اليمن... النازحات في مواجهة الحرب والجوع والفيضانات
فاقمت الفيضانات التي شهدتها اليمن في الآونة الأخيرة معاناة النازحات اللواتي تفتقر خيامهن لأبسط مقومات الحياة، وتعشن فيها ظروفاً إنسانية صعبة.
هالة الحاشدي
اليمن ـ أكدت النازحات في اليمن أنهن تواجهن ظروفاً قاسية داخل الخيام بعد فرارهن من منازلهن بسبب الحرب الدائرة في البلاد لتقعن في مواجهة الفيضانات والأمطار الغزيرة داخل خيام لا تقيهن من برد الشتاء ولا حرارة الصيف.
تواجه النازحات في اليمن تحديات كارثية تفاقمت بفعل الأزمات المناخية وانتشار الجوع، والحروب وفي ظل تلك الظروف القاسية تتحمل النساء أعباء ضخمة مما يفاقم معاناتهن ويضع حياتهن وحياة أطفالهن في خطر متواصل، وتتمثل التغيرات المناخية في كميات الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تجتاح مخيمات اللاجئين ذات البنية التحتية الضعيفة، مما يجعلها غير قادرة على توفير الأمان، وبالتالي يتفاقم الوضع الخطر الذي تواجهه النساء والأطفال.
وتعاني النازحات من نقص حاد في الغذاء نتيجة الحروب المستمرة، ما يزيد من الضغوط النفسية والجسدية عليهن، وأدى سوء التغذية وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ظهور مستويات مقلقة من انعدام الأمن الغذائي، وتعتمد الأسر بشكل رئيسي على المساعدات الإنسانية غير المستقرة وغير الكافية، ووسط هذه الأزمات تجد النساء أنفسهن عرضة للعديد من أشكال العنف والإساءة، سواء داخل المخيمات أو خارجها في غياب تام للحماية الأساسية.
وفي سياق الكوارث الطبيعية مثل السيول الجارفة التي ضربت العديد من المدن اليمنية تأثرت النساء في تلك المدن بصورة خاصة حيث شكلن حوالي 70% من مجموع المتضررين، ففي آب/أغسطس من عام 2023 ضربت السيول مدينة الجوف مما أدى إلى تدمير عدد كبير من المنازل وتشريد 275 شخصاً دون تسجيل خسائر في الأرواح، ومع ذلك كانت الأضرار المادية جسيمة، حيث انهارت العديد من المنازل وهدد الأمن الغذائي في المنطقة.
وفي مدينة تعز أدت السيول في أيلول/سبتمبر 2022 إلى تشريد 26 أسرة في مديرية موزع، وتعيش تلك الأسر الآن في ظروف قاسية، وباتت النساء والأطفال الأكثر تضرراً من نقص المأوى والخدمات الأساسية، أما في مدينة أبين، اجتاحت الفيضانات مناطق واسعة متسببة في دمار هائل وتأثر أكثر من ألف أسرة بهذه الكارثة وبات الوضع الإنساني الحرج ينعكس بشكل كبير على النساء والأطفال الذين يشكلون نسبة كبيرة من المتضررين.
وبحسب تقارير ميدانية في آب/أغسطس 2023 لقي 29 شخصاً حتفهم في العديد من المدن منها (أبين، المحويت ذمار، ريمة، صنعاء، شبوة)، وتأثرت حوالي 28 ألف أسرة أي ما يعادل حوالي 201 ألف شخص، شكلت النساء والأطفال نسبة وصلت إلى 70%، مما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية في اليمن ويبرز الحاجة الملحة لدعم متخصص يركز على حماية الفئات الأكثر تأثراً.
وحول هذا الموضوع، تقول إحدى النازحات نعمة عبد الله "نتيجة الحرب أصبحنا في حالة يرثى لها، غارقين في الفوضى التي تعيقنا عن الخروج منها، نحن بحاجة ماسة إلى أساسيات الحياة اليومية، مثل البطانيات والدعائم الأساسية للبقاء، فنحن جياع ولا نملك شيئاً، أوضاعنا مزرية ولم يقدم لنا أي دعم يذكر، المطر يتساقط ونحن بلا مأوى، نعاني من الأمطار الغزيرة يوماً بعد آخر ونحن عاجزون عن الوقاية منها، بتنا لا نملك فراشاً ولا مأوى، أعيش مع خمسة أبناء في هذه الظروف الصعبة بلا أي حقوق".
وأشارت إلى أن حياتهم قاسية جداً بسبب النزوح والحرب المستمرة منذ سنوات حيث يعانون من المطر والظروف المعيشية الصعبة "نعاني من البرد القارس في الشتاء وحرارة الصيف التي تؤثر بشدة على حالتنا، ونواجه الأمطار الغزيرة التي تفاقم معاناتنا فلا نملك حتى خياماً تؤوينا".
بدورها قالت النازحة ملاك سرحان "نكافح للبقاء أحياء تحت البرد القارس في فصل الشتاء والأمطار، نعاني من التعب والمرض، ونفتقر حتى إلى خيمة تأوينا، حالتنا سيئة جداً، ونحتاج إلى دعم فوري للتعامل مع هذه الظروف القاسية، الأمطار لم تتوقف ونحن بلا أي معدات لنحتمي من هذه الظروف الجوية القاسية، نحتاج إلى معونة عاجلة ومأوى يحفظنا من المطر والبرد وحر الصيف، نعيش في حالة من اليأس ولا نعلم كيف سنتجاوز هذه المحنة".