إرشادات لتحسين الصحة النفسية للمرأة ما بين الحمل والولادة
تعيش المرأة الحامل أو التي أنجبت حديثاً تغيرات كثيرة تؤثر على صحتها النفسية والجسدية على حد سواء
كارولين بزي
بيروت ـ ، وصولاً إلى تأثير هذه التغيرات في حال عدم تداركها على جنينها أثناء الحمل أو طفلها ما بعد الولادة. وبالتالي تحتاج المرأة الحامل للدعم والمساعدة المتواصلة طوال هذه الفترة، فكيف بالنساء الحوامل في لبنان! في بلد يعيش أزمات عديدة، اجتماعية واقتصادية وسياسية وصحية.
"برنامج الصحة الانجابية والجنسية أداة إرشادية"
يؤثر واقع الأزمات التي تمر بها البلاد على النساء بشكل عام والمرأة الحامل بشكل خاص، لذلك وتماشياً مع الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية في لبنان، طوّر البرنامج الوطني للصحة النفسية (NMHP) في وزارة الصحة العامة (MOPH) بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) في لبنان برنامج صحة الأم، إرشادات الصحة النفسية.
وقد موّلت حكومة كندا صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان لدعم تنفيذ هذا المشروع، وقدّم البرنامج الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة العامة، الدعم التقني لإنجاز الإرشادات.
عن برنامج الصحة الانجابية والجنسية، تقول أخصائية برنامج الصحة الجنسية والإنجابية في صندوق الأمم المتحدة للسكان - لبنان ماغي غانم لوكالتنا، "أطلق البرنامج الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة العامة في لبنان وبالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان إرشادات الصحة النفسية للأم لمقدمي الرعاية الصحية والذي يشكل أداة إرشادية ومرجع علمي لتحديد وتقديم وإدارة حالات الصحة النفسية عند النساء بمراحل ما قبل الولادة وبعدها".
"الأعراض التي تمر بها المرأة خلال مرحلة الحمل وما بعدها"
وحول الهدف من هذا الدليل الإرشادي تقول "الهدف من الدليل هو تحسين صحة الأم النفسية في ظل الظروف الصعبة التي نتجت عن الأزمات المتتالية التي يعيشها اللبنانيون والمقيمون في لبنان، من جائحة كورونا إلى انفجار مرفأ بيروت والأزمة الاقتصادية الحادة التي ألّمت بالبلاد مع ما ينتج عنها من مشاكل وضغوطات نفسية واجتماعية، بالإضافة إلى التأثير النفسي للحمل والتغيرات الجسدية والنفسية بمراحل الحمل وما قبله وما بعده".
وأوضحت أن مرحلة الحمل عند المرأة تتميز بسمات عديدة، "الحمل تجربة مميزة وممكن أن تكون مربكة للمرأة في بعض الاحيان". مشيرةً إلى تأثيرات الحمل على صحة المرأة النفسية وما بعد الولادة، "في أول أسبوعين بعد الولادة من الممكن أن تشعر النساء بالإحباط، قلق على الطفل ومخاوف من الأمومة، وتعرف هذه الأعراض بالبيبي بلوز".
وأشارت إلى أن هذه الأعراض تختفي عادةً بعد مرور أسبوعين عندما تكون المرأة في إطار بيئة داعمة لها، ولكن في حال اشتدت هذه الأعراض واستمرت لما بعد الأسبوعين قد تكون تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، وبالتالي يجب الانتباه لبعض الأعراض وهي "حزن عميق وتقلبات مزاجية حادة، نوبات بكاء، تعب شديد، غضب وانفعال بشكل مفرط، عدم القدرة على الشعور بالفرح والعاطفة تجاه الطفل... يمكن أن تراود المرأة أفكاراً بإيذاء نفسها أو طفلها. وتحث هذه الإرشادات النساء على التنبه لهذه الأعراض والتوجه لأخصائيين للحصول على الرعاية المناسبة".
"هذه الموارد التي تساعد المرأة الحامل على التكيف مع التغيرات"
وفيما يتعلق بالمراحل التي تسبق الأمومة، تقول ماغي غانم أن "المرأة تمر بتغيرات كثيرة، من دون الموارد الاجتماعية والاقتصادية والطبية والعاطفية اللازمة يمكن أن تواجه المرأة صعوبة في التكيف مع هذه التغيرات. على الرغم من أن التجربة تختلف بين امرأة وأخرى ولكن كل النساء يعانين من مستويات عالية من التوتر، وتعتمد القدرة على إدارة هذا التوتر على حدة الضغوطات والموارد المتاحة لمعالجتها، ويمكن أن تؤدي هذه الضغوطات لاضطرابات نفسية خلال الحمل أو في السنة الأولى بعد الولادة".
وتتابع "الاكتئاب من الاضطرابات الأكثر شيوعاً بين الأمهات الجدد، بالإضافة إلى اضطرابات القلق، اضطراب ثنائي القطب وذهان ما بعد الولادة، ولكن كل هذه الاضطرابات قابلة للعلاج في حال تم تشخصيها بشكل صحيح. وبالتالي على المرأة الحامل أو التي أنجبت حديثاً أن تنتبه لبعض الأعراض مثل القلق المستمر، الشعور بالإحباط واضطرابات الشهية والنوم الغير مرتبطة بالطفل أو الشعور بالذنب واليأس، وبالتالي عليها أن تطلب الدعم وتتحدث إلى مقدم الرعاية الخاص بها لتطلعه على ما تمر به بهدف الحصول على المساعدة".
"تستهدف المبادرة اللبنانيات والمقيمات وتركز على المهمشات"
وعن المبادرة تقول "تأتي هذه المبادرة ضمن إطار جهود صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان لتعزيز وصول النساء والفتيات لخدمات الصحة النفسية من خلال رزمة الخدمات الصحية لاسيما الخدمات الجنسية والانجابية وخدمات الحماية التي يتم تقديمها ضمن برامج متعددة يتم تنفيذها مع شركاء محليين ودوليين والتي تستهدف جميع المقيميين على الأراضي اللبنانية وخاصة الفئات المهمشة".