العوز مصير معلمات متقاعدات في إدلب

تواجه معلمات متقاعدات في إدلب العوز والفقر دون دخل ثابت يؤمن لهن حياة كريمة ويمكنهن من تأمين أبسط الاحتياجات اليومية، لتجد كثيرات أنفسهن مضطرات لمزاولة أعمال أخرى لا تتناسب مع مكانتهن في المجتمع وتحصيلهن العلمي.

لينا الخطيب

إدلب ـ تعاني المعلمات المتقاعدات في إدلب من العوز والفقر بسبب انقطاع رواتبهن وعدم الحصول على تعويض نهاية الخدمة، بعد أن عملت مديرية التربية التابعة لحكومة "الإنقاذ" الذراع المدني لهيئة تحرير الشام على إنهاء خدمة العاملين في مديرية التربية، ممن بلغوا سن الـ60 عاماً، دون منح المتقاعدين أي راتب تقاعدي، أو أي مكافأة مالية عند نهاية الخدمة.

"يحز في نفسي أن أُحال إلى التقاعد دون أي راتب أو تعويض، بعد أن قضيت حياتي في التدريس وسط أقسى الظروف ورغم القصف والحرب" بهذه الكلمات تصف منيرة الخلوف (61) عاماً من مدينة سرمدا معاناتها، متحدثة عن استغناء مديرية التربية عن خدماتها في قطاع التعليم، مضيفة "قضيت أكثر من 35 عاماً في عملي كمعلمة، وحين بلغت سن التقاعد لم أحصل على أي تعويض يساعدني في العيش بكرامة وتأمين احتياجات الحياة الضرورية".

وأوضحت أن زوجها عاجز عن العمل بسبب مرضه بالسرطان، لذا تجمع المصروف الشهري من أولادها، حتى تتمكن من تأمين الأدوية لزوجها ونفقات المنزل.

وبينت أن المعلمين والمدرسين في معظم مناطق إدلب وريفها يعانون من انخفاض قيمة رواتبهم التي تعد قليلة مقارنة بغيرها من الوظائف، فضلاً عن وجود عدد كبير من المدارس غير مدعومة من أي جهة، وبإقالتهم وإنهاء خدمتهم سيجدون أنفسهم عاجزين عن تأمين مصاريف إيجار المنزل والكهرباء والمياه والرعاية الصحية أو سيجبرون على البحث عن عمل آخر لا يتناسب مع إمكاناتهم.

المعلمة المتقاعدة عبيدة الطحان (65) عاماً من مدينة إدلب، وصلت إلى سن التقاعد في التعليم، ووجدت نفسها عاطلة عن العمل، ومفصولة من المدرسة بعد أن درّست مئات الطلاب الذين أصبحوا اليوم في الجامعات، وعن ذلك قالت "حالي كحال كثير من المعلمين والمعلمات الذين تحملوا سنوات من العمل التطوعي والتدريس في ظل الظروف الصعبة، ليكون مصيرنا الطرد والفصل من العمل دون أي تعويض يساعدنا على الإنفاق على أنفسنا".

وأكدت أنها تضطر للعمل في ورشة للخياطة رغم كبر سنها، ومرضها بارتفاع ضغط الدم والسكري، لتأمين احتياجاتها دون أن مد يد الحاجة لأحد.

وبينت أن معظم الأسر في إدلب تعاني من تردٍ كبير في الأوضاع الاقتصادية نتيجة الغلاء الكبير في الأسعار وانتشار البطالة والفقر وانعدام فرص العمل، إضافة لقلة المساعدات الإنسانية، فكيف سيكون وضع المعلم الذي ترك لمصيره دون أي مصدر للدخل.

روان العباس (60) عاماً نازحة من مدينة معرة النعمان إلى بلدة كللي شمالي إدلب، مدرسة لغة عربية، تعتمد في معيشتها على المساعدات الإنسانية التي تحصل عليها من قبل المنظمات، وعن ذلك قالت "بعد انقطاع راتبي لم أعد قادرة على دفع بدل إيجار المنزل الذي أقيم فيه مع ابنتي من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما دفعني لترك المنزل المستأجر والانتقال للعيش في مخيم قريب من البلدة"، مبينة أنها وجدت نفسها مضطرة للتأقلم مع العيش داخل الخيمة التي تفتقد أدنى متطلبات العيش الكريم.

وأشارت إلى أنه رغم توقف راتبها إلا أنها قررت أن تعلم أطفال المخيم الذي تقيم فيه "ما ذنب هؤلاء الأطفال حتى يحرموا من أبسط حقوقهم، ويكون مصيرهم الجهل والأمية".

من جانبها أوضحت مديرة مدرسة للتعليم الأساسي عبيدة كلثوم (45) عاماً من مدينة إدلب معاناة المعلمين المتقاعدين "سلبت حقوق المعلمين وضاعت في زمن الحرب، فقرار مديرية التربية ظالم ومجحف بحق المعلم بعد كل الشقاء والتعب".

وتتهم عبيدة كلثوم حكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة تحرير الشام بأنها تسعى لتهميش العملية التعليمية في المنطقة، من خلال سعيها لتحقيق غايات ومكاسب على حساب القطاع التعليمي العام وإهمالها لمطالب المعلمين في تأمين أبسط مقومات التعليم في المنطقة، مؤكدة أن المعلم لا يمكن أن يبقى دون حقوق أو مستحقات يضمن من خلالها العيش الكريم له ولعائلته.

وأشارت إلى أن المعلمين والمعلمات في إدلب نظموا عدة وقفات احتجاجية أمام مبنى مديرية التربية في إدلب للمطالبة بحقوقهم وإيصال صوتهم، واتهموا الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية بالتقصير، ولكن دون فائدة أو أي وعود بتحسين أحوالهم أو منحهم جزءاً من حقوقهم.