آمال شريف: علينا التسلح بالأمل لتحقيق أحلامنا
تعاني فئة ذوي الإعاقة في لبنان من تحديات جمة، تطال مجالات الحياة المختلفة، ولا سيما النساء منهن، وتحاولن مواجهة ما تتعرضن له من تنمر وتمييز وتحرش بكافة الوسائل.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ يتعرض الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان وخاصةً النساء منهن، للعديد من التحديات، وسط مجتمع يعاملهن بطرق متعددة تتراوح بين التنمر والتمييز والتحرش، كما أن المعوقات اللوجستية تحد من حركتهن بسبب عدم وجود بنية تحتية تساعدهن في تأمين احتياجاتهن سواء في المؤسسات الرسمية أو الخاصة.
آمال شريف تعاني من إعاقة حركية لكن ذلك لم يمنعها من العمل وتحقيق طموحها في العديد من المجالات، حيث درست في مجال البرمجة وعملت كمصممة غرافيك، شاركت في العديد من الأعمال خارج لبنان وحول ذلك قالت "فكرة أن لدي أعاقة كانت تقف حاجزاً بيني وبين الموافقة، لكن بعد محاولات عديدة اتجهت إلى السعودية عملت لفترة ثم عدت إلى لبنان، وفي الفترة الأخيرة عملت في قطر، وبعد عدة سنوات استقلت من العمل في هذا المجال واتجهت لتحقيق حلماً آخر".
وأوضحت "قررت العمل في مجال التكنولوجيا والابتكار، وقدمت على مسابقة ووصلت إلى النهائيات وكانت تتعلق بالـ Accessibility أي حق الوصول، اقترحت علي الشركة المستثمرة أن يكون هذا المشروع الناشئ جمعية بدلاً من شركة استثمارية، وهكذا أسست جمعية "حالتك HalTek" والتي أنا مديرتها وجميع أعضاءها ومؤسسيها من نساء لديهن إعاقة".
وبينت أنه خلال عملها في الشركات كانت دائماً تواجه تحديات كونها تعاني من إعاقة مرتبطة بالتمييز، "عندما ذهبت إلى السعودية كنت أعمل بعقد براتب كبير، وسمعت إحداهن تقول "هيدي بتاخد أكتر مني؟"، لم يخطر في بالي أنها تتحدث عني، ولكن بعدها فوجئت لأن أموراً حدثت بعد هذه الواقعة حيث تم تخفيض راتبي إلى الثلث، فقدمت استقالتي من العمل، في أماكن أخرى عملت فيها لم يتم النظر إليّ على أن لدي إعاقة، وكنت أسافر وأعود ويتم الاعتماد عليّ بمشاريع كبيرة، ولم أشعر أن هناك هذا التمييز، الموضوع غير مرتبط بالبلد، ولكنه مرتبط بعقلية الناس الذين يعملون معك".
يواجه الأشخاص ذوي الإعاقة العديد من التحديات وخاصة الذين لديهم إعاقة حركية، وحول ذلك تقول "انقطاع الكهرباء بشكل متكرر، يؤثر بشكل كبير على حياتهم، فمثلا من يقطن في الطابق العاشر وخرج من المنزل، يتفاجأ بأن التيار الكهربائي فيتوقف المصعد عن العمل، هذا وحده كفيل بأن يدفع ذوي الإعاقة لعدم الخروج من المنزل، فضلاً عما نواجهه من مشكلات أثناء السير في الشوارع، بالإضافة إلى أن غالبية المؤسسات العامة ليس من السهل الوصول إليها كونها غير مجهزة".
وعن الجمعية التي أسستها، قالت "سعيت لتأسيس عمل خاص بي، لذلك أسست جمعية حالتك، التي كانت تضم في بدايتها الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، وفيما بعد تم انضم بعض الأشخاص الذين لديهم إعاقات مختلفة، ونعمل من خلال الجمعية على موضوع التعليم والصحة والتوعية".
وحول النشاطات التي قامت بها الجمعية بينت أنه "أطلقنا حملة توعية ركزت على موضوع كسر الصورة النمطية للأفراد ذوي الإعاقة والتركيز على الكلام الذي يقال وعلى الكلام الذي يجب ألاّ يقال والتي تحوي معنى مبطن مثل "يا ضيعانك الله يشفيكي"، وهذا العام كان لدينا الكثير من الأنشطة وورش عمل وتدريبات مع نساء من البقاع، بيروت، الشمال، عكار والضنية، حيث تم تغطية كافة المناطق اللبنانية، واستفادت من هذه الأنشطة حوالي 47 فتاة من ذوي الإعاقة".
وأضافت "على مدى عامين من العمل في الجمعية، عملنا على موضوع التحرش والتمييز، وتقديم الخدمات، أي الحصول على خدمات طبية والفوط الصحية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية وانعكاسها على الأشخاص ذوي الإعاقة والنساء منهم بشكل خاص، فضلاً عن العنف، وخاصة خلال فترة تفشي "كورونا" حيث اضطررن للبقاء في المنازل، فهناك فتيات قلن لي إنهن اضطررن للبقاء في غرفهن لأن البيت مزدحم، وهذا يعتبر عنف نفسي وجسدي".
وحول الأجهزة التي يحتاجها ذوي الإعاقة قالت "بات الحصول عليها أمر صعب جداً ومكلف، ففي بعض الأحيان الجمعيات توفرها من خلال مؤسسات دولية تشترط توزيعها بتقديم إثباتات تؤكد وجود إعاقة، كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية تراجع دورها حيث كان هناك مشاريع مرتبطة بمؤسسات دولية لجهة دعم أشخاص ذوي الإعاقة، ولكنهم حددوا العمر لغاية الـ 27 عاماً، فغالبية كبار السن من ذوي الإعاقة لم يفكر أحد بهم".
وعن نشاطاتها الأخيرة قالت "سافرت في نيسان الماضي إلى نيويورك، وشاركت في مؤتمر للأمم المتحدة حول السكان والتعلم، ونشاط جانبي حول إدخال مناهج الصحة الجنسية والإنجابية للأشخاص ذوي الإعاقة، وقدمت باسم الجمعية عرضاً للواقع اللبناني، كون التركيز كان على المناهج التربوية وإدخال التربية الجنسية لجوانب الصحة الجنسية والإنجابية للأشخاص ذوي الإعاقة في المناهج، والسبب في تركيزنا على هذه القضية، هو نسبة التحرش المرتفعة التي يتعرض له الأشخاص ذوي الإعاقة، وأحيانا لا يعرفون حتى أنه تحرش، وقمت بسرد الحالات خلال العامين الماضيين، تفاجأنا بأنواع التحرش، وليس شرطاً أن يكون جنسياً، بل يكون على شكل تنمر، أو لمس أو لفظ أو عنف، وقد أثنى الكثيرون على مشاركاتنا".
وأضافت "أعمل حاليا مع شركات محلية وخارج لبنان، لتأمين احتياجاتي الأساسية، لكي لا أكون عالة على أحد"، مشيرة إلى تجربتها السياسية، حيث ترشحت لعضوية المجلس البلدي لمدينة بيروت في العام 2016، ولم يكتب لها النجاح، ولكنها ستترشح في الانتخابات القادمة، لتكون صوتا لذوي الإعاقة، للمطالبة بتأهيل البنية التحتية من أرصفة وطرق، ولاسيما المباني الحكومية غير المجهزة رغم صدور القانون 220 على 2000 المتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة الذي لم يُطبق.
ووجهت في ختام حديثها رسالة للأشخاص من ذوي الإعاقة قالت فيها "نواجه تحديات كبيرة، ولكن علينا التسلح بالأمل، لتحقيق أحلامنا".