انخفاض منسوب مياه نهر الفرات يعرض حياة سكان المنطقة للخطر

يتبع الاحتلال التركي كافة الأساليب لمحاربة المكونات في مناطق شمال وشرق سوريا، فهو لم يكتفي بحربه العسكرية والسياسية على المنطقة، لذلك لجأ إلى حرمانها من حقها من مياه نهر الفرات.

نورشان عبدي

كوباني ـ الاحتلال التركي بحبسه لمياه نهر الفرات يضيف ملفاً آخر على سجل الجرائم التي يرتكبها بحق سكان مناطق شمال وشرق سوريا، وسط صمتٍ دوليٍ خانق.

في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير عام 2021، قامت تركيا بحبس مياه نهر الفرات عن الأراضي السورية، فبات منسوب المياه الواردة إليها أقل من 200 متر مكعب في الثانية، بينما هناك اتفاقية سابقة بين حكومة دمشق ودولة الاحتلال التركي تنص على أن تحصل سوريا على ما لا يقل عن 500 متر مكعب في الثانية من مياه النهر.

ومنذ بداية نيسان/أبريل من العام 2022 قل الوراد المائي لنهر الفرات إلى مستوى 4 أمتار ونصف شاقولياً، مما أدى للتأثير على السدود الثلاثة المقامة على النهر وهي سد تشرين وسد الفرات وكذلك سد الحرية، وباستمرار انقطاع مياه الفرات على سكان المنطقة يهدد الاحتلال التركي حياة أكثر من خمسة مليون نسمة من سكان مناطق شمال وشرق سوريا الذين يعتمدون على مياه نهر الفرات في تأمين كافة مقومات حياتهم.

 

"تهدف تركيا لنسف جميع أشكال الحياة في روج آفا"

عن انخفاض منسوب مياه نهر الفرات وتأثير ذلك على مقومات الحياة في المناطق التي تعتمد على مياهه، تقول الرئيسة المشتركة لمديرية المياه في مقاطعة كوباني بإقليم الفرات خاليصة حاج عبد القادر "الاحتلال التركي يحارب سكان مناطق شمال وشرق سوريا بكافة السبل بغية إضعاف إرادتهم وتهجيرهم، ولأنه لم ينجح بهجومه العسكري والسياسي على المناطق لجأ إلى حبس مياه نهر الفرات عنها"، موكدةً أنه في "مديرية المياه نواجه العديد من الصعوبات في تأمين مياه الشرب للأهالي في ظل الانخفاض المتزايد في منسوب مياه النهر".

وعن الآلية المتبعة للتخفيف من حدة هذه الكارثة توضح "قبل أشهر كانت مضخات المياه تعمل لمدة عشر ساعات متواصلة لتغذية قسم واحد من المدينة يومياً، ولكن مع زيادة نسبة انخفاض منسوب مياه النهر تم تقليل عدد ساعات الضخ إلى خمس ساعات للمدينة وبمعدل سبع ساعات للقرى التابعة لها"، وأكدت على أن "تطبيق هذه الخطة أمر صعب ففي كثير من الأحيان يتعرض أعضاء مديرية المياه للاستهداف من قبل الاحتلال التركي أثناء تأديتهم لعملهم".

وأضافت أن "توليد الكهرباء وتوفير مياه الشرب والري كلها أمور مرتبطة بمنسوب مياه نهر الفرات، لذلك تهدف تركيا إلى تدمير جميع سبل العيش في المنطقة، وبالرغم من كل التحذيرات التي أطلقت حول هذه القضية خاصة بعد حدوث الزلزال الذي ضرب المنطقة، إلا أن الاحتلال التركي لا زال يحرم أهالي شمال وشرق سوريا حصتهم من مياه نهر الفرات، ونطالب المنظمات الدولية والإنسانية بالضغط عليه لإعطاء الأهالي حقهم من المياه".

 

"تهدف تركيا بقطعها لمياه الفرات القضاء على الإدارة الذاتية"

وعن المعاناة التي يواجهها الأهالي في شمال وشرق سوريا في ظل انقطاع مياه نهر الفرات تقول خانم علي "منذ ما يقارب 3 أعوام يقوم الاحتلال التركي بقطع مياه نهر الفرات عن مناطق شمال وشرق سوريا في خرق واضح للقوانين الدولية، فهو يرتكب جرائم حرب بحقنا ويحرمنا من أبسط مقومات الحياة والعالم بأسره يلتزم الصمت تجاه أفعاله، وبسبب قطع المياه باتت سبل الحياة صعبة ونحن نعاني كثيراً بسبب انقطاع المياه والكهرباء".

وأضافت "الاحتلال التركي يسعى للنيل من إرادتنا وعزيمتنا لإفشال ثورتنا والقضاء على الواقع الخدمي في مناطق شمال وشرق سوريا، لكنه لن ينجح بذلك وستفشل خطته هذه كما فشلت خططه السابقة، لأننا نعلم بأن الاحتلال التركي يريد إضعافنا من خلال ذلك، ولن نسمح له أو لأي أحد بإفشال ثورتنا والقضاء على إرادتنا وسنقاوم كافة اعتداءاته على المنطقة ونحمي مكتسباتنا، ونثبت للعالم بأن تركيا دولة احتلال هدفها القضاء على الشعوب التي تطالب بالديمقراطية والمساواة".

 

قطاع الزراعة أكثر القطاعات تضرراً

عن تأثير انخفاض منسوب المياه على قطاع الزراعة في قرى مدينة كوباني قالت أمينة شيخو من قرية كابلك غربي المدينة "هناك انخفاض كبير في منسوب مياه نهر الفرات لأن تركيا تحرم مناطق شمال وشرق سوريا من حصتها بمياه النهر، وهذا يؤدي أيضاً لانخفاض مياه الآبار في المناطق المجاورة للنهر والتي تستخدم لري آلاف الدونومات من الأراضي الزراعية، كما أنه يقلل من تقنين ساعات الكهرباء ومياه الشرب اللذان يعتبران عصب الحياة وتعتمد عليهما كافة مقوماتها، وكل هذا بهدف تهجير أهالي المنطقة من منازلهم".

وأضافت "غالبية سكان مناطق شمال وشرق سوريا يعملون بالزراعة التي تحتاج لتوفر المياه بشكل كبير، وفي الأعوام الأخيرة التي تزامنت مع احتباس مياه نهر الفرات كانت غالبية المواسم الزراعية خاصة القمح والشعير والخضراوات قليلة الإنتاج بسبب انخفاض المياه، لو أن هناك مياه وفيرة لكان مستوى الزراعة والاقتصاد جيد في المنطقة"، ونوهت "كنت أنوي زراعة الأشجار ولكن البئر الذي كنت سأعتمد على مياهه في سقايتها انخفضت وأصبحت شحيحة ولا تكفي".

من جانبها قالت مكية شيخ دمر "بعد فشل الاحتلال التركي في الحصول على نتائج ترضيه من الهجمات العسكرية التي شنها على مناطق روج آفا، بدأ باتباع أساليب أخرى ومختلفة لمحاربة الوجود والهوية الكردية، فكان حبس مياه نهر الفرات على رأس هذه الأساليب نظراً للتأثير الكبير للنهر على المنطقة بكافة نواحيها، منها الزراعية والبيئية والصحية حيث انتشرت في الآونة الأخيرة الأوبئة والأمراض وكان آخرها الكوليرا والكثير من الأمراض التي تعرض حياة سكان شمال وشرق سوريا للخطر، كما أن المساحات الزراعية التي كانت تعتمد على مياه النهر باتت قليلة جداً".

وتابعت "يجب على العالم بأسره النظر بعين الإنسانية إلى وضع الشعب في مناطق شمال وشرق سوريا، ونطالب المجتمع الدولي بوضع حد لانتهاكات الاحتلال التركي، كما أننا نطالب بحصتنا من مياه نهر الفرات التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية وتخترقها تركيا اليوم".