ارتفاع الأسعار عبء يقع على عاتق النساء اليمنيات
عبرت نساء من اليمن عن معاناتهن جراء ارتفاع الأسعار، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة.
رانيا عبد الله
اليمن ـ القت الحرب في اليمن بظلالها على النساء، ولم يكن القصف منذ ثمان سنوات هو الأداة الوحيدة لقتل اليمنيين، فالغلاء أيضاً ساهم بشكل كبير في زيادة معاناتهم وخصوصاً المرأة التي دفعت فاتورة باهظة جراء ذلك.
المعيلة الوحيدة
"لا أستطيع توفير أبسط الاحتياجات الأساسية لأطفالي الخمسة في ظل هذا الغلاء الفاحش الذي نعيشه" بهذه الكلمات وصفت أمينة أحمد حالها وحال الكثير من النساء اللواتي تعلن أسرهن.
أمينة أحمد في العقد الثالث من عمرها، بدأت معاناتها منذ اندلاع الحرب باليمن في العام 2015، بعد أن فقدت زوجها إثر تعرضه لشظايا قذيفة أودت بحياته، فبعد وفاة زوجها أصبحت هي المعيلة الوحيدة لأسرتها من راتبها الزهيد بعملها في إحدى المدارس الأهلية بمدينة تعز جنوب غرب اليمن.
راتب أمينة أحمد الذي لا يتعدى خمسون ألف ريال أي ما يعادل (50) دولار أمريكي، لا يكفي لشراء ملابس لأحد أطفالها "راتبي لا يوفر أبسط الاحتياجات الأساسية لأولادي، وتتضاعف همومي ومعاناتي في مواسم الأعياد والمدارس، فاضطر في الأعياد لاستدانة مبلغ من المال حتى لا يشعر أولادي بالحرمان، وأعمل إلى جانب التدريس في التطريز، لأسدد القليل من احتياجاتي".
وأضافت "ارتفاع الأسعار سببه الأساسي تجار الحرب، وتخاذل الحكومة وكأن الأمر لا يعنيها، فقد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني مقارنة بالسنوات السابقة دون أي تدخل جاد من الجهات المعنية، ونحن المدنيين فقط من ندفع ثمن هذا الارتفاع".
فاطمة علي حسن تقول "لا نستطيع توفير أبسط الِأشياء، كما أن المساعدات الإغاثية انقطعت منذ فترة، ولا نستطيع شراء ملابس لأطفالنا أو توفير أبسط الاحتياجات، حتى أسعار الخضار ارتفعت بشكل كبير".
نزوح وغلاء
ندى عبد الله وأسرتها لا يواجهون غلاء الأسعار فحسب فهم يعانون من النزوح الذي تسببت به الحرب، تاركين منزلهم والاضطرار لدفع إيجار منزل جديد في مكان أقل خطورة من مكان منزلهم، تقول بأن "الأسعار مرتفعة جداً من حيث المواد الغذائية والملابس أيضاً خصوصاً مع قدوم العيد، لا نستطيع توفير الأساسيات ونضطر في بعض الأحيان للاستدانة وبيع مدخراتنا، لكي نستطيع العيش في هذه البلد لابد علينا أن نكافح لنعيش حياة كريمة".
بيع مدخراتها
إيمان الصرمي ربة منزل هي الأخرى تعاني من ارتفاع أسعار السلع الغذائية في ظل استمرار الصراع في البلد "نعاني من ارتفاع الأسعار بشكل جنوني في ظل انعدام الأمن ولا نستطيع توفير أبسط الاحتياجات والمستلزمات لأولادنا، كما شهدت ملابس الأطفال ارتفاع كبير لدرجة أننا لا نستطيع الشراء وتوفير الاحتياجات الأساسية للعيد".
وتقول أشواق عبد القوي أنه "بسبب ارتفاع الأسعار في ظل الوضع الراهن اضطرت بعض الأسر أن تستدين وتبيع مدخراتها، فالمرأة أكثر من تضرر بالحرب وارتفاع الأسعار، فتضاعف العبء على النساء خصوصاً من لديهن أطفال، فتوفير أبسط الاحتياجات الضرورية واحتياجات ومصاريف العيد يأخذ جهد من المرأة وتتأثر صحتها النفسية".
ارتفاع سعر الاحتياجات
من جهتها تقول الصيدلانية أمل سعيد قائد بأن المرأة دفعت فاتورة باهظة في ظل هذه الحرب، وقد ارتفعت أسعار الأدوية والتي تعتبر من أهم الضروريات، فالارتفاع كبير عما كان سابقاً "النساء لا تستطعن توفير قوت يومهن، وبسبب الحرب فقدت المرأة معليها، وأصبح العبء كله على عاتق النساء، ولا تستطيع المرأة لوحدها في ظل هذه الظروف توفير الاحتياجات الأساسية، فارتفاع الأسعار لم يقتصر على الأدوية فقط، وإنما على المواد الغذائية والمأكولات والملابس أيضاً".
كما ترى أمل سعيد أن الحكومة تتقاعس عن أداء دورها ولم تتخذ أي حل لا جذري ولا حتى بسيط للحد من تدهور العملة والتي من خلالها يمكن ضبط الأسعار.
تأثير ارتفاع الأسعار على النساء
وبحسب رئيسة قسم علم الاجتماع ذكرى العريقي فأن المرأة في ظل الحرب الراهنة أصبحت هي المعيل الرئيسي للأسرة، وتقوم بالكثير من الأدوار، منها مسؤولية المنزل والأطفال والعمل في آنٍ واحد وبمجهود أكبر مما كانت عليه سابقاً، كما تعمل النساء أيضاً في مختلف المجالات لسد احتياجات الأسرة، وفي أماكن لم تكن فيها المرأة من قبل لأنها أصبحت المعيلة الوحيد للأسرة.
وقالت ذكرى العريقي أن "ارتفاع الأسعار يؤثر على النساء خاصة المرأة المعيلة لأن الراتب والدخل الذي تحصل عليه لا يكفي لأبسط الاحتياجات، فالدخل متدني جداً مقارنة بالأسعار المرتفعةً، فاضطرت النساء للعمل بأكثر من عمل ووظيفة لتوفير أبسط الاحتياجات لأبنائها مما يسبب في اجهادها بدنياً ونفسياً".
وأضافت "المرأة تقوم بكثير من المهام والأدوار ولا تحصل على أبسط حقوقها، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني فإنها تدفع ثمن باهظ، وتزداد هذه المعاناة في مواسم الأعياد بأسعار مهولة فقد تلجأ للعمل المضاعف أو الاستدانة".
وطالبت ذكرى العريقي بوضع الحلول اللازمة من الحكومة والمنظمات الدولية للتخفيف من معاناة المواطنين خصوصاً المرأة في ظل تدهور العملة الوطنية مقابل العملة الأجنبية وارتفاع أسعار السلع والخدمات التي ينعكس تأثيرها على المواطنين.