إقصاء وتهميش... نساء إدلب تطالبن بتجريم التمييز الجندري
تواجه النساء في إدلب في الشمال السوري قهراً مزدوجاً لمكافحة أشكال التمييز الجندري الممنهج ضدهن في شتى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتقدمن باستمرار تضحيات شتى من أجل نيل حقوقها في المساواة والحرية والكرامة.
هديل العمر
إدلب ـ تعرف اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سيداو مصطلح التمييز الجندري بأنه أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد على أساس الجنس، يكون من آثاره أو أغراضه إضعاف أو إحباط الاعتراف بحقوق المرأة والحريات الأساسية في كل الميادين أو تمتعها بالحقوق.
التمييز "الجندري" أو كما يعرف بالتمييز على أساس الجنس مصطلح تعددت مفاهيمه وأشكاله التي تظهر في العديد من مجالات الحياة، ومع أن هذا النوع من التمييز يمكن ممارسته ضد الرجال إلا أنه يوجه بشكل أكبر ضد النساء والفتيات.
وقالت النازحة في مخيمات دير حسان شمال إدلب ندى شيخ جمعة 36 عاماً، أنها رفضت من الوظيفة التي تقدمت لها في إحدى المحال التجارية لبيع الألبسة النسائية بحجة أنها تسكن المخيمات التي تبعد عن المحل بينما اختيرت للوظيفة إحدى الفتيات "الأصغر بالعمر اللواتي يعشن في المدينة".
وأضافت أنها سمعت صاحب المحل التجاري وهو يهمس لصديقه بابتسامة ساخرة واصفاً إياها أنها نازحة وكبيرة في السن بينما يتقدم للوظيفة فتيات أصغر سناً.
وأشارت إلى أنه حان الوقت لتجريم التمييز الجندري على أساس العمر والحالة الاجتماعية من قبل مؤسسات حقوق الإنسان وخاصة وأنها تجده ذاك التمييز في كل حركة تخطوها في حياتها ويقف عائقاً ليس أمام تحقيق أحلامها فحسب بل مجرد تحسين حياتها أيضاً.
ولم تكن رؤى الشواف 25 عاماً، بأفضل حظاً من سابقتها حين منعها التمييز الجندري على أساس إعاقتها البسيطة من الحصول على فرصة عمل في إحدى المدارس الخاصة المتواجدة في ريف إدلب الشمالي.
وتقول إنها تعاني عرج بسيط في قدمها منذ طفولتها حين تعرضت لحادث سير تسبب في تقليص عظم ساقها اليمنى، غير أن تلك الإعاقة لم تكن تمنعها من المشي والحركة، كما أنها لم تقف عائقاً أمام تعليمها وإكمال دراستها حيث تخرجت من الجامعة فرع اللغة العربية وبمعدل جيد جداً.
إلا أن إنجازات رؤى الشواف وطموحاتها المستقبلية تلاشت على أعتاب كافة الوظائف التي تقدمت إليها بسبب إعاقتها البسيطة تلك حين كان يفضل أصحاب الوظائف الأشخاص الأصحاء على ذوي الإعاقة.
من جانبها قالت المرشدة الاجتماعية حياة الواكي 35 عاماً، إن التمييز الجندري على أساس السن أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية أو الأصل العرقي أو القومي أو الدين أو الحالة الصحية أو الإعاقة، تعتبر جريمة بحق نساء يواجهنها منذ الولادة وتساهم بشكل كبير في ترسيخ التبعية المادية ومحاربة التمكين الاقتصادي للمرأة.
وأوضحت أن التحولات التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة حول دعم حقوق المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع لم ينهي مظاهر التمييز الجندري التي ما زالت تبرز في العديد من الممارسات التي تنتهك حقوق المرأة بوضوح وتحد من مشاركتها في سوق العمل وتحرمها تحقيق استقلالها المادي.
ودعت حياة الواكي جميع المعنيين في إدلب من مؤسسات تعليمية وتربوية ومنظمات مجتمع مدني للتوعية بهذه القضية الهامة وخاصة وأن المساواة الجندرية "ليست ترفاً وإنما أساس التنمية المستدامة وتطوير الاقتصاد والارتقاء بالمجتمع، والتي لا يمكن أن تتم إلا بمشاركة المرأة وحضورها على قدم المساواة مع الرجل في جميع مجالات الحياة".