحاحة لاستخدام اسطوانة الغاز لتحضير الطعام لعائلتها خاصةً بعد ارتفاع سعره، فاتجهت لاستخدام مدفئة الحطب التي يعتمدونها للتدفئة في تحضير الطعام طوال فصل الشتاء.
وتقول "أستطيع صنع كل أنواع المأكولات وتسخين المياه على مدفأة الحطب المتعددة الاستعمالات، لم أعد بحاجة للتفكير مطولاً في كيفية تأمين ثمن اسطوانة غاز الطبخ".
يعمل زوج راميا الدياب في إحدى المحاطب كعامل مياومة فيحصل لقاء عمله على أجرة بالإضافة لإحضاره بعضاً من نشارة الحطب التي تتساقط أثناء عملهم فيعمد إلى جمعها والاستفادة منها بإحضارها لعائلته بغية استخدامها في مدفأة الحطب طيلة فصل الشتاء.
وراح المدنيون في إدلب يعبرون عن استيائهم من زيادة أسعار المحروقات الشبه يومي في ظل أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية المتردية وفي ظل انتشار أزمة كورونا التي ألقت بآثارها السلبية على مجمل حياة الناس اليومية.
ومن المتوقع أن تشهد أسعار الغاز والمحروقات في إدلب ارتفاعات متكررة لاحقاً، لارتباطها بانخفاض الليرة التركية أمام العملات الأجنبية والتي ألقت بظلالها على كافة جوانب الحياة في المدينة.