ارتباطهم الوثيق بالطبيعة دفعهم لخلق الحياة من جديد

من منطقة مهجورة وصحراوية لمكانٍ يعم بالأمل والحياة قصة "شارع الزهور" في مخيمات النزوح لمهجري عفرين في الشهباء تحكي قصة التمسك بالحياة.

فيدان عبد الله

الشهباء ـ زرع أهالي مقاطعة عفرين المحتلة النازحين في مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا أمام خيمهم الورود، والأشجار، والخضروات ليحولوا أحد شوارعهم في مخيم العصر لـ "شارع الزهور".

كثيراً ما نسمع بأسماء الشوارع في بلدان مختلفة من العالم تعرف باسم "شارع الزهور"، لكن وجود هذا الاسم في مخيمات النزوح حدث مميز ومختلف، وهذا ما نجده في مخيم العصر لنازحي عفرين بمقاطعة الشهباء.

اضطر أهالي عفرين في 18 آذار/مارس 2018 للخروج قسراً من ديارهم، بعد ارتكاب الاحتلال التركي سلسلة من المجازر والجرائم بحق سكان المنطقة، ليتخذوا أراضي مقاطعة الشهباء مكاناً يواصلون فيه مقاومتهم.  

اعتاد أهالي عفرين ومنذ القدم على العمل والعيش وسط أجواء الطبيعة، ومن هذا المنطلق بعد إنشاء المخيمات والعيش فيها زرعت كل عائلةٍ أمام خيمتها شتلات من الورود والأزهار والأشجار المختلفة.

وبمرور خمسة سنوات على النزوح القسري وصمود الأهالي في المخيمات تحولت هذه المزروعات إلى حدائق مبهرة وملفتة أمام كل خيمة، إلى أن سمي أحد شوارع مخيم العصر الواقع في قرية تل سوسن بمقاطعة الشهباء بـ "شارع الزهور"، لكثرة أنواع وأشكال الزهور والطبيعة فيها حتى أن الأشجار والطبيعة غطت على المخيم.

وقالت زينب مصطفى عن أوضاعهم ومعيشتهم في عفرين "كانت حياتنا أفضل في عفرين وذات معنى أكبر، مستمتعين بنعم الحياة وخيرات الأرض، لكن الاحتلال التركي ومرتزقته يدمران الطبيعة ويقطعان أشجارنا المعمرة ويتجارون بها".

وأشارت إلى أن قرار الخروج قسراً من عفرين كان قرار الكرامة والوجود "لأكثر من ثلاثة أيام متواصلة كنا على الطرقات، وبوصولنا لمقاطعة الشهباء تفاجئنا بأراضي صحراوية ومكاناً دمرته الحرب وظروف حياة صعبة. وهذه الأجواء دفعت المهجرين للزراعة بما يتوفر لديهم أمام خيمهم ومع مرور 5 سنوات على زراعة الأشجار بدأنا بقطف الثمار". موضحةً "حينما نجلس أمام خيمتنا ونتأمل الطبيعة نعود بالذكريات إلى ديارنا وأيامنا في عفرين".

وعبرت زينب مصطفى عن استيائها ورفضها لممارسات وانتهاكات الاحتلال التركي بحق طبيعة عفرين وأشجارها المعمرة، مبينةً أن ممارساته لا تمت للإنسانية بصلة.

 

صورة تعكس روح عفرين

بينما كانت خديجة مراد تحرث التراب حول خيمتها وتحضرها لتزرع بعض الخضروات قالت إن جميع مخيمات نازحي عفرين في الشهباء وناحية شيراوا تتميز بوجود الطبيعة على عكس كافة مخيمات العالم.

وبينت أن هذه المخيمات بألوانها الطبيعية والزاهية وبنظافتها وتنظيمها وتماسك القاطنين فيها تعكس صورة أهالي عفرين المتمسكين بحب الزراعة والاهتمام بها، مضيفةً "نعمل بشكل دؤوب بدلاً من الجلوس بلا فائدة والاستسلام للمحن".  

وقد زرعت بجانب خيمتها بعض الخضروات لكي يستفيدوا منها في إعداد أطباقهم اليومية كون الحصار أثر بشكل كبير على أوضاعهم المعيشية.

رسالة الإصرار والصمود

من جانبها أشارت وداد إبراهيم إلى أنهم يقضون معظم أوقاتهم بالاهتمام بالزراعة ويستذكرون في صورتها أيامهم السعيدة في عفرين ويرسلون من خلالها رسالة الإصرار والصمود.

وشددت على تمسكهم بطريق المقاومة والصمود في مخيمات النزوح بمقاطعة الشهباء رغماً عن جميع العوائق والصعوبات في سبيل العودة بكرامة إلى أرض عفرين المحررة.