انتهاكات داعش كما يرويها أهالي مدينة الباب المهجرين

ما زالت فاطمة عثمان تتذكر الممارسات التي قام بها مرتزقة داعش عند سيطرتهم على قريتها قباسين بمدينة الباب بمقاطعة الشهباء أواخر العام 2014، وتقول إن النساء أكثر من عانى خلال تلك السنوات

روبارين بكر
الشهباء ـ .
شكلت مدينة الباب نقطة رئيسية لبداية المشروع التركي في سوريا، وبداية كانون الأول/ديسمبر 2016، أعلنت سيطرة الجماعات المسلحة التابعة لها المعروفة باسم "درع الفرات" بدعم من قواتها على المدينة وألحقتها إدارياً بولاية غازي عنتاب.
فاطمة عثمان من أهالي قرية قباسين بمقاطعة الشهباء في شمال وشرق سوريا، كانت شاهدة على أبشع جرائم وانتهاكات مرتزقة داعش التي طالت المدنيين والنساء على وجه الخصوص، روت لوكالتنا ما عاشته وما شاهدته خلال تلك الفترة.
"النساء أكثر من عانى من الضغوطات خلال سيطرة مرتزقة داعش على المدينة"، هذا ما أكدته فاطمة عثمان وأضافت أنها كانت شاهدة على جلب مرتزقة داعش للنساء الايزيديات وأطفالهنَّ من شنكال وحبسهم في المنازل ومنعهم من الدخول أو الخروج وحتى الزيارات "في إحدى المرات وبينما كان الباب مفتوحاً لمحت العشرات من النساء منهم حوامل وكان هناك أطفال أيضاً".
وذكرت أن المرتزقة دخلوا إلى قرية قباسين بشكل مفاجئ أواخر العام 2014، دون مقاومة أو أي اشتباكات تذكر بينهم وبين المجموعات المرتزقة الأخرى التي كانت مسيطرة. وقالت إن السياسة التي اتبعها المرتزقة هي التضييق على الأهالي "أجبرنا على البقاء في القرية جراء الحصار، الذي شدده داعش على المنطقة، فلم نستطع الفرار، خلال تلك الفترة حرمنا من أبسط حقوقنا، المشي في الشوارع والأسواق وارتداء ما نريد، حتى أنهم حرّموا تناول المعلبات".
"نحن الذين بقينا في القرية كنا شاهدين على أبشع الجرائم والانتهاكات من قطع الرؤوس وسط الأسواق، والجلد والصلب"، وتضيف أنه في أحد أيام عيد الأضحى وبعد صلاة العيد قطعوا رأس شاب أمام المئات من الأهالي الخارجين من الجامع، بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية الديمقراطية.
ولذات التهمة صلبوا طفلاً لم يتجاوز عمره الـ 14 عاماً، ثم قتلوه رمياً بالرصاص، "بقي جثمانه معلقاً بهذا الشكل على مدار ثلاثة أيام، وعمت رائحة الجثة المتفسخة المنطقة"، حاولوا من خلال ذلك بث الرعب بين الأهالي والسيطرة عليهم، كما تقول.     
لم تكن هناك إمكانية للحياة بعيداً عنهم فحتى الحياة الأسرية تدخلوا بها "لم يكن يسمح للفتيات باللعب مع أشقائهن الذكور فعلى كل منهم اللعب في غرف منفصلة، والفتيات اللواتي لم تكن أعمارهن تتجاوز الـ 6 سنوات كن يجبرن على ارتداء العباءة عند الخروج".
"إحدى السيارات التابعة لداعش تدور في القرية بين الحين والآخر وتعتقل النساء بشكلٍ عشوائي، وتسأل الرجال أن كانوا كرداً فإن كانوا كذلك تقوم باعتقالهم على الفور"، هذه إحدى الممارسات التي تصفها فاطمة عثمان.
وعن معنويات النساء والفتيات قالت "وسط هذه الضغوط عانينا بشكل كبير. لقد هددونا إن خرجنا أو سمحنا بخروج بناتنا دون نقاب أو لعبت الفتيات مع الأولاد بأنهم سيفرضون الدورة الشرعية، وسيقيمون عليهم عقوبة الجلد، ولذلك أجبرنا على حبس البنات في المنزل إلى أن تعقدت حالتهنَّ النفسية وباتت أيامهنَّ كئيبة".
وتؤكد فاطمة عثمان أن المرتزقة يخلقون المشاكل ولأسباب تافهة لاختطاف النساء وفرض العقوبات المشددة عليهنَّ "كل امرأة تعتقل كانت تجلد أكثر من 100 جلدة. إحدى قريباتي جلدت 80 جلدة بحجة أنها لم تلتزم باللباس الشرعي". مضيفةً "بعد خروجها من السجن وعلى مدار يومين متواصلين كان وضعها الصحي غير مستقر وتعاني من القيء بشكل دائم ولم تكن قادرة على التواصل مع من حولها".
وبينت أنهم يرجمون النساء والرجال بالقول إنهم غير مسلمين، ومن يرفض المشاركة بالرجم من الأهالي الموجودين في السوق يعتبر كافر "يجبر الجميع على المشاركة بالرجم، ومن يرفض الضرب أو التكبير معهم كان يجلد ويرمى بالحجارة حتى الموت ويعتبرنه كافر".  
تتذكر فاطمة عثمان حادثة أخرى تعرضت فيها امرأة للقتل "عندما كانت تسير إحدى النساء في الشارع، جاءها المخاض، فبدأت بالصراخ من شدة الألم خاصة أن ولادتها تعسرت، ولذلك قام المرتزقة بقتلها هي وجنينها، قالوا إن صوت المرأة عورة ولا يجب أن ترفعه في الطرقات".
اشتعل القتال مجدداً بين داعش والفصائل المرتزقة التي تسيطر اليوم على مدينة الباب، وتعرف تلك المعركة بمعركة الباب وأهم هذه الفصائل التي تسيطر اليوم على مدينة الباب، الحمزات، السلطان مراد، حركة أحرار الشام، الجبهة الشامية، أحرار الشرقية، جيش الشرقية، جيش الإسلام، فرقة محمد الفاتح، فرقة المعتصم، فرقة المنتصر، لواء الشمال، لواء الأحفاد. 
ومع اقتراب الهجمات استطاع الأهالي الهروب من القرية والنزوح إلى مقاطعة الشهباء. تقول فاطمة عثمان أن تأثير الخوف والتهديد الذي كان يفرضه مرتزقة داعش على الأهالي كان يلاحقهم "عندما وصلنا إلى الشهباء لم أكن أجرؤ على خلع النقاب، ولكن بعد شعورنا بالأمان والاستقرار خلعت النقاب وتخلصت منه أخيراً".
واختتمت فاطمة عثمان حديثها بالتأكيد على أن "مرتزقة داعش بعيدين كل البعد عن الإسلام ومبادئه الحقيقية. في الواقع هم ضد الدين، لقد كانوا السبب في ترك العديد من الأشخاص للصلاة جراء ما كانوا يفرضوه من ضغوطات على الناس".