أنج خليل تروي قصة تغلبها على سرطان الثدي
بإرادة صلبة وقوة وإيمان واجهت أنج خليل سرطان الثدي، لم تستلم للألم ولا لعوارضه بل تحدته وواجهته
كارولين بزي
بيروت ـ . لا تتحدث عن مرضها بندم أو خوف بل تنظر إلى تلك المرحلة التي تجاوزتها بنجاح منذ خمس سنوات بالشكر والطمأنينة، بالاستعداد لمواجهة أي غريب والقضاء عليه في حال قرر أن يجتاح جسدها من جديد.
"هكذا اكتشفت إصابتي بسرطان الثدي"
تروي أنج خليل (48 عاماً) لوكالتنا تفاصيل قصتها مع سرطان الثدي وكيف نجحت بالقضاء عليه، وتقول "منذ نحو خمس سنوات أنهيت علاج سرطان الثدي. ولكن اكتشفت المرض عندما كنت في الثامنة والثلاثين، كنت نائمة وأتقلب في السرير عندما شعرت بورم في صدري ولكنني لم أشعر بالألم. في اليوم التالي اتصلت بالطبيب وطلب مني أن أجري تصوير شعاعي للثدي، لا أنكر أنني شعرت بالقلق ولكنني اعتقدت أنه يمكن أن يكون تغيراً في هرمونات الجسم وليس سرطان الثدي".
وتتابع "سألني الطبيب حينها إن كنت قد أجريت كشفاً مبكراً ولكنني نفيت ذلك لأنني كنت حينها لا زلت ما دون الأربعين سنة، وبعدما أجريت الفحوصات اللازمة أخبرني الطبيب أنه يجب أن نجري عملية لإزالة الورم، عندها طلبت من الطبيب أن يوضح لي ما طبيعة الورم وأخبرته أن والدي وعمتي قد توفيا بمرض السرطان ويمكن أن أتقبل الأمر ولست خائفة. لم يخبرني الطبيب حينها إن كان ورماً خبيثاً أو سرطان... كان بانتظار استئصال الورم ليعرف طبيعته. حتى أن الطبيب ارتأى أن يجري العملية قبل أن يأخذ خزعة ليعرف طبيعة الورم، وبالتالي وفر عليّ الوقت ومع استئصال الورم وجد أنه سرطان من الدرجة الثانية، وبعدما حصلنا على النتيجة بدأت مباشرةً بجلسات العلاج الكيميائي".
وتضيف "عندما استأصل الورم اكتشف أن تحته عدد من الكتل الصغيرة ولكن تبين أنها ليست أوراماً سرطانية بل الورم الأساسي الذي اكتشفه على شكل موزة هو الأساس وهو الذي سبب هذه الكتل الصغيرة. وبالتالي الورم لم يكن منتشراً ولكن كان علينا أن نجري جلسات علاج، فأجريت ثماني جلسات علاج كيميائي و35 جلسة علاج إشعاعي".
"بهذه الطريقة أخفيت الأعراض التي يسببها العلاج الكيميائي"
"لم يشكل لي المرض قلقاً أو ضغطاً وحتى العلاج الكيميائي، وبما أنني أعرف بعض التفاصيل عن العلاج بسبب مواجهة والدي للمرض نفسه، فبالتأكيد بوضعي الصحي كنت أفضل أن أخضع للعلاج"، تقول أنج خليل "أنا ضد الخضوع لعلاج كيميائي عندما يكون السرطان منتشراً بالجسم، ولكن في حالتي كان المرض محصوراً في مكانه وليس منتشراً لذلك خضعت للعلاج، إلا أنني كنت خائفة من الأعراض التي يمكن أن يسببها العلاج الكيميائي، مثل تساقط الشعر، اسوداد الأظافر، التقيؤ وغيرها من الأعراض... ولكنني لم أرضخ لهذه الأفكار وذهبت أفكر بطريقة إيجابية، فقلت بيني وبين نفسي بأن شعري في الأصل خفيف، حتى كنت قد فكرت بأنني يمكن أن أضع شعراً مستعاراً حتى لو لم أخضع لعلاج كيميائي. فيما يتعلق بالأظافر اعتمدت طلاء الأظافر الداكن اللون مثل الأسود والأحمر الداكن، الزيتي والكحلي كي لا يظهر الضرر الذي لحق بأظافري".
وتتابع "قمت بشراء أكثر من تسريحة شعر مستعار بأكثر من لون واعتمدتها حتى قبل أن أخضع لعلاج وقبل أن يتساقط شعري لكي أعتاد على ذلك وأحوّل البشاعة إلى جمال، كي لا أشعر بالمرض وبأنني مختلفة عن الآخرين. فأنا أعمل مع أطفال عاديين ومع ذوي الاحتياجات الخاصة وكنت أخبر نفسي بأنني يجب أن أعيش حياتي بشكل طبيعي كالأشخاص الذين أعمل معهم".
لا تفارق الابتسامة وجه أنج خليل حتى أنها تمد جليسها بطاقة إيجابية على الرغم من أن مرضها لم يكن سهلاً، لكنها تحدته وواجهته، وتقول "عملت على الجانب النفسي كثيراً، وعملت على فكرة مواجهة المرض وبأنني أقوى منه وأستطيع التغلب عليه، وإن كان مصيري الموت فهذه بالنهاية قدري وليس بمقدوري أن أفعل شيئاً، إن شعرت باليأس أو العصبية. بالإضافة إلى ذلك، عندما ذهبت إلى المستشفى ووجدت أشخاصاً يعانون من أمراض مزمنة مثل مرضى الكلى الذي يخضعون أسبوعياً لغسيل الكلى وأكثر من مرة، فقارنت نفسي بهم ووجدت أن وضعي أفضل فأنا كنت أخضع للعلاج كل ثلاثة أسابيع، كنت أفكر دائماً بالناحية الإيجابية وآمنت بفكرة أنها مرحلة وستمر ولن تدوم، وبالفعل مرت هذه المرحلة ولا أنكر أنني شعرت في بعض الأحيان بالانزعاج والألم وكأن روحي معلقة بين السماء والأرض".
ساندت عائلة أنج خليل ابنتها وأمدتها بالقوة، وتقول "لعبت العائلة والأهل والأصدقاء وحتى المدرسة دوراً كبيراً بمساندتي والوقوف إلى جانبي في كل الظروف، كان هناك تفهم من الجميع".
"كان جل اهتمامي ألا يشعر ابني بالنفور مني"
ورداً على سؤال حول ما هو أكثر ما أخافها بعد إصابته بسرطان الثدي، تقول "أخافني وجود ابني معي وبما أنني انفصلت عن زوجي قبل اكتشافي المرض، وحصلت على حضانته بنسبة مئة بالمئة، كنت خائفة بأن يرفضني، إذ كانوا يريدون أن يضعوا لي أنبوباً عند الصدر ليريحني من الحقن بعدما تلقيت العديد من الحقن بسبب العلاج، ولكنني رفضت الأنبوب خوفاً من أن يسألني ابني عنه، وفضلّت أن أتلقى الحقن، كان جل اهتمامي ألا يشعر ابني بالنفور مني".
وتتابع "حالياً أنا مجبرة على إجراء فحوصات دورية خوفاً من أن أصاب مجدداً بالمرض، ولا أنكر بأنني أحياناً أشعر بالقلق، ولكنني أعود وأفكر بأنني في حال أصبت مجدداً سأكتشف المرض في وقت مبكر ولن يشكل خطراً كبيراً عليّ".
وتوجه أنج خليل رسالة للنساء عبر وكالتنا تقول فيها "لا تخفنّ، عليكن أن تفكرن بأنكن جميلات بكل الأحوال، مرضى وأصحاء"، وتشدد على أهمية الإيمان والثقة بالنفس، وتضيف "أطلب من كل النساء أن يجرين الفحص المبكر ويواجهن المرض أو النتيجة مهما كانت، لأن الاستسلام يمكن أن يقتلهن".
لم تشعر أنج خليل يوماً بالخجل من شعرها المتساقط ولذلك قررت أن تخلع الشعر المستعار الذي اعتمدته وتتنقل من دونه، وتقول "أنا أحب أكسسوارات الشعر ولكن بعد العلاج تساقط شعري وعاد ونبت مجدداً ولكنه لم يعد كالسابق ولكني لا أخاف من الظهور أمام الناس من دون شعر مستعار". وبالفعل نزعت أنج الشعر المستعار الذي وضعته على رأسها ولم تتردد بل حاولت أن تثبت أنها امرأة قوية وجميلة مع شعر كثيف أو خفيف.