أمل فرحات توضح الهدف من دليل العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء الطوارئ

تقول أمل فرحات المستشارة في منظمة "أبعاد"، إنهم يعملون على مساعدة الناجين/ات من العنف عبر الدعم النفسي، مع سرية الحفاظ على المعلومات

في إطار مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، أطلقت منظمة أبعاد بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان النسخة العربية من دليل "العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء الطوارئ". ويتناول الدليل مبادئ وخطوات إدارة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي عن بُعد وتقديم المشورة الاجتماعية.
 
كارولين بزي
بيروت ـ .
 
"إدارة الحالة طريقة منظمة لتقديم المساعدة للناجيات من العنف"
تعرّف أمل فرحات المستشارة في إدارة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي في منظمة "أبعاد" لوكالتنا معنى إدارة الحالة، وتقول "إدارة الحالة هي طريقة منظمة لتقديم المساعدة للناجين والناجيات من العنف وعادةً ما تكون عبر الدعم النفسي الاجتماعي وتربط الفرد بمقدمي الخدمات من منظمات مختلفة".
وتتابع "يعرّف دليل 'العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء الطوارئ' الأخصائيين على المبادئ الأساسية للتعامل مع حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي وكيفية إدارة الحالة. ويضم كل التقنيات اللازمة لنقل إدارة الحالة من العمل المباشر إلى العمل عن بُعد، وكذلك المفاهيم المتعلقة بموضوع العنف المبني على النوع الاجتماعي وطريقة التدخل وإدارة الحالة عن بُعد، إذ يوجد مسار معين لإدارة الحالة وكيفية تحديد الأولويات وتقييم الخطر وتوجيه النساء المعرضات للخطر إلى الجهة التي يمكن أن تساعدهن إن كان عبر إرشادهن للتواصل مع قوى الأمن الداخلي أو توجيههن إلى منظمات قريبة منهن".
 
"حرصنا على تطوير تقنيات للتعامل مع الناجيات عن بُعد"
وتضيف "خلال مرحلة كورونا والإقفال التام لمسنا ارتفاعاً بنسبة حالات العنف من خلال الاتصالات التي كنا نتلقاها على الخط الآمن في منظمة أبعاد، ورأينا أننا يجب أن نكيّف التقنيات والوسائل التي كنا نقوم بها كإدارة حالة وأن نقدم الدعم النفسي الاجتماعي ومتابعة النساء الناجيات من العنف. ولكن عندما حصل الانقطاع معهن حرصنا على أن نطور تقنيات وإرشادات معينة ليستطيع الأخصائيون التعامل مع النساء عن بُعد". وتشير إلى أن "الدليل موجه لهؤلاء الأخصائيين لكي يستطيعوا أن يؤمنوا الحماية الآمنة والدعم النفسي الاجتماعي للنساء والتخفيف من الخطر الذي يمكن أن يتعرضن له، كما نقوم بنظام إحالة آمن ونضع معهن خطة عمل تؤمن لهن الحاجات الأساسية".
فيما يتعلق بالأشخاص الذين تراودهم أفكاراً انتحارية، تقول أمل فرحات "ندرّب المتخصصين على مهارات معينة، مثل كيفية طرح الأسئلة المتعلقة بمواضيع العنف، ونحاول أن نمكّن الأخصائيين بالتحدث عن مواضيع تشكّل مخاوفاً عند البعض، ليحثوا الحالة على التعبير عن مخاوفها وأفكارها من دون أحكام مسبقة على ما تقوله، لكي نؤمن لها الحماية اللازمة ونوجهها للمنظمات المتخصصة". 
وتؤكد على سرية المعلومات وطريقة تدوينها، وتقول "ندرك تماماً أن الناجية من العنف تبقى معرضة للخطر، لذلك هناك خصوصية المعلومات وكيفية تدوينها، كيفية تلقي الاتصال وتدوين الملاحظات بشكل يحفظ الخصوصية للمرأة مع احترام المشكلة التي طرحتها"، مشيرةً إلى أن "الدليل يأخذ بعين الاعتبار كل فئات طالبي المساعدة ذكوراً وإناث".
وتضيف "نحن كأبعاد جمعية غير سياسية مدنية خدماتنا متاحة لأي شخص يتصل بنا، موجود على الأراضي اللبنانية بعيداً عن انتماءاته وخلفياته الدينية أو السياسية أو العرقية فخدمة الإنسان هي هدفنا، نقدم له/ا الخدمات التي تنطوي على تأمين الحماية عبر إدارة الحالة... نتواصل مع النساء نتعرف إلى الأولويات ونقيّم وضعها ولكن عندما يكون هناك خطر مباشر على المرأة بعد تقديم كل التوجيهات والمعلومات الكافية لها، يمكن أن نحيلها إلى أحد مراكز الإيواء الآمنة التابعة للمنظمة والموجودة في ثلاث محافظات البقاع وجبل لبنان والشمال وبإشارة من القضاء المختص، لتبقى فترة معينة في أحد هذه المراكز نعرض لها خلال هذه الفترة كافة المعلومات والخيارات المتاحة لتتمكن من اتخاذ القرار المناسب لها، بعيداً عن وطأة الضغط والعنف متجنبة اتخاذ قرارات متسرعة وغير مدروسة".
وتضيف "عندما يحصل تدخل مع المرأة من قبل أبعاد ضمن إدارة الحالة، يحق لها أن توقف عملية الاتصال بنا في أي وقت، لا يحق لأبعاد إجبارها على اتخاذ أي قرار، ولكن دورنا هو أن نقدم لها كافة الخيارات المتاحة في حالتها وهي تختار الأنسب لحياتها، وذلك لسببين أساسيين، السبب الأول قانوني والثاني نفسي، إذ لا يمكننا إجبارها على القيام بما لا تريده، فإن كنا ننقذها من العنف اللفظي والجسدي، في حال إجبارها على القيام بما لا تريد نحن نعرّضها لعنف نفسي".
 
"السرية تسقط بحالتين"
وتلفت إلى أن السرية تسقط بحالتين فقط "عندما تكون المرأة بخطر "انتحار" ومهددة بالقتل، وذلك عبر اللجوء إلى الاستشارة القانونية أو يمكن أن نكون رابطاً بينها وبين القوى الأمنية". 
وتوضح "الأخصائيون هم كل الأشخاص العاملين بالخطوط الأمامية مع النساء اللواتي يتعرضن للعنف المبني على النوع الاجتماعي، يمكن أن يكونوا أخصائيين اجتماعيين، أو أخصائيين نفسيين، أو أشخاص متخصصين يعملون ضمن منظمات وجمعيات على إدارة الحالة. إدارة الحالة هي مسار نقدم من خلاله عدة خدمات متخصصة للنساء من خلال تحديد الأولويات معهن، وتقييم الخطر الذي يعشنه وبناءً عليه نرى إن كان هناك حاجة إلى إحالة أو تدخل سريع، للحد من الخطر أو إلغاء العنف الذي تعيشه". 
وتلفت إلى أن تحديات واجهها فريق إدارة الحالة بهذا المجال، إذ لم يكن سهلاً أن ننتقل من مقابلة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي وجهاً لوجه واللجوء إلى تقديم هذه الخدمات عن بُعد، حاولنا أن نتجاوز تلك الصعوبات عبر التدريبات. ولكن من خلال المتابعة عن بُعد رصدنا أن لدى بعض النساء سهولة أكبر بالتواصل معنا عبر الهاتف، نظراً لصعوبة المواصلات، فكانت هذه الطريقة أكثر إيجابية للبعض، كما أن التواصل عن بُعد تكلفته أقل على النساء في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية السيئة التي نعيشها". 
وتتابع "التحديات التي لمسناها كانت غياب تعابير الوجه التي يمكن أن تساعد مقدم الخدمة في معرفة ما يراود الحالة من خلال المقابلات المباشرة، لكن على الهاتف هناك تقنيات قمنا بالتدريب عليها في كيفية تلقي الاتصال، كيفية تقديم الدعم النفسي الاجتماعي من خلال التواصل عبر الهاتف، وهناك إرشادات معينة في كيفية استخدام الألفاظ التي تريح المرأة وكيف نضع معها في حال كانت بخطر خطة السلامة، لكي تستطيع أن تأخذ القرار المناسب لوضعها".
 
"الدليل موجه للأخصائيين"
وحول كيفية الوصول إلى الدليل وإن كان أي شخص يستطيع أن يساعد من خلال قراءته تقول "الدليل موجود على موقع منظمة أبعاد، ولكن لا يمكن استخدامه من قبل الأشخاص العاديين بل هو موجه للأخصائيين الذين يعملون في إطار إدارة الحالة، إدارة الحالة هو مسار كما ذكرنا سابقاً، وبالتالي لا يمكن لأي شخص يقرأ الدليل أن يطبقه مع النساء لأنه بحاجة إلى تدريب".
وتتابع "فيما يتعلق بالحالات الانتحارية، لا يمكن لأي شخص أن يقرأ الدليل ويحاول أن يطبقه مع شخص يفكر بالانتحار. إذ خضع فريق الأخصائيين لتدريبات حول هذا الموضوع تحديداً عبر تبادل الأدوار، فهناك فرق كبير بين القراءة والتطبيق، أحياناً كنا نقوم بالتدريبات عن بُعد ولكن هذا الأمر كشف لنا التحديات، تبادل الأدوار بين الأخصائيين/ات منحهم/ن مهارات في الألفاظ التي يجب استخدامها، إعادة صياغة المعلومات للمتصلة للتأكيد على ما ذكرته، وفي حال انقطاع الاتصال إن كان يجب معاودة الاتصال بها الذي يمكن أن يعرّضها للخطر أم لا... الدليل شامل وكامل ويلخص معنى العنف القائم على النوع الاجتماعي، وكيفية التدخل، وننتقل من كيفية التدخل وجهاً لوجه إلى كيفية التدخل عن بُعد وكيفية وضع خطة عمل. حتى بعد كورونا سنستمر بالدعم النفسي الاجتماعي وإدارة الحالة عن بُعد، لأننا لمسنا أن هناك حاجة وبأن هناك عدد كبير من النساء اللواتي يفضّلن التواصل معنا عبر الهاتف نظراً لعدم إمكانيتهن الوصول إلى أحد مراكز أبعاد".
وعن التعاون مع الجمعيات والمنظمات الأخرى من خلال التدريبات، تقول "نرّكز في أبعاد على إنشاء شبكة شراكات مع كل منظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية وهي فريق أساسي وكذلك منظمات المجتمع الدولي، وكل الجمعيات التي تعمل في مجال إدارة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي أو تتعامل مع سيدات تعرضن للعنف ولاسيما في ظل الظروف المعيشية الصعبة في لبنان، فمن الأهمية أن تتلقى هذه الجمعيات التدريب لكي تؤمن الخدمة بطريقة سهلة وتضمن حماية وسلامة الناجيات وكذلك تؤمن الإحالة الآمنة لجمعيات متخصصة وفقاً لمتطلبات الحالة".