العزلة تقتلهم... أطفال إدلب يدمنون الهواتف الذكية

في الوقت الذي أصبحت فيه الهواتف الذكية بمتناول جميع الفئات العمرية بما فيهم الأطفال، فإنّ أغلب الأمهات لم يعدنَّ يستطعنَّ ضبط أطفالهم ومراقبتهم بشكل مستمر ومنعهم من مشاهدة مختلف البرامج ومقاطع الفيديو والتصفح على الإنترنت

سهير الإدلبي
إدلب ـ ، وهو ما أثار مخاوفهن من أن يغدو أطفالهن عرضةً للمواقع الإباحية أو التنمّر الإلكتروني أو الابتزاز الجنسي. 
تشكو الكثير من النساء في الشمال السوري من إدمان أطفالهنّ على الأجهزة الذكية في ظل النزوح والعزلة وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام البدائل والرحلات والملاهي والترفيه جراء الحرب.
تقول صفاء كشتو (35) عاماً، أنّها ورغم كل محاولاتها لإبعاد طفلها مهند البالغ من العمر ثلاث سنوات عن جهاز الهاتف، لم تستطع ذلك لولّعه الكبير به بعد أن بات يستخدمه للتسلية واللعب.
وأضافت "أعرف أنني المذنبة الوحيدة بتعويد طفلي على اللعب بالهاتف ظناً منّي أن أشغله قليلاً ريثما أنهي بعض واجباتي المنزلية ولكن الأمر أخذ أبعاد أكبر من المتوقع حين أصبح الهاتف صديق مهند الوحيد ويأبى التخلي عنه إلا حين نومه فقط".
وأكّدت أنّها حاولت مراراً إشغاله بأشياء أخرى كالألعاب والرسم، ولكنّه كان يبكي بشدة ويرفض كل ما يقدم إليه عدا الهاتف الذي غدا عالمه المفضّل بعد شعوره بالملل والضجر باعتباره الطفل الوحيد لوالديه ولا أطفال أقرباء حوله يلعب معهم وفق تعبيرها. 
من جهتها لا ترى حنين القدور (28) عاماً، مشكلة في تسلية طفليها بعض الوقت على الهاتف كونها تراقب باستمرار ما يشاهدونه وتخصص لهما برامج محددة كبرنامج الأطفال وبعض الألعاب المسلية، "الهواتف الذكية وشاشات الكمبيوتر أدوات رائعة ليكتشف الطفل العالم، وذلك خيرٌ ألف مرة من لعب الأطفال في الشوارع وتعرّضهم لخطر الدهس بالسيارات أو الشجار مع الأطفال الآخرين". 
وتشير إلى أنّ الحرب والنزوح غيرت الكثير من الأمور فيما يتعلّق بحياة الأطفال الذين كانوا وما زالوا الضحية الأكبر للحرب بتعرّضهم لشتى أنواع الخوف والهلع والضغوطات النفسية والضياع، "نحن الأهالي لم نعد نؤمن على أطفالنا خارج أبواب المنازل جراء ما نسمعه عن حوادث سير ودهس للأطفال بشكل يومي نتيجة الكثافة السكانية في الشمال السوري، إضافة لحالات خطف متعددة، ويعود ذلك كله إلى خلو المنطقة من الحدائق العامة وحدائق الألعاب المجانية، ولذا فإنّ التسلية بالهواتف الذكية تبقى أفضل الحلول الممكنة" وفق ما تراه حنين القدور.
الطبيبة رؤى الجابر (29) عاماً، أطلقت اسم "متلازمة الشاشة الإلكترونية" على موضوع تعلّق الأطفال الشديد بمشاهدة الهواتف الذكية لأوقات طويلة في اليوم، وحذّرت من عواقبها التي تؤدي بشكل واضح إلى زيادة الضغط على المخ وخلل في الجهاز العصبي للأطفال، وتشمل أعراضه عادة ضعف التركيز، العصبية، السلوك العدواني، الإحباط، كثرة البكاء، والغضب السريع كما ويقل مستواهم التعليمي.
وأعطت الطبيبة رؤى الجابر بعض النصائح والحلول للأمهات لمنع استخدام الأطفال للشاشات قبل إتمام 18شهراً؛ لما تسببه من متاعب في النوم ومشكلات في نمو الدماغ وفقدان تحفيز الطفل بمؤثرات أخرى، أما بالنسبة للأطفال الأكبر عمراً فهي تفضّل استبدال الشاشات بالخروج والاحتكاك بالعالم الخارجي على أن يكون استخدام الشاشات مجرد مكافأة ولمدة ساعة واحدة فقط وليس أمراً اعتياداً.
وشددت رؤى الجابر على ضرورة التركيز في الأنشطة الإنتاجية والبدنية كاللعب في الساحات والحدائق والملاعب وممارسة الأنشطة التعليمية والاجتماعية والحرص على الاجتماعات العائلية والبقاء قرب الأطفال قدر الإمكان وعدم الانشغال عنهم بتكريس وقت خاص لهم مما يجعلهم يصغون لقواعد الحد من استخدام الشاشات.