انتشار شجرة القات يتسبب بتراجع زراعة البن في اليمن

البن اليمني نوع من القهوة المعروف بجودته، وهو أحد المنتجات الرئيسية في الاقتصاد اليمني ويعود تاريخ زراعته إلى القرن الـ 15 وهو أحد أفضل أنواع البن في العالم بسبب خصائصه المميزة وطريقة زراعته التقليدية.

هالة الحاشدي

اليمن ـ توجد العديد من السمات المميزة للبن اليمني، مثل قوامه المتميز ونكهته المركزة والمعتدلة، والتوازن المثالي بين الحموضة والحلاوة، ويزرع في مناطق جبال اليمن العالية، وتتم زراعته بطرق تقليدية تشمل الزراعة اليدوية وقضاء ساعات طويلة في تحضيره.

مع ذلك، يواجه البن اليمني تحديات كبيرة بسبب تأثير القات على زراعته، والقات نبتة مخدرة تتم زراعتها في اليمن وهي العنصر الرئيسي في الاقتصاد المحلي للبعض من المزارعين، ويعاني البن من انخفاض في المساحة المخصصة لزراعته بسبب زيادة زراعة القات، حيث يحتاج البن مساحات أكبر وأراضٍ أكثر ارتفاعاً.

وتلعب المرأة اليمنية دور كبير في زراعة البن فعلى الرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها إلا أنها تشارك بشكل فعال في جميع مراحل إنتاج البن كما تعمل على زراعة الأشجار وحصاد البن وتجفيفه وفرزه وتحميصه، وتساهم بشكل كبير في الحفاظ على جودة البن ونجاح الصناعة.

قالت ندى المقطري إن القات يؤثر بشكل كبير على شجرة البن وزراعتها، حيث يجتاح أراضي البن ويستهلك كميات كبيرة من المياه، مما يتسبب في نقص المياه المتاحة لزراعة البن، بالإضافة إلى ذلك، يحتاج القات إلى تربة وأسمدة ومبيدات عالية التركيز، مما يؤثر على البيئة الزراعية في اليمن.

وهناك منافسة قوية بين القات وشجرة البن اليمني، وعلى الرغم من تفضيل الأغلبية للقات، إلا أن البن يتفوق عليه في عدة جوانب فالبن لديه دخل اقتصادي قوي ويتطلب كمية أقل من الماء للنمو، بالإضافة إلى ذلك، يزرع البن في أي نوع من التربة ولا يستخدم كميات كبيرة من المبيدات، وقد يحتوي القات على مبيدات كيميائية، مما يتسبب في آثار سلبية على الصحة الجسدية والنفسية، كما يسبب مشاكل اجتماعية مثل الطلاق والبطالة والإدمان.

وأضافت "شجرة البن اليمني ذات أهمية كبيرة حيث يعود أصل شرب القهوة وزراعتها إلى اليمن، وتتمتع اليمن ببيئة طبيعية فريدة تعزز طعم البن وتميزه، والذي يختلف من منطقة إلى أخرى".

وتقترح ندى المقطري عدة حلول لهذه المشكلة، بما في ذلك تقديم الدعم المادي والتقني للمزارعين الراغبين في زراعة البن، وزيادة الوعي لدى المزارعين بأهمية البن كمصدر رئيسي للدخل، وتوفير البنية التحتية اللازمة للزراعة مثل تحديث نظام الري وتطوير الصرف الصحي وتوفير الكهرباء، وتوفير التدريب المناسب للمزارعين حول كيفية تسويق منتجاتهم بشكل فعال.

فيما أكدت بسكال الهمداني إن للمرأة اليمنية دور كبير في زراعة البن، حيث تتولى مسؤولية جميع الأعمال بدلاً من الرجال "الرجال يقضون معظم وقتهم في الأسواق، بينما تقوم المرأة بتنفيذ جميع المهام". لافتةً إلى أن شجرة القات تسببت في تدهور كبير في اليمن، حيث استولت على أراضٍ زراعية واسعة كانت تستخدم لزراعة محاصيل أخرى مثل البن والخضروات والفواكه.

وتم قطع أشجار البن والمانجو وغيرها من الأشجار الهامة التي تساهم في اقتصاد اليمن "البن له أهمية كبيرة مقارنة بالقات، ومع ذلك تجبر معظم الأسر على حرمان أطفالها من الاحتياجات الضرورية لشراء القات، وهذا أمر خطير ولا يحقق أي هدف مشروع واضح سوى الاستهلاك غير المسؤول للقات، بالإضافة إلى أنه يسبب العديد من المشاكل نتيجة استخدامه كمادة مخدرة، بما في ذلك الجرائم والقتل".

وأكدت على ضرورة مكافحة شجرة القات بشكل صحيح، لأن تعاطي القات يؤدي إلى الإدمان ويؤثر أيضاً على العلاقات الأسرية والاجتماعية بسبب تأثيرها المخدر على أفراد الأسرة، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم تعزيز زراعة البن في المناطق الجبلية والساحلية حيث ينمو بشكل جيد ويتمتع بطعم فريد. كما يجب على المجتمع أن يتعرف على الآثار الضارة لشجرة القات، وأن يقوم المزارعون والمجتمع بزراعة البن بشكل أكبر وتشجيع استبدال زراعة القات بالبن.

وبدورها قالت حليمة ياسين "عندما يميل المجتمع إلى تعاطي القات بشكل كبير، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة إنتاج القات والطلب عليه، ومن أجل تلبية هذا الطلب، يتم توسيع المساحات الزراعية المخصصة لزراعة القات، وهذا يؤثر سلباً على إنتاجية أشجار البن".

وشددت على أنه "يجب محاربة مشكلة القات بكافة الوسائل الممكنة، ويجب التوعية بمخاطر تعاطيه وتأثيره السلبي على الأفراد والأسر، بما في ذلك آثاره على الأطفال كما يمكننا توعية المزارعين بضرورة التحول إلى زراعة البن بشكل أكبر وتشجيعهم على الانتقال من زراعة القات إلى زراعة البن".

وأشارت إلى أنه "ينبغي استخدام وسائل الإعلام والتوعية لتسليط الضوء على آثار القات السلبية وتشجيع المزارعين على اعتماد زراعة البن وتنمية هذا القطاع ويجب على الجميع أن يكونوا على دراية بمشاكل القات وتقليل استهلاكه وإعادة توجيه اهتمامهم إلى المحاصيل الزراعية الأخرى التي يمكن أن تكون أكثر استدامة وفائدة من الناحية الاقتصادية والبيئية والصحية".