أنشطة ومساعي نسوية للتخفيف من الآثار النفسية للزلزال على الأطفال
لم تقتصر كارثة الزلزال المدمر التي ضربت سوريا وتركيا في 6 شباط/فبراير الماضي، على الأضرار الجسدية والمادية فقط، إنما خلفت آثاراً نفسية على فئات المجتمع عموماً والأطفال خصوصاً.
هديل العمر
إدلب ـ سعت ناشطات متخصصات بتمكين الطفل في مناطق الشمال السوري إلى التخفيف من آثار الزلزال على الأطفال، من خلال مبادرات تهدف لدعمهم نفسياً بهدف إخراجهم من واقعهم الصعب الذي تمثل بالفقد والنزوح والتشرد.
على مقربة من مدينة سلقين غرب إدلب، تقوم الناشطة النسوية شيرين الشعراوي البالغة من العمر 29 عاماً، بأنشطة تعليمية وترفيهية برفقة عدد من المتطوعات، ضمن مبادرة فريدة من نوعها في ظل غياب الرعاية والجهات الداعمة للأطفال المنكوبين جراء الزلزال المدمر.
وعن الأمر الذي دفعها للقيام بهذه المبادرة أكدت أنه مع ملاحظتها لغياب فرق الدعم النفسي والاجتماعي في مراكز الإيواء، في ظل الأوضاع الصحية والنفسية الصعبة التي تعرض لها الأطفال، دفعها ذلك للقيام بمبادرة توعوية تهدف لتنمية الحس الإبداعي والنفسي لدى الأطفال، نظراً لكونهم الفئة الأكثر تعرضاً للأزمات النفسية مقارنة ببقية الفئات العمرية.
وأضافت أن مبادرتها تخدم نحو 350 طفل يتواجدون في مراكز الإيواء التابعة لمدينتي حارم وسلقين، وهم قادمون من مختلف المناطق والقرى والبلدات المنكوبة التي ضربها الزلزال، في حين لايزال هناك آلاف الأطفال بحاجة لمثل هذا النوع من الدعم والمساعدة في باقي المدن والمراكز المكتظة.
وأشارت إلى أن النشاطات التي تقوم بتقديمها تشمل جوانب متعددة أبرزها النشاطات الترفيهية والفكرية، التي تهدف لدعم الحالة النفسية التي تتمركز في مقدمة قائمة الأولويات التي يحتاجها الأطفال في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تفتقر لأدنى مستويات الرعاية الصحية وتأمين السلامة النفسية.
وأكدت شيرين الشعراوي أن المبادرة لاقت قبولاً كبيراً من الأهالي والأطفال المستفيدين، بالرغم من أن الأماكن والامكانيات المتاحة للمبادرة محدودة.
من جهتها تحاول نور المصطفى البالغة من العمر 10 أعوام وهي متضررة من الزلزال ومستفيدة من المبادرة، أن تتأقلم مع حياتها الجديدة بعد وفاة والدها وانهيار منزلها، وسكنها مع بقية أفراد عائلتها في خيمة وسط أجواء صعبة وقاسية "بابا مات وكتبي ضلو تحت الأنقاض وألعابي كمان"، بهذه الكلمات عبرت نور المصطفى عن حزنها وألمها لما آل إليه حالها وحال أمها وإخوتها في أعقاب الزلزال المدمر.
وأكدت رؤى الفيصل وهي والدة نور المصطفى، بأن حالة ابنتها النفسية تحسنت إلى حد كبير بعد مشاركتها في مبادرة التوعية والدعم النفسي، إذ أنها كانت تعاني من أعراض نفسية صعبة وحادة في الأسبوع الأول من الكارثة كالاكتئاب والوحدة والانطواء على نفسها ورغبتها بالبقاء داخل الخيمة طوال الوقت.
وأضافت أن مشاركة ابنتها في مثل هذا النوع من المبادرات كان له دور في التخفيف عنها من حالة الصدمة والخوف التي كانت تعيشها، وخصوصاً بعد اندماجها مع أقرانها من الأطفال واللعب معهم ضمن الأنشطة المختلفة التي تقدم لهم.
من جانبها ترى المرشدة النفسية والاجتماعية أميرة السيد علي أن مبادرات الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال يجب أن تكون على رأس أولويات المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري.
وأضافت أن هذه المبادرات لا تقل أهمية عن غيرها من أنواع المساعدات المقدمة سواءً تأمين الخيام والغذاء واللباس وغيرها، وذلك نظراً للآثار السلبية التي من الممكن أن تصيب الأطفال والمراهقين نتيجة فقدان الأمان وحالة عدم الاستقرار.
وأكدت إلى أن آثار الزلزال ستبقى محفورة في عقول الأطفال، وبالتالي سيولد لديهم حالة من الهلع والخوف في أدنى حركاتهم وأفعالهم، وهو ما سيؤثر على صحتهم النفسية والعقلية بشكل كبير، لذلك شددت على ضرورة تقديم الدعم لمثل هذا النوع من المبادرات.